مقدمة
مقدمة المؤلف
محمد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والقرآن
الباب الأول
1 - حدوث الخط في الحجاز وانتشاره فيه
2 - ابتداء نزول الوحي
3 - أول ما نزل من القرآن
4 - عهد نزول القرآن
5 - في إقراء النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام القرآن
6 - في كتابة القرآن حين نزوله بأمره صلى الله عليه وسلم وكتابه
7 - فيما كتب عليه القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
8 - في ذكر أسماء الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
9 - في تاريخ نزول السور
10 - ترتيب نزول القرآن في مكة والمدينة
الباب الثاني
1 - القرآن في عهد أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما
2 - القرآن في عهد عثمان - رضي الله عنه
3 - في ترتيب السور في مصحف علي - عليه السلام
4 - ترتيب سور القرآن في مصحف أبي بن كعب - رضي الله عنه
5 - ترتيب سور القرآن في مصحف عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه
6 - ترتيب السور في مصحف عبد الله بن عباس - رضي الله عنه
7 - ترتيب السور في مصحف الإمام أبي عبد الله
8 - في ذكر القراء السبعة ورواتهم المشهورين
9 - وضع الإعراب في القرآن
10 - الإعجام في القرآن
الباب الثالث
1 - ترجمة القرآن إلى اللغات الغربية
2 - رأي بعض علماء الإفرنج في تاريخ سور القرآن
3 - البحث في فواتح سور القرآن
مصادر الكتاب
مقدمة
مقدمة المؤلف
محمد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والقرآن
الباب الأول
1 - حدوث الخط في الحجاز وانتشاره فيه
2 - ابتداء نزول الوحي
3 - أول ما نزل من القرآن
4 - عهد نزول القرآن
5 - في إقراء النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام القرآن
6 - في كتابة القرآن حين نزوله بأمره صلى الله عليه وسلم وكتابه
7 - فيما كتب عليه القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
8 - في ذكر أسماء الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
9 - في تاريخ نزول السور
10 - ترتيب نزول القرآن في مكة والمدينة
الباب الثاني
1 - القرآن في عهد أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما
2 - القرآن في عهد عثمان - رضي الله عنه
3 - في ترتيب السور في مصحف علي - عليه السلام
4 - ترتيب سور القرآن في مصحف أبي بن كعب - رضي الله عنه
5 - ترتيب سور القرآن في مصحف عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه
6 - ترتيب السور في مصحف عبد الله بن عباس - رضي الله عنه
7 - ترتيب السور في مصحف الإمام أبي عبد الله
8 - في ذكر القراء السبعة ورواتهم المشهورين
9 - وضع الإعراب في القرآن
10 - الإعجام في القرآن
الباب الثالث
1 - ترجمة القرآن إلى اللغات الغربية
2 - رأي بعض علماء الإفرنج في تاريخ سور القرآن
3 - البحث في فواتح سور القرآن
مصادر الكتاب
تاريخ القرآن
تاريخ القرآن
تأليف
أبو عبد الله الزنجاني
مقدمة
بقلم أحمد أمين
أتيحت لي فرصة أن أقدم للقراء «تاريخ القرآن» للأستاذ أبي عبد الله الزنجاني، فاغتبطت لذلك لأسباب:
أولها:
أن الأستاذ من أكبر علماء الشيعة ومجتهديهم، وكاتب هذه السطور سني، وطالما حز في نفسي أن أرى الخلاف بين السنيين والشيعة يشتد ويحتد، ويؤدي إلى جدل عنيف، وتدابر وتقاطع، ولم يقف الأمر عند الجدل الكلامي والبغض النفساني، بل كثيرا ما تعداه إلى تجريد السيف واحتدام القتال، ولو أحصينا ما كان بينهم من عهد علي - رضي الله عنه - إلى الآن لبلغت حوادثه المجلدات الضخمة، كلها خلاف وكلها دماء، ولو كان أنفق هذا الجهد في سبيل الإصلاح لبلغ المسلمون ذروة المجد، ولكن أبت السياسة أحيانا، والمطامع الشخصية أحيانا، إلا أن تثير الفتن وتدبر الدسائس وتفرق بين الإخوة، ويعجب المؤرخ أن يرى النزاع يبلغ هذا المبلغ بين فئتين يجمعهم الاعتقاد بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن المؤمنين إخوة، ولئن ساغ في العقل أن يقتتلوا أيام كان هناك نزاع؛ فعلى الخلافة من هو أحق بها ومن يتولاها، فليس يسوغ بحال من الأحوال أن يقتتلوا على خلاف أصبح في ذمة التاريخ لا يستطيع القتال والنزاع أن يعيده إلى الوجود، بل بعد أن أصبحت الخلافة نفسها مسألة تاريخية بحتة، وليس للمسلمين خليفة فعلي يضم كلمتهم، ويجمع شتاتهم، وأصبح كل الخلاف خلافا في التاريخ، وخلافا في الاجتهاد، ولولا ألاعيب السياسة واستغفال الماكرين لعقول العامة واحتفاظ أرباب الشهوات والمطامع بجاههم وسلطانهم، لانمحى الخلاف بين الشيعي والسني، ولأصبحوا بنعمة الله إخوانا، ولتعاونوا على جلب المصالح ودرء المفاسد لجميعهم، ولنظر بعضهم إلى بعض كما ينظر حنفي إلى مالكي، ومالكي إلى شافعي.
وأظن أن الوقت قد حان لأن يفكر عقلاء الطائفتين في سبيل الوئام، ويعملوا على إحياء عوامل الألفة وإماتة الخصام، ويتركوا للعلماء البحث حرا في التاريخ، ويتلقوا النتائج بصدر رحب كما يتلقون النتائج في أي بحث علمي وتاريخي، وتبعة هذا الخلاف على رؤساء الطائفتين، ففي يدهم تقليله وفناؤه، كما في يدهم إشعاله وإنماؤه.
ففرصة سعيدة أراها أن يؤلف الكتاب شيعي، ويقدمه للقراء سني، ولعلها بادرة حسنة من بوادر السير للوئام والدعوة إلى الإسلام، والعمل لخير المسلمين من غير نظر إلى فرقة أو مذهب، وهو ما يتطلبه ويوجبه موقف المسلمين الحاضر.
وثانيها:
أنه كان من حسن التوفيق أن عرفت الأستاذ أبا عبد الله الزنجاني حين زيارته مصر سنة 1935، فتوثقت بيننا الصلة، وتأكدت الصداقة على قرب العهد بالتعارف، وقصر زمن اللقاء، ولكن قرب الأرواح يفعل ما لا يفعله تراخي الزمن وطول العهد، وصدق الحديث: «الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.» وقد رأيته واسع الاطلاع، عميق التفكير، غزير العلم بالفلسفة الإسلامية ومناحيها وأطوارها، على صفاء في نفسه وسماحة في خلقه مما حببه إلي وحبب لي أن أقدم كتابه لقرائه.
ثالثها:
موضوع الكتاب أو الرسالة وهو تاريخ القرآن من حيث الخط والجمع والترتيب والإعراب والإعجام، وهو موضوع شاق عسير تعرض له الأقدمون، ولا يزال مجال القول فيه ذا سعة.
وقد كان في نية الأستاذ الزنجاني أن يفيض فيه، ويخرج كتابا واسعا يجمع إلى سعة الرواية إعمال العقل، ولكن حالت ظروف دون ذلك، فخرج الكتاب موجزا مختصرا، ومع هذا فقد جمع فيه كثيرا مما تشتت في ثنايا الكتب من مؤلفين سنيين وشيعيين.
ولعل الزمن والظروف تهيئ له أن يتبع خطوته هذه بخطوة أخرى، فيهدي للقراء في هذا الموضوع بحثا أوفى، وكتابا أوسع يكشف ما غمض من هذه المسائل العويصة، والدقائق العميقة، وهو بذلك جدير، وفقه الله.
25 يونية سنة 1935
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة على نبيه الأكرم، الذي نطق بالقرآن الذي يهدي للتي هي أقوم، والسلام على آله وأصحابه مصابيح الظلم.
منذ زمن نزول القرآن وظهوره بلسان النبي العربي
صلى الله عليه وسلم
عني به المسلمون من الصحابة والتابعين والعلماء والقراء عناية كبيرة لا مثيل لها لأي كتاب من الكتب السماوية.
