Tarikh Tibb Cinda Umam Qadima Wa Haditha
تاريخ الطب عند الأمم القديمة والحديثة
Genres
إن الطب الصيني اليوم هو أشبه به منذ آلاف من السنين لحرص الصينيين على تقاليدهم، على أن الأطباء القدماء كانوا يشاركون بكل نوع من الطب، وأطباء اليوم اختصاصيون، ومن مبادئهم الاقتصار على فحص النبض فقط، ولهم فيه مؤلف قديم قبل الميلاد، ومن معتقداتهم أن أسباب الأمراض البرد والريح والرطوبة، وعندهم نباتات يستعملونها خارجا إما لتوقيف الاستطلاق (الإسهال) بالتضميد، أو للوقاية من السكر والخوف والتخويف، والحمل على العشق أو كرهه، واشتغل ملوكهم بالنبات حتى إن أحدهم ألف فيه كتابا في ستين مجلدا، ولكنهم لا يحرصون على النظافة فتتفشى بينهم الأمراض الوبيلة، كالحمى التيفوئيدية والزحير ونحوها، ويكثر التناسل عندهم مع كثرة موت الأطفال، وكانوا ينسبون حدوث الأمراض إلى الفصول، فيقولون: إن أمراض الصدر والرئتين هي من الشتاء، والحميات من الخريف، والصداع والعصبي من الربيع، والأمراض الجلدية من الصيف، ويكرهون الحقن والفصد ويعتمدون على الحمامات والحجامة، وأتقنوا الخصي كل الإتقان، ولكنهم جهلوا التشريح لتحريمهم فتح الجثث، وعرفوا بعض الآلات الجراحية البسيطة كالمبضع، وقالوا: إن الحامض لتغذية العضلات والحلو لتغذية غيرها والمالح لتغذية العروق الدموية، والمر لتقوية الجسم عموما والحريف لتغذية العظم، وعجزوا عن شفاء الساد (الماء الأزرق) في العينين (الكتركتا)، ومن غريب ما يطلب من أطبائهم أن يصرح كل منهم بعيادته الأولى للمريض أمام أهل البيت بالمرض وأسبابه ونهايته، وقد خصصت القبالة عندهم بالنساء فقط، ولهم فيها مزاعم وخرافات ومركبات الأدوية الصينية تربو على خمسمائة نوع من النباتات الطبية والتراكيب المختلفة، مثل قرن الوعل وذرور الأظافر وشوارب النمور، وكثير ما يفرط باستعمالها حتى تميت المرضى، وعرف العرب شيئا من الطب الصيني بدليل أن بعض اللغويين ذكر اسم «الكبابه» أنه دواء صيني فارسيته «كبابه» ويقال: «كبابيه» ومعربه «حب العروس»، وأحسنه الفلفل المذنب الذي يجلب من جزيرة شلاهاط الصينية، واسم الجدري عندهم «تشوهوا»، ولعل منها كلمة تشويه العربية، وعرفوا التلقيح قبل أن يكتشفه جنر مؤخرا. (7) الطب عند الأحباش
لا شك في أن طب الأحباش مأخوذ عن الطب المصري الذي شاع في إفريقية، وكانوا يمزجونه بأديانهم في زمن دولتهم القديمة الإثيوبية، وكانوا يحنطون بطلاء الجثة بالصمغ لكثرته عندهم، ويلفونها بإحكام بجلود من الماعز، وحنط بطريقتهم سكان جزائر كنارية المعروفون بالغواشنة أيضا، وكان أطباء العرب يستعملون الحجر الإثيوبي لشق الجثة عند التحنيط، وكلمة «الموميا» حبشية الأصل بمعنى «الطين»، ولا يزال بعض الأسماء النباتية عند المصريين والعرب حبشي الأصل. (8) الطب عند السكيثيين والتتر والترك
طب هؤلاء على طرائق الكلدان والآشوريين والبابليين والهنود من مجاوريهم، الذين اتصل قدماؤهم بهم فكانت علاجاتهم مثلهم ممزوجة بعقائدهم، ولما كانت لغتهم القديمة الفارسية كانت أهم أسماء العقاقير مثل ما هي عند الفرس، ومن أمثالهم الطبية «من يأكل وهو شبع يحفر قبره بأسنانه.» وكانوا يحنطون الجثث بخياطتها هرمسيا في كيس من جلد، واستخدموا أطباء النصارى وغيرهم ، ففي القرن السابع للهجرة كان من أطباء هولاكو وأولاده المشهورين فخر الدين الأخلاطي وتقي الدين الحشائشي المشهور بعمل الترياق، ونفيس الدين بن طليب الدمشقي وولده صفي الدين النصراني الملكي، والموفق النصيبي النصراني أيضا وغيرهم. (9) الطب عند اليونانيين
تمهيد
المشهور عند اليونانيين من القديم أسقليبوس (أسكولاب) إله الطب، وهو ابن أبولون، وفي أساطيرهم أنه عندما لم يسر بشفاء المرضى استعاض عنه بإقامة الموتى، فغضب عليه المشتري وصعقه بصلاة «بليطون»، وكانت تلك الصاعقة باعتقاد القدماء مركبة من ثلاثة أجزاء من البرد، وثلاثة من المطر وثلاثة من النار، وثلاثة من الريح، فكرس كل من الديك الذي هو رمز السهر، والحية التي هي رمز الفطنة حياته لأسقليبوس؛ فلذلك صوروه أحيانا بهيئة رجل جعد الشعر متكئ على جذع شجرة قائمة بجانبه.
وقال يحيى النحوي: «إن أول من أظهر الطب على ما تناهى إلينا في الكتب المكتوبة والأحاديث المشهورة من العلماء الثقات هو أسقليبوس الأول، وهو الذي استخرج الطب بالتجربة، ومنه إلى جالينوس خاتم الأطباء ثمانية أطباء، وقيل: إن اسمه اليوناني مشتق من اسم العلاجات. ا.ه.»
وروى آخرون أن أسقليبوس بعد أن هبط عليه الطب، وأودعه في أهله رفع إلى السماء،
2
فتواثق أعقابه من بعده أن يحفظوا سره في عشيرتهم فقط، فانحصر الطب في الكهنة من سلائله، وكانت المواضع التي يدرس فيها الطب عندهم ثلاثة: أحدها مدينة رودس، والثاني كوس، والثالث فيرس في تساليه، وكانوا يصورون في هذه المدينة على نقودهم الخربق، وهو نبات يشفي من الجنون رمز الطب، أو أنه يدل على المارستان، ولم يسمح أن يكون في هذه المدن الثلاث سوى أطباء من سلائل أسقليبوس الذي ألهوه على عادتهم.
وأظهر الدكتور رودلف هيكله في جزيرة كوس اليونانية المكرسة لسلائله كما سبق، وكشف كتابات طبية من العلاجات، وتلك المدينة كانت محل مولد أبقراط أبي الطب.
Unknown page