145

الواقعة وعن دهشة الصاحب وتعجبه لقابوس ، وكتب هو بصدد ذلك الأمر إلى عبد السلام قائلا : [قرأت يا أخى كتابك ، وفهمت كلامك فإما إعجاب ذلك الفاضل بالفصول التى عرضتها عليه إذكارا بالمهم الذى كنا ألغيناه عليه فلم يكن فيما أحسبه إلا لخلة واحدة وهى أنه وجد فنا فى غير أهله فاستغربه وفرعا فى غير أصله فاستبدعه ، وقد يستندب الشريب من منبع الزعاق ويستطاب الهيل من مخرج النهاق ، ولكنك فيما أقدمت عليه من بسط اللسان بحضرته وإرخاء العنان بمشهده كنت كمن صالب بوقاحته الحجر وحاسن بقباحته القمر ولا حلم فيما مضى ولا عتب فيما سلف وانقضى].

ومرة أخرى عرض عبد السلام هذه الورقة على الصاحب فلما قرأ الصاحب الرسالة كتب الجواب التالى : قرأت الفصل الذى تجشمه جامع هزة العرب إلى نمرة العجم وناظم صليل السيف إلى صرير القلم ، فحرت بين محاسن خط لا البرد الشيع يتلقى ذيلها ولا الروض المريع يأمل نيلها ، وعقائل لفظ إن وصفتها فما أنصفتها والله يمتعه بالفضل الذى استعلى على عاتقه وغاربه واستولى على مشارقه ومغاربه ، ولم يكن استحسانى لما رأيت والمجابى بما روئيت استغرابا بالمذبحة واستبداعا لمطلعة بل لأنه عجيب فى نفسه شريف فى جنسه ، وقد حفظت الفصل حيث سواد الناظر أو أعز وسويداء قلبى أو أحرز وعسى أن ينجز الدهر وعدا ويعيد التعارف ودا فقد سمعت بالبعيد القريب وفرحة الأديب بالأديب وما ذلك على الله بعزيز].

وذات وقت استاء منه خالة الإصفهبد رستم بن شروين ووقعت بينهما مشادة فكتب إليه يقول : [الإنسان خلق ألوفا وطبع عطوفا فما للاصفهبد لا يجنى عوده ولا يرجى وعوده ، ولا يخال لعتبه مخيلة ولا يحال تنكره بحيلة أمن صخر قلبه؟ فليس يلينه العقاب أم من حديد جانبه فلا يمكنه إلا العقاب؟ أم من صفاته الدهر ممن نبوة فقد نبا عنه غرب كل حجاج أم من قساوته مزاج أباة فقد أبى على كل علاج ، وما هذا الاختيار الذى يعد الوهم فهما والتمييز الذى يحسب الخير شرا ، وما هذا الرأى الذى يزين له قبح العقوق ويمقت إليه رعاية الحقوق وما هذا الإعراض الذى صار ضربة لازب ، والنسيان الذى أنساه كل واجب ، أين الطبع الذى هو للصدود صدود وللتأليف ألوف

Page 154