والكتب المؤلفة في علومه من أقدم القرون الإسلامية للمفسرين والقراء وسائر العلماء دليل ساطع على ذلك، ولا يزال العلماء يسيرون على البحث عنه بنواح شتى، ومن القرن الثاني عشر اتبعهم الإفرنج فبدءوا يبحثون عن تاريخه، وعن الكتب المؤلفة فيه، وعن تفسيره وما أشبه ذلك، وفي هذا العصر قامت ألمانيا بعمل عظيم محمود، ذلك أن المجمع العلمي في «مونيخ «Munchen
بألمانيا يعنى اليوم عناية خاصة بالقرآن الكريم، فقد عزم على جمع كل ما يمكن الحصول عليه من المصادر الخاصة بالقرآن الكريم وعلومه، وأدلي هذا الأمر إلى الأستاذ «برجشتراسر»
G. Bergstraesser
الذي كان قد بدأ بالعمل في حياته، فلما توفي سنة 1933 عهد المجمع بالسير في هذا المشروع إلى العالم «أوتوبرتيزل»
Or otto Pertzl
أستاذ اللغة العربية في مونيخ، وهذا الأستاذ كتب إلى المجمع العلمي العربي
Académie Arabe
في دمشق كتابا يقول فيه:
ولقد نوينا تسهيلا لمحبي الاطلاع أن ندون كل آية من القرآن الكريم في لوحة خاصة تحوي مختلف الرسم الذي وقفنا عليه في مختلف المصاحف، مع بيان القراءات المختلفة التي عثرنا عليها في المتون المتنوعة، ومتبوعة بالتفاسير العديدة التي ظهرت على مدى العصور وتوالي القرون.
وأخذ في نشر أهم الكتب المؤلفة في القرآن: ككتاب التيسير في القراءات السبع لأبي عمر عثمان بن سعيد الداني، وهو أصح الكتب المؤلفة في علم القراءات، وكتاب المقنع في رسم مصاحف الأمصار مع كتاب النقط للداني، وكتاب مختصر الشواذ لابن خالويه، وكتاب المحتسب لابن جني الذي طبع متنه بحروف لاتينية بين نشرات المجمع العلمي في مونيخ، وكتاب غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين محمد الجزري المتوفى سنة 833ه، وكتاب معاني القرآن للفراء، ورسالة في تاريخ علم القرآن باللغة الألمانية، وهي تحتوي على أسماء المؤلفات في علم القرآن الموجودة في الآفاق ودور الكتب في العالم.
ولكن الموضوع الذي لم تهتم به العلماء هو البحث عن تاريخ القرآن، وعن أدواره التي مرت عليه من زمن النبي
صلى الله عليه وسلم
إلى القرون الأولى الإسلامية، وأن بحثهم فيه إنما كان بعرض الكلام في علومه، ولم يكن تأليف يكفل هذا البحث ما فيه من فائدة جزيلة.
منذ زمن بعيد شرعت في جمع المواد المتشتتة المتعلقة بهذا الموضوع في الكتب المتفرقة، وبحثت فيه، وذكرت خلاصة البحث في هذا المختصر، فهو بمنزلة جزء من مقدمة تفسير أنوي تحريره على النمط العقلي التحليلي، فبدأت أولا بذكر مختصر من سيرة النبي الأكرم
صلى الله عليه وسلم
نقلا عن المصادر الصحيحة.
وأرجو أن تكون في ذلك فائدة ونفع للقراء، ومن الله التوفيق.
محمد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والقرآن
جرت سنة الله في خلقه بأن يحيى عالم المادة بالشمس وهي تجري لمستقر لها.
وكذلك جرت سنته بأن يحيى عالم النفس الإنساني بالنبوة.
فرعشات الضوء من الشمس خير هاد للكون بكلام من النور، وأشعة الوحي من النبي خير هاد لإنسان الكون بنور من الكلام، فكلام الله الموحى إلى النبي
صلى الله عليه وسلم
هو القرآن الذي عبر عن نفسه بالنور في قوله تعالى:
قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم .
1
فإن شئت تفسير ذلك فانظر إلى التاريخ تر أن في أوائل القرن السابع للميلاد كان العالم شرقه وغربه قد استحال كونه إلى الفساد والفوضى، فحضارته تتحطم بالترف والرخاوة، وسياسته تتحكم بالغلول والأثرة، وأخلاقه تتفكك بالسرف والشهوة، وعقائد تتنزى بالجدل والتعصب، ودماؤه تهدر بيد الظالمين، لغير غرض سام ولا مبدأ مقدس، وكانت شعوبه منذ زمن طويل قد فقدت مثلها العليا، فهي تعيش عيش الهمل السوائم.
على هذه الحالة خرج محمد
صلى الله عليه وسلم
برسالته الدينية والخلقية إلى هذا العالم المنقض والهيكل البالي.
وبيده هذا القرآن، أو إن شئت قل بيده هذا القبس - قبس التوحيد المنير - فدعى إلى سنائه الشرق والغرب، فجدد أخلاقه على الفضيلة، وطبع عقيدته على التسامح، ورفع مجتمعه على المحبة، وصمد للجهاد والفتح في سبيل هذا المثل الأعلى، لا يطمح من دونه إلى سلطان، ولا يطمع من ورائه إلى غرض؛ حتى هذب العالم وحرر العقل، وقال:
ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا .
2
وإليك نبذة من سيرة هذا الرسول والمصلح العظيم
صلى الله عليه وسلم
عن أوثق المصادر.
ولادته
صلى الله عليه وسلم
إن الباحث في تاريخ ولادة النبي الأكرم
صلى الله عليه وسلم
يصادف في بحثه على إشكالين:
الأول:
عدم ضبط العرب تاريخهم بالكتابة؛ لأنها كانت حديثة العهد في عهده صلى الله عليه وسلم.
الثاني:
الجهل بحساب السنين المستعمل عند عرب الجاهلية، وهل كانت سنتهم شمسية أم قمرية كي يتحقق حدوث ولادته
صلى الله عليه وسلم
في ربيع الأول، بل كانت أسماء الشهور قبل الإسلام غير أسمائها بعد الإسلام.
رجح كوسين دي برسفال
Caussin de perceval
3
كون حساب السنين عندهم قمرية، واستند في ذلك على قول «البيروني»
4
وعلى أقوال بعض المؤرخين المسلمين أن العرب كانوا يكبسون شهرا بعد كل ثلاث سنين منعا لحدوث المخالفة بين أشهرهم وفصول السنة الشمسية، فصارت سنتهم قمرية وشمسية معا، ولا سند لنا في تاريخ ولادة النبي
صلى الله عليه وسلم
إلا قول الثقات من علماء المسلمين من السنة والشيعة، اتفق أكثر علماء الإسلام المتقدمين من المحدثين والفقهاء والمؤرخين على أن ولادته حدثت في ربيع الأول، ولكن اختلفوا في اليوم الذي ولد فيه
صلى الله عليه وسلم ، ذهب أكثر علماء الشيعة أنه ولد في 17 ربيع الأول عام الفيل.
قال الشيخ المفيد محمد بن محمد النعمان
5
في كتاب «حدائق الرياض» في التواريخ الشرعية: إن ولادته كانت في السابع عشر من ربيع الأول، وفي كتاب «الإقبال» لابن طاوس العلوي: إن الذين أدركناهم من العلماء عملهم على أن ولادته
صلى الله عليه وسلم
كان يوم الجمعة السابع عشر من ربيع الأول عام الفيل، ويقول صاحب كتاب «بحار الأنوار»
6 : المشهور عند الشيعة الإمامية إلا من شذ منهم أن ولادته في السابع عشر بعد مضي اثنتين وأربعين سنة من ملك كسرى أنوشروان، ويؤيده ما ورد من قوله (صلى الله عليه وسلم): ولدت في زمن الملك العادل أنوشروان، وخالفهم من الشيعة صاحب كتاب «الكافي»
7
وقال: إنه
صلى الله عليه وسلم
ولد لاثنتي عشر ليلة مضت من شهر ربيع الأول في عام الفيل.
ويقول الحافظ أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي المتوفى سنة 676ه في كتابه «تهذيب الأسماء واللغات»: أن الصحيح المشهور أن النبي
صلى الله عليه وسلم
ولد عام الفيل. ونقل إبراهيم بن المنذر الخزامي شيخ البخاري وخليفة ابن الخياط، والآخرون الإجماع عليه، واتفقوا على أنه ولد يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، واختلفوا هل هو اليوم الثاني أم الثامن أم العاشر أم الثاني عشر؟ فهذه أربعة أقوال مشهورة.
