106

Tārīkh Sīnāʾ waʾl-ʿArab

تاريخ سينا والعرب

Genres

وأما «البدارة» ويبلغ عددهم نحو خمسين بيتا، فيسكنون جبال العجمة، وربما سميت الجبال بالعجمة نسبة إليهم؛ لأنهم كانوا يتكلمون لغة أعجمية، وقد كانوا أولا حلفاء التياها، ثم اختلفوا معهم منذ عهد قريب، فحالفوا الصفايحة اللحيوات، ولهم علاقة «حسنى» مع العليقات.

وقد سكن أهل البلاد الأصليون في المغاور والكهوف، وفي منازل محكمة البناء من الحجر الغشيم والطين على هيئة قفير النحل، تعرف عند العرب بالنواويس، ولا يزال كثير منها قائما على رءوس الجبال وضفاف الأودية الشهيرة إلى اليوم كما مر، وهي ترجع في تاريخها إلى خمسة آلاف سنة قبل المسيح أو أكثر. (2) سكانها العرب المسلمون الذين هجروها

وفي تقاليد بدو سيناء أنه قد هاجر من العرب المسلمين 75 قبيلة من نجد والحجاز في سنة واحدة، فسكنوا مصر وسيناء وجنوب فلسطين، على أن القبائل التي سكنت سيناء لم تثبت فيها كلها، بل هاجر كثير منهم إلى مصر أو سوريا، بعد أن أقاموا فيها مدة وضعف الباقون أو انقرضوا كلهم، ومن هؤلاء: «الوحيدات، والرشيدات، والرتيمات، والجبارات، والعايد، والمعازة، والطميلات، وبنو واصل، وبنو سليمان، والعيايدة، والنفيعات.»

أما «الوحيدات والرشيدات» فقد ذكرهما صاحب درر الفرائد في رحلته إلى الحجاز سنة 955ه/1548م، أنهما فرعان من بني عطية، وأن عليهما درك النقب «نقب العقبة»، وأما الآن فلا نرى أحدا منهما في سيناء كلها، ونرى بقية من الوحيدات في بلاد غزة، وقد آل درك النقب منذ عهد بعيد إلى قبيلة أخرى من بني عطية، وهم العمران الحويطات كما سيجيء.

وأما «الرتيمات والجبارات» فقد كانت مساكنهما في بلاد العريش الشرقية، فطردهما الترابين منها إلى بلاد غزة في أوائل القرن التاسع عشر بعد حرب دامت نحو عشرين سنة، كما سنبينه في محله.

وأما «العايد» فهم الآن من سكان مديرية الشرقية في جهة بلبيس، وقد تحضروا وتركوا البادية، وهناك خط يدعى خط العايد إلى اليوم، وليس لدينا دليل على أنهم سكنوا جزيرة سيناء، ولكنا نرى أن الحكومة المصرية عهدت إليهم قديما خفر المحمل الشريف من مصر إلى العقبة، وقد ورد ذكرهم في كتاب «الأم» - المحفوظ الآن في الدير - أن لهم الإشراف على قبائل الطورة، وفي بيت شيخهم كانت تعقد شروط الاتفاق بين عرب الطورة ورهبان دير سيناء بشأن تأجير الإبل، وتأمين الطرق ونحوها كما سيجيء، والعايد الآن فريقان، فريق يرجع بنسبه إلى إبراهيم العايدي، وفريق إلى حسن أباظة، ومن هذا الفريق أسرة أباظة المشهورة، وكبيرها إسماعيل باشا أباظة، قيل وينتهي نسب العايد إلى عقبة إلى جزام إلى قحطان، وكانت جزام في جملة من دخلوا مصر مع عمرو بن العاص.

وأما «المعازة والطميلات» فإنهم رحلوا من سيناء إلى مصر، وبقي لهم إلى الآن بعض الأملاك في بر قطية من بلاد العريش.

وأما «بنو واصل» فقد أجمع ثقات سيناء أنهم من بني عقبة من عرب الحجاز، وأنهم هاجروا إلى بلاد الطور من عهد بعيد، واقتسموا البلاد مع الحماضة المار ذكرهم، فأخذ بنو واصل القسم الجنوبي إلى وادي فيران، وأخذ الحماضة القسم الشمالي؛ أي وادي فيران وشماليها إلى جبال التيه، وكانت منافع البلاد مقسومة بينهم بالسوية، ثم قامت بينهما حرب بشأن نقل الحجاج المصريين الذين كانوا يأتون بطريق الطور، وكانت الواقعة الكبرى في المكان المعروف بمكون الحماضة قرب وادي وردان كما مر، فضعف حالهم جميعا، فجاء الصوالحة والنفيعات من بر الحجاز واستولوا على البلاد، واقتسموا منافعها بينهم على نحو ما كان عليه بنو واصل والحماضة، وانضم من بقي من الحماضة إلى النفيعات، ثم إلى حلفائهم العليقات، وانضم من بقي من بني واصل، وهم الآن نحو 20 بيتا إلى الصوالحة، وقد رأيت ذكرا لبني واصل في «كتاب الأم»، أن بني عقبة أصحاب الدرك في قلعة المويلح «ببر الحجاز»، تعدوا على تجار من بني واصل في 4 صفر سنة 1002ه/30 أكتوبر سنة 1593م، وفي مصر في مديرية جرجا قبيلة من بني واصل.

وأما عرب «بني سليمان» فالظاهر أنهم كانوا قبيلة قوية في الجزيرة، ولعلهم دخلوا الجزيرة مع بني واصل، وكانوا حلفاءهم، ثم ضاق بهم العيش فرحلوا إلى مصر، وسكنوا مديرية الشرقية، ولم يبق منهم في الجزيرة الآن سوى بيت واحد انضم إلى القرارشة الصوالحة، وقيل هم فرع من بني عطية المساعيد كما سيجيء.

وأما «العيايدة» فإنهم استوطنوا بلاد الطور مدة، ثم رحلوا عنها بسبب القحط في الأرجح إلى مصر، فسكنوا مديرية الشرقية وغربي بلاد العريش ، ومن الأقوال المأثورة عنهم أنهم قالوا عند ارتحالهم من بلاد الطور: «تركنا الشر في خشيم الطر»، وبقي لهم كرم نخيل في وادي فيران إلى عهد قريب، فرهنه سليمان بن غانم العيادي عند رجل من العوارمة، ثم باعه له سنة 1905.

Unknown page