واتخذ الأستاذ محمود باشا الفلكي المصري
8
سبيلا يوثق بصحته في تعيين تاريخ ولادته، وهو في بحثه عن كشف نوع التاريخ المستعمل عند العرب، وأنه هل كانت سنتهم شمسية أم قمرية؟ جمع نصوصا وروايات قديمة، واستند إليها في تعيين ثلاثة تواريخ وجعلها أساسا لرأيه وهي: (1)
تاريخ وفاة إبراهيم ابن النبي
صلى الله عليه وسلم . (2)
يوم دخول النبي
صلى الله عليه وسلم
المدينة المنورة حين هجرته. (3)
يوم ولادته. وذلك كله بالحساب اليوليوسي
Julian ، وفي بحثه هذا استند على حسابات فلكية مثل: حساب كسوف الشمس الذي كان يوم وفاة إبراهيم في السنة العاشرة من الهجرة على ما رواه المحدثون.
ومثل: حساب اقتران زحل ومريخ في برج عقرب الذي كان على قول بعض المنجمين عام ولادة النبي
صلى الله عليه وسلم
وقبلها بقليل، واستدلوا به على ظهور ملة الإسلام. ولتعيين يوم دخول النبي المدينة المنورة حسب يوم عاشوراء اليهود في تلك السنة بقول أكثر المحدثين وأهل السير: وهو أن دخول النبي
صلى الله عليه وسلم
إلى المدينة كان يوم ذلك العيد اليهودي، وبعدما عين جميع ذلك بحساب السنين اليوليوسي
Julian
قال: وحيث كانت الأشهر العربية التي وقعت فيها هذه الحوادث الثلاث معروفة أيضا، فانتهى رأيه إلى أن ولادة النبي الأكرم
صلى الله عليه وسلم
كانت يوم الاثنين 9 ربيع الأول الموافق 20 أبريل سنة 571 م.
حالة العالم عند ظهور النبي
صلى الله عليه وسلم
ظهر في قريش من فرع هاشم النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
بن عبد الله بن عبد المطلب في أوائل القرن السابع للمسيح، ونادى بالإسلام، فانتشرت دعوته في الجزيرة كلها، ثم في الشرق كافة بسرعة لا مثيل لها في تاريخ الأديان؛ نظرا لكثرة الأسباب الملائمة لانتشارها.
كانت بلاد الشام ومصر في ذلك العهد في يد المملكة البيزنتية
Byzantine
التي عرفت عند العرب «بمملكة الروم» وعليها ملك يدعى هرقل، وكان العراق واليمن في يد مملكة الفرس وعليها كسرى أنوشروان، وكانت المملكتان تتطاحنان في الحروب وتئنان من الثورات الداخلية وفراغ خزينتيهما من النقود، وقد افتتح جيش كسرى من بلاد الروم مدينة الرها
9
سنة 611م، واستولى على دمشق سنة 613م، وعلى أورشليم سنة 614م، وغنم منها نفائس لا تثمن، وفي جملتها خشبة الصليب، ثم زحف على مصر سنة 617م فافتتح الإسكندرية، وكان جيش آخر للفرس يجتاح آسيا الصغرى حيث بلغ خلقدونية فاحتلها، ولم يبق بينه وبين العاصمة سوى البوسفور، فهب هرقل إذ ذاك من رقاده، واستعد للحرب، وجرد جيوشه، واسترد من الفرس هذه المدن كلها وخشبة الصليب، وقام الإسلام في جزيرة العرب والحرب دائرة بين المملكتين ولم تنته إلا سنة 638م.
وكانت المملكتان في ذلك الوقت تتنافسان في بسط نفوذهما على بلاد العرب؛ لما كان لهذه البلاد من الشأن الخطير لحاصلاتها من الذهب وأنواع العطور، ولما لموقعها الجغرافي من الأهمية؛ إذ كانت في ذلك العهد طريق الهند.
وكان الروم بعد إخفاق حملتهم على بلاد العرب بقيادة «أليوس غالوس» سنة 18ق.م في عهد «أوغسطوس» قيصر قد عدلوا عن فتح البلاد عنوة، وعولوا على الفتح السلمي، واختاروا لمعاونتهم على ذلك ملوك غسان، فناطوا بهم مراقبة حدود بلاد العرب من جهة سوريا وفلسطين والسعي في بسط نفوذهم في البلاد العربية.
واتبع الفرس من جانبهم مثل هذه السياسة، واعتمدوا على المناذرة ملوك الحيرة، وناطوا بهم مقاومة نفوذ الروم، ورفع شأن الفرس في بلاد العرب، وكانت ديانة مملكة الروم النصرانية، وديانة مملكة الفرس المجوسية، أو تقديس مذهب زرادشت.
10
وكان المجوس يناوئون النصارى ويعضدهم اليهود، وقد انقسم النصارى طوائف شتى: يعاقبة، ونساطرة، وأريوسيين، وأرثوذكس وغيرهم، وانقسم اليهود إلى: ربانيين وقرائين وسامريين.
وكان العرب في جزيرتهم يتخبطون في عبادة الكواكب والأصنام، وقد دخل الجزيرة اليهودية والنصرانية من الشام، والمجوسية من العراق، وكان من العرب من اعترف بالخالق وأنكر البعث، ومنهم من أنكر الخالق والبعث وقال بالطبع المحيي والدهر المفني، وكلهم قالوا بالبخت والجن، واشتغلوا بالتنجيم والسحر وتفسير الأحلام، وكان من عاداتهم الذميمة: وأد البنات، وعدم الرفق بالرقيق، وشرب الخمر، ولعب الميسر، وبالإجمال فقد كانت الفوضى في السياسة والإدارة والدين والأخلاق سائدة في الشرق كله، وكان الشرق يتطلب الخروج من هذه الفوضى والراحة من شرها.
فلما ظهر النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
نادى قومه بقوله: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فصرف وجوههم عن الكواكب إلى «القرآن الكريم» فجاء آية في الفصاحة والبلاغة وحسن التنسيق، وقد تضمن عقيدة التوحيد التي تقبلها الفطرة الإنسانية، وتضمن فوق ذلك آدابا وحكما وشرائع وعلما وتاريخا وسياسة وخلقا كريما.
وكان ظهور النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
في جوار الكعبة والأسواق الشهيرة التي كانت تحج إليها العرب من كل فج، وهو من قريش سادة دين العرب وتجارهم إلى اليمن والشام والعراق.
وقد حض قومه على نشر الإسلام والجهاد في سبيله، ووعد المجاهدين منهم الجنة لذلك كله، ولما كانت العرب تعجب بالفصاحة والبلاغة، وتتحرك بالمعاني الروحية؛ لما في طبعهم الحر من المروءة والنجدة والحماسة، وكانوا قد اعتادوا في باديتهم القتال وركوب الأخطار، واستفزهم وعد نبيهم وبلاغته وسيرته فنصروه، ثم نصروا من بعده خلفاءه، فتمكنوا في جيل أو أقل من نشر سلطانهم ودينهم ولغتهم من السند والهند إلى المحيط الأتلانتيكي شرقا وغربا، ومن بحر الخزر وآسيا الصغرى وبحر الروم وفرنسا إلى المحيط الهندي وأعالي السودان شمالا وجنوبا.
سيرته
صلى الله عليه وسلم
وهاك بيان موجز من سيرة النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
ودعوته وكيفية انتشارها نقلا عن أوثق المصادر وأحدث الكتب المؤلفة لأكابر علماء الإسلام.
ولد النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
بمكة في 12 ربيع الأول على المشهور بين أهل السنة، و9 منه على الصحيح، و17 منه على المشهور بين الإمامية، 20 أبريل سنة 571م وهي عام الفيل، وتوفي أبوه قبل أن يولد، فكفله جده عبد المطلب إلى أن بلغ الثامنة من عمره، ومات جده فكفله عمه أبو طالب، وكانت قريش في ذلك العهد قائمة بالتجارة بين اليمن والشام والعراق، وكان أبو طالب يحترف بما احترف به قومه، فخرج بالفتى محمد
صلى الله عليه وسلم
إلى الشام وهو في الثالثة عشرة من عمره، وكان الفتى نجيبا زكي الفؤاد، ودلائل النجابة والذكاء بادية على وجهه. قيل: فلما نزل بصرى
11
مع عمه رآه راهب مشهور بالصلاح والتقوى يدعى «بحيرا» فقال: «سيكون من هذا الفتى أمر عظيم ينتشر ذكره في مشارق الأرض ومغاربها»، ولما بلغ الخامسة والعشرين خرج إلى الشام في تجارة للسيدة خديجة بنت خويلد مع غلامها ميسرة وعاد إليها بربح عظيم، وقد أعجبها جدا مهارته وصدقه وأمانته فخطبته لنفسها، وكانت من أعظم نساء قريش فضلا، وأكثرهن مالا، وأوضحهن نسبا، فكان له من شرف بيتها وثروتها خير معين قبل البعثة وبعدها، وقد شب النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
على كرم الخلق وعزة النفس، وشدة الغيرة على قومه، حتى كان لا يطيق أن يراهم على ضلال، وكان متين الاعتقاد بوجود الله ووحدانيته وبالبعث والخلود، وكان تقيا ورعا محبا للزهد والنسك، وكثيرا ما كان يذهب إلى غار حراء قرب مكة للصلاة والعبادة، وبقي حتى ناهز الأربعين من عمره، ففي ليلة القدر الموافقة 1 فبراير سنة 610م بينما كان في غار حراء ظهر له الروح الأمين وأمره بالقيام بالدعوة «والرسالة»، وأخبر بذلك زوجته خديجة، فآمنت به وآمن به ابن عمه علي بن أبي طالب - عليه السلام - ومولاه زيد بن حارثة، وصاحبه أبو بكر - رضي الله عنه - وكان أبو بكر رجلا سهلا محببا لقومه، فجعل يدعو إلى الإسلام سرا من وثق منهم، فأسلم على يده عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فكان هؤلاء المسلمين السابقين، وظل النبي
صلى الله عليه وسلم
يخفي الدعوة ثلاث سنين حتى بلغ أتباعه نحو الأربعين، وفيهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعمه حمزة، ثم جهر بها وأنذر عشيرته الأقربين، فنبذوا دعوته وسعوا في إبطالها بكل قواهم؛ لأنهم كانوا رؤساء دين العرب وأهل البيت الحرام، وخافوا إذا أتوا بدين جديد أن تنتقض عليهم العرب فتبور تجارتهم، وفوق ذلك فإنهم لم يطيقوا أن يستأثر النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
بالسيادة عليهم على قلة ماله؛ ولذلك كان أشد الناس معارضة له أشراف قريش وأغنياؤهم، ولكنه كان محميا بعدة منهم وهم أقرباؤه، وقد اضطهد أصحابه، فمن كان بلا نصير أمره بالهجرة إلى الحبشة، فهاجر إليها جمع منهم وفيهم عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف، فأكرم النجاشي مثواهم، وعاد بعضهم قبل الهجرة وأكثرهم في السابعة للهجرة، وماتت زوج النبي خديجة بعد 25 سنة من زواجها منه، ثم مات عمه أبو طالب فقل بموتهما أنصاره، ولكنه لم ييأس ولا ضعفت عزيمته، بل كان يقصد الأسواق العامة ومواسم الحج، ويدعو القبائل جهارا إلى توحيد الله ودين الفطرة وترك عبادة الأصنام والكواكب، وقد حرم الخمر والميسر ووأد البنات وكل ما كانت تدين به عرب الجاهلية من الباطل، فاستجاب له ستة نفر من أهل المدينة (يثرب) وكلهم من الخزرج، فأسلموا وعادوا إلى قومهم فأسلم على أيديهم كثيرون.
ثم جاء منهم في الموسم التالي اثنا عشر رجلا من الأوس والخزرج بايعوه على الإسلام، وبعث فيهم مصعب بن عمير فعلمهم القرآن وشعائر الإسلام، فانتشر بهم الإسلام في المدينة حتى قيل إنه لم يبق دار إلا وفيها ذكر للنبي
صلى الله عليه وسلم .
وفي الموسم الثالث جاءه ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان بايعوه على الإيمان والدفاع عن دعوته بالسيف متى قدم عليهم، ثم عادوا إلى المدينة، وعزم النبي
صلى الله عليه وسلم
على اللحاق بهم هو وأصحابه، ولما علم قريش بذلك خافوا أن يؤلب عليهم أهل المدينة ويغزوهم في دارهم، فعزموا على قتله، فخرج مهاجرا إلى المدينة سرا، وذلك في 20 سبتمبر سنة 622م. ثم لحق به أصحابه من مكة فسماهم المهاجرين، وسمى أهل المدينة الأنصار، وقد آخى بين أفراد الفريقين، فجعل لكل واحد من المهاجرين أخا من الأنصار، ولما كثر أتباعه شرع ينشر دينه بالدعوة إليه مع حماية هذه الدعوة بالسيف إذا اضطر لذلك، وما كان السيف إلى وسيلة لبث الفضيلة في العالم التي كان ينشدها له، وقد بلغت غزواته التي خرج فيها بنفسه 27، وقع القتال منها في تسع، وبلغت سراياه وبعوثه 48، وأشهر غزواته سبع.
الباب الأول
الفصل الأول
حدوث الخط في الحجاز وانتشاره فيه
والخط الذي كتب به القرآن
أول حلقة من سلسلة الخط العربي هي الخط المصري «ديموطيق»
Demotic
1
وهو خط الشعب.
وثاني حلقة من سلسلته: الخط الفينيقي نسبة إلى فينيقيا بقرب أرض كنعان على ساحل البحر الأبيض، وتسمى اليوم جبل لبنان، والفينيقيون من الأمم السامية، كانوا أكثر الناس مخالطة للمصريين للتجارة ولدواع أخرى، فتعلموا حروف كتابتهم، ثم وضعوا لأنفسهم حروفا بسيطة خالية عن التعقيد للكتابات التجارية، وقد أخذوا من حروف المصريين خمسة عشر حرفا مع تعديل قليل - كما قال الأثري «ماسبرو»
Maspero
2
في كتابه تاريخ المشرق - وأضافوا إليها باقي الحروف، ثم اشتهرت حروفهم لسهولتها في آسيا وأوروبا.
وثالث حلقة من سلسلته: الآرامي
3
أو المسند، على خلاف بين مؤرخي أوروبا والعرب.
رأي مؤرخي أوروبا
خلاصة رأي مؤرخي أوروبا هي أن الخط الفينيقي تولد منه أربعة خطوط، وهي: (1)
اليوناني القديم: أصل خطوط أوروبا كلها والخط القبطي. (2)
العبري القديم: ومنه الخط السامري نسبة إلى سامرة نابلس . (3)
المسند
4
الحميري: ومنه تولد الخط الحبشي. (4)
الخط الآرامي، وهو أصل ستة خطوط: (أ)
الهندي بأنواعه. (ب)
الفارسي القديم: الفهلوي. (ج)
العبري المربع. (د)
التدمري. (ه)
السرياني. (و)
النبطي.
5
وعلى رأي الإفرنج: الخط العربي قسمان: أحدهما كوفي، وهو مأخوذ من نوع من السرياني يقال له أسطرنجيلي،
6
ونسخي: وهو مأخوذ من النبطي. فعلى هذا الرأي لا يقع الخط المسند في سلسلة الخط العربي، ووضعوا السرياني مع النبطي في آخر حلقة منها.
رأي مؤرخي العرب
ملخص رأي مؤرخي العرب قبل الإسلام وبعده أن خطهم الحجازي مأخوذ من أهل الحيرة
7
وأهل الأنبار،
8
ووصل الخط إلى أهل هذين البلدين من عرب كندة،
9
ومن النبط الناقلين عن المسند. أجمع مؤرخو العرب أن الخط دخل إلى مكة بواسطة حرب بن أمية بن عبد شمس، وكان قد تعلمه في أسفاره من عدة أشخاص، منهم: بشر بن عبد الملك أخو أكيدر صاحب دومة الجندل، وقد حضر بشر إلى مكة مع حرب بن أمية وتزوج الصهباء ابنته، وعلم جماعة من أهل مكة ثم ارتحل، وفيه يقول شاعر من كندة يمن على قريش:
ولا تجحدوا نعماء بشر عليكمو
فقد كان ميمون النقيبة أزهرا
أتاكم بخط الجزم حتى حفظتمو
من المال ما قد كان شتى مبعثرا
وأغنيتمو عن مسند القوم حمير
وما زبرت في الكتب أقيال حميرا
وفي رواية عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن أهل الأنبار تعلموا الخط من أهل الحيرة.
10
فالخط المسند على رأي مؤرخي العرب من حلقات سلسلة الخط العربي، ومن أصوله.
وقد رجح بعض الباحثين من علماء العرب في كتابه: «حياة اللغة العربية» رأي مؤرخي العرب لوجوه:
الأول:
أن الخط المسند عرف له أربعة أنواع، وأقرب تلك الأنواع إلى الفينيقي هو الصفوي، فيدل ذلك على أن الخط المسند هو خط واحد في الأصل، قريب من أصله الفينيقي وغير بعيد الشبه عن الآرامي، وقد وصل الخط من اليمن والآراميين إلى الحيرة والأنبار بواسطة كندة والنبط ، ومن الحيرة والأنبار وصل لأهل الحجاز، وفيه أن هذا احتمال ضعيف، مؤداه أن قرب الصفوي من الخط الفينيقي يؤيد كون المسند مأخوذا من الفينيقي، وانتشر في اليمن ووصل إلى الحيرة والأنبار، مع أن الاعتراف بوصول الخط بواسطة الآراميين يقوي كون الآرامي من أصول الخط الحجازي؛ لأن نشر هؤلاء الآراميين غير خطهم الخاص بعيد جدا.
الثاني:
اختلاط النبط باليمانيين ومجاورتهم لهم - كاختلاطهم ببعض طوائف الآرام - يقتضي أخذ النبط خطهم المسند منهم، وفيه أن المخالطة إن دلت على أخذ النبط خطهم من اليمانيين كذلك تدل على أخذهم من الآراميين لنفس الدليل.
الثالث:
إجماع مؤرخي العرب وتضافر رواياتهم، واتفاق كلمتهم، بأن الخط وصل إلى الحجاز من اليمن، وفيه أن وصول الخط من طريق اليمن لا ينافي كون أصله آراميا؛ لإمكان أخذ اليمانيين عن الآراميين لمخالطتهم - كما سبق.
الرابع:
وجود حروف الروادف؛ وهي (ثخذ، ضظغ) في الخط المسند الحميري دون الآرامي، وفيه أن المسند لو كان من أصول الخط الحجازي؛ لكان لتلك الحروف صور خاصة فيه، متسلسلة عن أصلها كسائر الحروف، ففقد الخط الحجازي صورة خاصة لتلك الحروف يدل على أن الخط الآرامي الفاقد لها من أصوله، ولكن أصوات حروف الروادف الموجودة في لسان العرب، دعاهم إلى وضع الحروف الروادف بالإعجام لتلك الأصوات - ويؤيده قول مؤلف كتاب حياة اللغة العربية ص88 - فلا بد أن يكون واضع الحروف العربية قد أخذ لها صور الباء والجيم والدال والصاد والطاء والعين، ووضع لها النقط للتمييز، ويدل أيضا على أن الآرامي من أصول الخط العربي أن الحافظ شمس الدين الذهبي
11
ذكر في تذكرة الحفاظ في ذيل رواية خارجة بن زيد
12
عن أبيه، أن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - بأمر النبي
صلى الله عليه وسلم
تعلم كتابة اليهود وحذقها في نصف شهر، فتعلمه في مدة نصف شهر يدل على أنه تعلم نفس الخط الكوفي - أصل الخط السطرنجيلي وأحد نوعي الخط السرياني - خط اليهود؛ ولذلك ذكر في ترجمة زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أنه تعلم السرياني ومنه حدث الكوفي.
ثم إن الخط الكوفي أشبه الخطوط للخط الحيري، والحيري قريب الشبه من النبطي ، وهو من الآرامي، وهو من الفينيقي، وهو من ديموطيق - خط الشعب المصري - فذلك يدل على تسلسل تلك الخطوط حسب الترتيب المذكور.
الخط في المدينة (يثرب)
أما الخط في المدينة (يثرب) فقد قرر أهل السير أن النبي
صلى الله عليه وسلم
دخلها، وكان فيها يهودي يعلم الصبيان الكتابة، وكان فيها بضعة عشر من الرجال يعرفون الكتابة، منهم سعيد بن زرارة، والمنذر بن عمرو، وأبي بن وهب، وزيد بن ثابت، ورافع بن مالك، وأوس بن خولي، والظاهر أنهم كانوا يعرفون الخط الحجازي المأخوذ من الحيري، فلا ينافي هذا تعلم زيد كتابة اليهود بأمر النبي
صلى الله عليه وسلم
بعد دخوله
صلى الله عليه وسلم
المدينة.
وأول من نشر الكتابة بطريقة عامة هو الرسول الأكرم محمد
صلى الله عليه وسلم
بعد مهاجره إلى المدينة، فقد أسر في غزوة بدر سبعين رجلا من قريش وغيرهم، وفيهم كثير من الكتاب، فقبل من الأميين الافتداء بالمال، وجعل فدية الكاتبين منهم أن يعلم كل واحد منهم عشرة من صبيان المدينة، ففعلوا ذلك، وانتشر الخط بالتدريج من هذا الحين في المدينة والأمصار التي دخلت في حوزة الإسلام، وبقيت الأمية الصرفة في البوادي.
للخط الحجازي نوعان: أحدهما: النسخي المستعمل في المكاتبات، والثاني: الكوفي نسبة إلى الكوفة بعد بنائها؛ لأن الخط الحجازي هذبت قواعده وصور حروفه فيها ولذلك نسب إليها.
فقد عثر الباحثون على نفس الكتابين المرسلين من النبي الأكرم إلى المقوقس والمنذر بن ساوى، وأخذوا صورتهما بالتصوير الشمسي (فتوغراف) وطبعوهما، والكتاب المرسل إلى المقوقس محفوظ في دار الآثار النبوية في الآستانة، وقد عثر عليه عالم فرنسي في دير بمصر قرب أخميم، وسمع بحديثه السلطان عبد المجيد، فاستقدم ذلك العالم وعرض النسخة على العلماء، فقرروا أنها هي بعينها كتاب النبي
صلى الله عليه وسلم
إلى المقوقس، فاشتراها بمال عظيم، والكتاب الثاني محفوظ في مكتبة فيينا عاصمة النمسا.
الفصل الثاني
ابتداء نزول الوحي
ابتدأ نزول القرآن في ليلة القدر وهي بنص القرآن في رمضان للسنة الحادية والأربعين من ميلاده الشريف
إنا أنزلناه في ليلة القدر ،
1
إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم * أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ،
2
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ،
3
وهو الشهر الذي كان محمد
صلى الله عليه وسلم
يعتكف فيه بغار حراء،
4
ويعتزل فيه الناس للصوم والعبادة.
أما نفس الليلة التي ابتدأ فيها الوحي ففيها خلاف كثير، وفي قوله تعالى:
إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان
5
إشارة إلى أن ابتداء الوحي كان في السابع عشر من رمضان؛ لأن التقاء الجمعين في 17 رمضان سنة 2 للهجرة، والمراد بالجمعين هم المسلمون والمشركون ببدر.
فالآية تشير إلى يومين عظيمين رفيعين شرف الله تعالى فيهما محمدا
صلى الله عليه وسلم
بالرسالة، وأعز المسلمين بنصره. روى أبو جعفر بن جرير الطبري
6
في تفسيره بسنده عن الإمام حسن بن علي بن أبي طالب - عليه السلام - قال: كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان لسبع عشر من شهر رمضان.
الفصل الثالث
أول ما نزل من القرآن
الصحيح أن أول ما نزل من القرآن قوله تعالى:
اقرأ باسم ربك الذي خلق .
1
قال محمد بن إسحاق المعروف بابن أبي يعقوب النديم في كتابه «فوز العلوم» المعروف بالفهرست:
حدثني أبو الحسن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن غالب قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن الحجاج المديني - قدم من المدينة سنة 299 - قال: حدثنا بكر بن عبد الوهاب المديني، قال: حدثني الواقدي محمد بن عمر
2
قال: حدثني معمر بن راشد، عن الزهري، عن محمد بن نعمان بن بشر، قال: أول ما نزل من القرآن على النبي
صلى الله عليه وسلم
اقرأ باسم ربك الذي خلق
إلى قوله:
علم الإنسان ما لم يعلم . روى الشيخان عن عائشة: «كان النبي
صلى الله عليه وسلم
يأتي حراء، فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها، حتى فجأه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه، فقال: اقرأ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فقلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني
3
الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم، فرجع بها رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ترجف بوادره.» ... الحديث.
4
وقال أبو عبيدة في فضائل القرآن: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد - رضي الله عنه - قال: إن أول ما نزل من القرآن
اقرأ باسم ربك
و
ن والقلم ، وأخرج ابن أشتة في كتاب المصاحف عن عبيد بن عمير، قال: جاء جبرائيل إلى النبي
صلى الله عليه وسلم
بنمط فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: اقرأ باسم ربك، فيرون أنها أول سورة أنزلت من السماء، وأخرج عن الزهري أن النبي
صلى الله عليه وسلم
كان بحراء؛ إذ أتى ملك بنمط من ديباج فيه مكتوب: اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى ما لم يعلم.
ولم تنزل بعد نزول آية اقرأ باسم ربك إلى ثلاث سنوات آية من القرآن، وتسمى هذه المدة زمن فترة الوحي، ثم أخذ القرآن ينزل على النبي
صلى الله عليه وسلم
منجما، وكان تنجيمه مثار اعتراض المشركين، وقد ذكر ذلك القرآن وأجاب عنه، وقال في سورة الفرقان:
وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا
لما في تنجيمه وتكرار الوحي وإشراق نور العلم على قلبه من التثبيت لفؤاده الشريف، ولا تنافي بين نزوله مفرقا ومنجما وبين قوله تعالى:
إنا أنزلناه في ليلة القدر
5
و
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
6
و
إنا أنزلناه في ليلة مباركة ؛
7
لصحة إطلاق القرآن على بعضه كما في قوله تعالى:
كتاب أحكمت آياته
8
مع العلم بأن أخر منها متشابهات. على أنه يمكن أن نقول بأن روح القرآن - وهي أغراضه الكلية التي يرمي إليها - تجلت لقلبه الشريف في تلك الليلة:
نزل به الروح الأمين * على قلبك
9
ثم ظهرت بلسانه الأطهر مفرقة في طول سنين
وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا .
10
ودل استقراء الأحاديث أن أكثر القرآن نزل مفرقا، ومن أمثلته في السور القصار: سورة اقرأ؛ أول ما نزل منها إلى قوله تعالى:
علم الإنسان ما لم يعلم ، والضحى أول ما نزل منها إلى قوله:
فترضى .
11
ومنه ما نزل جميعا، ومن أمثلته فيها: سورة الفاتحة، والإخلاص، والكوثر، وتبت، ولم يكن، والنصر،
12
ومن أمثلته في السور الطوال:
والمرسلات .
13
وقد دل الاستقراء على نزول خمس آيات وعشر آيات، وصح نزول عشر آيات من أول المؤمنين جملة، وصح نزول
غير أولي الضرر
وحدها وهي بعض آية:
لا يستوي القاعدون من المؤمنين ، وكذا قوله تعالى:
وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم ،
14
فإنها نزلت بعد نزول أول الآية، وهي بعض الآية.
الفصل الرابع
عهد نزول القرآن
ينقسم إلى مدتين متمايزتين: قبل هجرة النبي
صلى الله عليه وسلم
وبعدها.
الأولى:
مدة مقامه
صلى الله عليه وسلم
في مكة وهي اثنتا عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة عشر يوما، من يوم 17 رمضان سنة 41 يوم الفرقان إلى أول ربيع الأول سنة 54 من ميلاده، وما نزل في مكة ونواحيها قبل الهجرة فهو مكي.
الثانية:
مدة نزوله بعد الهجرة إلى المدينة وإن نزل بغيرها فهو مدني،
1
فالمدني نحو . قال أبو الحسن بن حصار في كتابه «الناسخ والمنسوخ»: المدني بالاتفاق عشرون سورة، والمختلف فيها اثنتا عشرة سورة، وما عدا ذلك مكي بالاتفاق وهي: (1) البقرة، (2) آل عمران، (3) النساء، (4) المائدة، (5) الأنفال، (6) التوبة، (7) النور، (8) الأحزاب، (9) محمد، (10) الفتح، (11) الحجرات، (12) الحديد، (13) المجادلة، (14) الحشر، (15) الممتحنة، (16) الجمعة، (17) المنافقون، (18) الطلاق، (19) التحريم، (20) إذا جاء نصر الله.
وافقه في جميعها أبو بكر بن الأنباري
2
إلا في الأنفال، وأبو عبيدة
3
في فضائل القرآن، إلا في الحجرات والجمعة والمنافقون، وصاحب الفهرست محمد بن إسحاق برواية محمد بن نعمان بن البشير المذكورة في أول ما نزل من القرآن، إلا في الأحزاب، فالمتفق عليه بين هؤلاء الأربعة الذين يعتمد على أقوالهم خمسة عشر سورة مما ذكره أبو الحسن في كتابه الناسخ والمنسوخ، والمختلف فيه خمسة وهي: «الأنفال» خالف فيها أبو بكر بن الأنباري، و«الحجرات والجمعة والمنافقون» خالف فيها أبو عبيدة في فضائل القرآن، و«الأحزاب» خالف فيها صاحب الفهرست محمد بن إسحاق.
الفصل الخامس
في إقراء النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام القرآن
وكان النبي
صلى الله عليه وسلم
أميا لا يقرأ ولا يكتب، دل على ذلك نص القرآن:
الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ،
1
وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون .
2
وكان
صلى الله عليه وسلم
بعد نزول الوحي إليه وحفظه الآية أو السورة يبلغها الناس، ويقرئ من الفائزين بشرف الصحبة من كان يصلح لذلك ويستحفظهم إياها، دل على ذلك استقراء الأحاديث الواردة بطرق الثقات من رجال الحديث، الذين أصبحت كتبهم معولا عليها عند المسلمين.
روى البخاري في صحيحه بإسناده عن عروة بن الزبير، أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القارئ حدثاه، أنهما سمعا الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فكدت أساوره
3
في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فقلت: كذبت، فإن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال: «أرسله، اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعتها يقرأ، فقال صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت، ثم قال: اقرأ يا عمر، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال
صلى الله عليه وسلم : كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه.» وفي البخاري عن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم
أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم. قال شيخ الطائفة الإمام محمد بن الحسن الطوسي الفقيه
4
في أماليه: إن ابن مسعود أخذ سبعين سورة من النبي
صلى الله عليه وسلم
وأخذ الباقي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - وفي المستدرك عن ابن مسعود قال: كنا مع النبي
صلى الله عليه وسلم
في غار، فنزلت عليه
والمرسلات عرفا
فأخذتها من فيه ... إلخ الحديث.
روى أبو عبيدة في فضائله وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمر بن عامر الأنصاري، أن عمر قرأ: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان) برفع الأنصار ولم يلحق الواو في (والذين)، فقال له زيد بن ثابت:
والذين اتبعوهم بإحسان ، فقال أمير المؤمنين: أعلم، فقال: ائتوني بأبي بن كعب، فسأله عن ذلك، فقال أبي:
والذين اتبعوهم ، فجعل كل واحد يشير إلى أنف صاحبه بأصبعه، فقال أبي: والله أقرأنيها رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وأنت تبيع الحنطة، فقال عمر: نعم إذن، فتابع أبيا.
وفي صحيح البخاري أن النبي
صلى الله عليه وسلم
قال لأبي بن كعب: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن»، قال: الله سماني؟ قال: «نعم، وقد ذكرت عند رب العالمين»، قال: فذرفت عيناه، واشتهر بين القوم بعدة طرق، قوله
صلى الله عليه وسلم : «أبي أقرأكم.» دلت هذه الروايات على أن النبي
صلى الله عليه وسلم
كان يقرئ القرآن بعض عظماء الصحابة، ويهتم بأن يحفظوه، حتى قال لأبي: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك»، ودلت أيضا على أن الصحابة كانوا يهتمون بحفظ نصوص الآيات، بحيث كان زيادة حرف واو ونقيصتها أمرا مهتما به، مع أن ذلك لا يغير المعنى كثيرا.
تنبيه
والمراد بالأحرف السبعة: سبعة أوجه من المعاني المتفقة بالألفاظ المختلفة، نحو: أقبل وهلم وتعال وعجل وأسرع وأخر وأمهل وامض واسر، وهذا الوجه هو ما اختاره محمد بن جرير الطبري في مقدمة تفسيره
5
وقال: والدلالة على صحة ما قلناه ما تقدم ذكرنا له من الروايات الثابتة عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب - رضي الله عنهم - أنهم تماروا في القرآن فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة دون ما في ذلك من المعاني، وأنهم احتكموا فيه إلى النبي
صلى الله عليه وسلم
فاستقرأ كل رجل منهم ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها، حتى ارتاب بعضهم لتصويبه إياهم، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم
للذي ارتاب منهم عند تصويبه جميعهم: «إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف»، فمفاد هذا الكلام أن قول النبي
صلى الله عليه وسلم
للمختلفين في نفس التلاوة: «إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف» يكشف أن سبعة أحرف هي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد.
روى في أول مقدمة تفسيره عن أبي كريب عن رجاله عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «قال جبرائيل اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: على حرفين، حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف ما لم يختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب، كقولك: هلم وتعال»، وشاهد ذلك فهم الفقهاء هذا المعنى من الحديث.
قال ابن عبد البر: وذكر ابن وهب في كتاب الترغيب من جامعه: قيل لمالك: أترى نقرأ مثل ما قرأ عمر بن الخطاب: فامضوا إلى ذكر الله؟ قال: جائز، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه»، وهذا الوجه هو الذي لا يراه العقل بعيدا، فإن الاختلاف لو كان في المعنى بسبعة أوجه يفسر به المعنى، فقد يفضي إلى معنيين متضادين، فكيف يجيز النبي
صلى الله عليه وسلم
خلاف ما أراد الله بيانه من الآية؟ مع أن الروايات الكثيرة دلت أن النبي
صلى الله عليه وسلم
صوب قراءتهم؟ وغير خفي أن الآية لا تفسر بمعنيين متضادين قد يئول إلى حلية ما حرم وحرمة ما أحل، والله تعالى يقول:
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا .
6
وروى الأعمش عن أنس أنه قرأ هذه الآية «إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا»،
7
فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة! إنما هي أقوم، فقال: أقوم وأصوب وأهدى واحد، ويمكن أن يحمل الحديث على ما ذكره محمد بن عبد الكريم الشهرستاني
8
في تفسيره وقال: وقد قيل معنى قول النبي
صلى الله عليه وسلم
أنزل القرآن على سبعة أحرف، أنها هي الجهات التي تحتملها الكلمات، وهي ما اختلف فيه القراء السبعة من الإمالة والإشمام والإدغام.
وكان الصحابة إذا تلقوا آية من النبي
صلى الله عليه وسلم
أو سورة يترددون عليه غير مرة، ويتلونها أمامه حتى يزداد تثبتهم من حفظها، ويسألونه: هل حفظت كما أنزلت؟ حتى يقرهم عليها. ذكر الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ»: روى خارجة بن زيد عن أبيه قال: أتى النبي
صلى الله عليه وسلم
المدينة وقد قرأت سبعة عشر سورة، فقرأت على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فأعجبه ذلك، وقال: «يا زيد تعلم لي كتابة يهود فإني ما آمنهم على كتابي»، قال: فحذقته في نصف شهر.
وبعد الحفظ والإتقان كان كل حافظ ينشر ما حفظه، ويعلمه للأولاد والصبيان والذين لم يشهدوا النزول ساعة الوحي من أهل مكة والمدينة ومن حولهم من الناس، فلا يمضي يوم أو يومان إلا وما نزل محفوظ في صدور كثيرين من الصحابة، وكان الحفظة والقراء يعرضون على النبي
صلى الله عليه وسلم
القرآن ويختمونه عنده، وقد كانوا يقرءون بعض القرآن بأمره
صلى الله عليه وسلم .
عن ابن مسعود قال: قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «اقرأ علي، ففتحت سورة النساء، فلما بلغت:
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا
رأيت عينيه تذرفان من الدمع، فقال: حسبك الآن.»
قال الآمدي
9
في كتابه «الأفكار الأبكار»: إن المصاحف المشهورة في زمن الصحابة كانت مقروءة عليه
صلى الله عليه وسلم
ومعروضة، وكان مصحف عثمان بن عفان - رضي الله عنه - آخر ما عرض على النبي
صلى الله عليه وسلم ، وكان يصلي به إلى أن قبض. خرج ابن أشتة في المصاحف وابن أبي شيبة في الفضائل من طريق ابن سيرين عن عبيدة السلماني، قال: القراءة التي عرضت على النبي
صلى الله عليه وسلم
في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرؤها الناس اليوم. قال البغوي
10
في شرح السنة: إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي بين فيها ما نسخ وما بقي، وكتبها له
صلى الله عليه وسلم
وقرأها عليه، وكان يقرئ الناس بها حتى مات؛ ولذلك اعتمده عمر وأبو بكر - رضي الله عنهما - وجمعه، وولاه عثمان كتب المصاحف.
أرسل رسول الله
صلى الله عليه وسلم
جماعة من القراء إلى المدينة لتعليم القرآن. روى البخاري بإسناده عن أبي إسحاق عن البراء قال: أول من قدم علينا من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم
مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن، ثم جاء عمار وبلال، ولما فتح
صلى الله عليه وسلم
مكة ترك معاذ بن جبل للتعليم، وكان الرجل إذا هاجر إلى المدينة دفعه النبي
صلى الله عليه وسلم
إلى رجل من الحفظة ليعلمه القرآن، وكثر عدد الحفظة في عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وقتل في عهده
صلى الله عليه وسلم
في بئر معونة زهاء سبعين من القراء. قال الكرماني كما في الإتقان في الصحيح: إن الذين قتلوا في غزوة بئر معونة من الصحابة - وكان يقال لهم القراء - كانوا سبعين رجلا، وفي كثير من الأحاديث أن أبا بكر - رضي الله عنه -
11
حفظ القرآن في حياة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر أبو عبيدة في «كتاب القراءات»: القراء من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم ، فعد من المهاجرين: الخلفاء الأربعة، وطلحة وسعدا، وابن مسعود وحذيفة وسالما وأبا هريرة وعبد الله بن السائب والعبادلة
12
وعائشة وحفصة وأم سلمة، ومن الأنصار: عبادة بن الصامت ومعاذ الذي يكنى أبا حليمة، ومجمع بن جارية، وفضالة بن عبيد، ومسلمة بن مخلد، وصرح أن بعض هؤلاء كمل القرآن بعد النبي
صلى الله عليه وسلم ، وعد ابن أبي داود منهم تميما الداري وعقبة بن عامر. خرج ابن سعد في الطبقات: أنبأنا الفضل بن دكين، حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع قال: حدثتني جدتي عن أم روقة بنت عبد الله بن الحارث، وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يزورها ويسميها الشهيدة، وكانت قد جمعت القرآن، وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قد أمرها أن تؤم أهل دارها.
الفصل السادس
في كتابة القرآن حين نزوله بأمره صلى الله عليه وسلم وكتابه
وكان للنبي
صلى الله عليه وسلم
كتاب يكتبون الوحي بالخط المقرر وهو النسخي، وهم ثلاثة وأربعون، أشهرهم: الخلفاء الأربعة، وأبو سفيان وابناه: معاوية ويزيد، وسعيد بن العاص
1
وابناه: أبان وخالد، وزيد بن ثابت، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن الأرقم، وعبد الله بن رواحة، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح،
2
وأبي بن كعب،
3
وثابت بن قيس، وحنظلة بن الربيع، وشرحبيل بن حسنة، والعلاء بن الحضرمي، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، وحذيفة بن اليمان، وحويطب بن عبد العزى العامري، وكان ألزمهم للنبي
صلى الله عليه وسلم
وأكثرهم كتابة له زيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب - عليه السلام.
ويظهر من الروايات أنه
صلى الله عليه وسلم
كان يهتم بكتابة القرآن. روى البخاري عن البراء قال: لما نزلت
لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله
4
قال النبي
صلى الله عليه وسلم : ادع لي زيدا وليجئ باللوح والدواة والكتف أو الكتف والدواة ثم قال: اكتب:
لا يستوي القاعدون .
وفي قصة إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رجلا من قريش قال له: أختك قد صبأت (أي خرجت عن دينك)، فرجع ولطم أخته لطمة شج بها وجهها، فلما سكت عنه الغضب نظر فإذا صحيفة في ناحية البيت فيها: بسم الله الرحمن الرحيم
سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم
إلى قوله تعالى:
إن كنتم مؤمنين ،
5
واطلع على صحيفة أخرى فوجد فيها: بسم الله الرحمن الرحيم
طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
إلى قوله تعالى:
له الأسماء الحسنى ؛
6
فأسلم بعدما فهم بلاغة تلك الآيات. كل هذه الأحاديث والروايات تدل على أنه
صلى الله عليه وسلم
اهتم بكتابة القرآن، وأن القرآن كتب في عهده وحضرته بكل إتقان وضبط.
الفصل السابع
فيما كتب عليه القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
كان الكتبة يكتبون الآيات في العسب واللخاف والرقاع، وأحيانا في الحرير وقطع الأديم والأكتاف، على عادة العرب بالكتابة على تلك الأشياء، وكانت تطلق عليها الصحف، وكانت من تلك الصحف تكتب لرسول الله
صلى الله عليه وسلم
وتوضع في بيته. قال محمد بن إسحاق في الفهرست: وكان القرآن مكتوبا بين يدي رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في اللخاف والعسب وأكتاف الإبل، وروى البخاري عن زيد بن ثابت أنه قال: تتبعت القرآن وأجمعه من اللخاف والعسب وصدور الرجال.
روى العياشي
1
في تفسيره في ذيل رواية له: قال علي -عليه السلام: إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أوصاني إذا واريته في حفرته أن لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب الله، فإنه في جرائد النخل وفي أكتاف الإبل، وفي رواية علي بن إبراهيم
2
عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد - عليه السلام - قال: إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال لعلي: يا علي إن القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس، فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة، وانطلق علي - عليه السلام - فجمعه في ثوب أصفر ثم ختم عليه، قال الحارث المحاسبي في كتاب «فهم السنن»: كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنه
صلى الله عليه وسلم
كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب والقرطاس، ووردت روايات في أن وضع الآيات في مواضيعها في القرآن بأمره، وأنها بتوقيفه
صلى الله عليه وسلم
وفيها ما يدل على أن آيات القرآن كتبت بين يديه بأمره
صلى الله عليه وسلم .
3
الفصل الثامن
في ذكر أسماء الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
وجمع على عهد النبي
صلى الله عليه وسلم
بعض من الصحابة القرآن كله، وبعض منهم جمع القرآن ثم كمله بعد النبي
صلى الله عليه وسلم .
1
ذكر محمد بن إسحاق في الفهرست أن الجماع للقرآن على عهد النبي
صلى الله عليه وسلم
هم: علي بن أبي طالب - عليه السلام -
2
وسعد بن عبيد بن النعمان بن عمرو بن زيد،
3
وأبو الدرداء عويمر بن زيد،
4
ومعاذ بن جبل بن أوس،
5
وأبو زيد ثابت بن زيد بن النعمان،
6
وأبي بن كعب بن قيس ملك امرؤ القيس،
7
وعبيد بن معاوية،
8
وزيد بن ثابت.
9
ووافقه البخاري في أربعة منهم في إحدى رواياته، روى عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي
صلى الله عليه وسلم ؟ فقال أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وروى في موضع آخر مكان أبي بن كعب أبا الدرداء، وفي الإتقان خرج ابن أبي داود بسند حسن، عن محمد بن كعب القرظي أن الجامعين خمسة: معاذ وعبادة بن الصامت،
10
وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وأبو أيوب الأنصاري، وعن ابن سيرين أنهم أربعة: معاذ، وأبي، وأبو زيد، وأبو الدرداء أو عثمان أو هو مع تميم الداري، وخرج البيهقي وابن أبي داود عن الشعبي أنهم ستة: أبي، وزيد بن ثابت، ومعاذ، وأبو الدرداء، وسعد بن عبيد، وأبو زيد، ومجمع بن جارية، وروى الخوارزمي في مناقبه عن علي بن رياح قال: جمع القرآن على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
علي بن أبي طالب - عليه السلام - وأبي بن كعب.
ويظهر من بعض الروايات أن عليا أمير المؤمنين - عليه السلام - كتب القرآن على ترتيب النزول، وقدم الناسخ على المنسوخ. خرج ابن أشتة في المصاحف عن ابن سيرين أن عليا - عليه السلام - كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ، وأن ابن سيرين قال: تطلبت ذلك وكتبت فيه إلى المدينة فلم أقدر عليه، وقال ابن حجر:
11
قد ورد عن علي - عليه السلام - أنه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي
صلى الله عليه وسلم ، وخرجه ابن أبي داود، وفي شرح الكافي للمولى صالح القزويني عن كتاب سليم بن قيس الهلالي، أن عليا - عليه السلام - بعد وفاة النبي
صلى الله عليه وسلم
لزم بيته وأقبل على القرآن يجمعه ويؤلفه، فلم يخرج من بيته حتى جمعه كله، وكتب على تنزيله الناسخ والمنسوخ منه، والمحكم والمتشابه. ذكر الشيخ الإمام محمد بن محمد بن النعمان المفيد
12
في كتاب «الإرشاد» و«الرسالة السروية» أن عليا - عليه السلام - قدم في مصحفه المنسوخ على الناسخ، وكتب فيه تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل. يقول الشهرستاني في مقدمة تفسيره: كانت الصحابة - رضي الله عنهم - متفقين على أن علم القرآن مخصوص لأهل البيت - عليهم السلام - إذ كانوا يسألون علي بن أبي طالب - عليه السلام: هل خصصتم أهل البيت - عليهم السلام - دوننا بشيء سوى القرآن؟ فاستثناء القرآن بالتخصيص دليل على إجماعهم بأن القرآن وعلمه وتنزيله وتأويله مخصوص بهم.
الفصل التاسع
في تاريخ نزول السور
واعتمدت في ذلك على كتاب «نظم الدرر وتناسق الآيات والسور» لمؤلفه إبراهيم بن عمر البقاعي طبع مصر، وعلى كتاب «الفهرست» لابن النديم طبع مصر، وكتاب أبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي كما ذكر، ونقل عنه الأستاذ نولدكه
Noldeke
في كتابه «تاريخ القرآن»
des checfte der Qeran
وقال: إن كتاب أبي القاسم موجود في مكتبة
Cod Lugd 674 Warn .
تاريخ نزول السور.
العدد
السور المكية
السور المدنية
تاريخ النزول
1
الحمد ...
نزلت بعد المدثر
2
البقرة، إلا آية 281 فنزلت بمنى في حجة الوداع
أول سورة نزلت بالمدينة
3
آل عمران
بعد الأنفال
4
النساء
بعد الممتحنة
5
المائدة، إلا الآية 3 فنزلت بعرفات في حجة الوداع
بعد الفتح
6
الأنعام، إلا الآيات: 20 و23 و91 و93 و114 و141 و151 و152 و153 فمدنية
بعد الحجر
7
الأعراف، إلا من آية: 163 إلى غاية آية 170 فمدنية
بعد ص
8
الأنفال، إلا من آية 30 إلى غاية آية 36 فمكية
بعد البقرة
9
التوبة، إلا الآيتين الآخرتين فمكيتان
بعد المائدة
10
يونس، إلى الآيات: 40 و94 و95 و96 فمدنية
بعد الإسراء
11
هود، إلا الآيات: 12 و17 و114 فمدنية
بعد يونس
12
يوسف، إلا الآيات: 1 و2 و3 و7 فمدنية
بعد هود
13
الرعد
بعد محمد
14
إبراهيم، إلى آيتي: 28 و29 فمدنيتان
بعد نوح
15
الحجر، إلا آية 87 فمدنية
بعد يوسف
16
النحل، إلا الآيات الثلاث الأخيرة
بعد الكهف
17
الإسراء، إلا الآيات: 26 و32 و33 و57، ومن آية 73 إلى غاية آية 80 فمدنية
بعد القصص
18
الكهف، إلا آية 28، ومن آية 83 إلى غاية آية 101 فمدنية
بعد الغاشية
19
مريم، إلا آيتي 58 و71 فمدنيتان
بعد فاطر
20
طه، إلا آيتي 130 و131 فمدنيتان
بعد مريم
21
الأنبياء
بعد إبراهيم
22
الحج، إلا الآيات: 52 و53 و54 و55 فبين مكة والمدينة
بعد النور
23
المؤمنون
بعد الأنبياء
24
النور
بعد الحشر
25
الفرقان، إلا الآيات: 68 و69 و70 فمدنية
بعد يس
26
الشعراء، إلا آية 197 ومن 224 إلى آخر السورة فمدنية
بعد الواقعة
27
النمل
بعد الشعراء
28
القصص، إلا من آية 52 إلى غاية آية 55 فمدنية، وآية 85 فبالجحفة أثناء الهجرة
بعد النمل
29
العنكبوت، إلا من آية 1 إلى 11 فمدنية
بعد الروم
30
الروم، إلا آية 17 فمدنية
بعد الانشقاق
31
لقمان، إلى الآيات: 27 و28 و29 فمدنية
بعد الصافات
32
السجدة، إلا من آية 16 إلى غاية آية 20 فمدنية
بعد المؤمنون
33
الأحزاب
بعد آل عمران
34
سبأ، إلا آية 6 فمدنية
بعد لقمان
35
فاطر
بعد الفرقان
36
يس، إلا آية 45 فمدنية
بعد الجن
37
الصافات
بعد الأنعام
38
ص
بعد القمر
39
الزمر، إلا الآيات: 52 و53 و54 فمدنية
بعد سبأ
40
غافر، إلا آيتي: 56 و57 فمدنيتان
بعد الزمر
41
فصلت
بعد غافر
42
الشورى، إلا الآيات: 23 و24 و25 و27 فمدنية
بعد فصلت
43
الزخرف، إلا آية 54 فمدنية
بعد الشورى
44
الدخان
بعد الزخرف
45
الجاثية، إلا آية 14 فمدنية
بعد الدخان
46
الأحقاف، إلا الآيات: 10 و15 و35 فمدنية
بعد الجاثية
47
محمد
صلى الله عليه وسلم ، إلى آية 13 فنزلت في الطريق أثناء الهجرة
بعد الحديد
48
الفتح، نزلت في الطريق عند الانصراف من الحديبية
بعد الجمعة
49
الحجرات
بعد المجادلة
50
ق، إلا آية 38 فمدنية
بعد المرسلات
51
الذاريات
بعد الأحقاف
52
الطور
بعد السجدة
53
النجم، إلا آية 32 فمدنية
بعد الإخلاص
54
القمر، إلا الآيات: 44 و45 و46 فمدنية
بعد الطارق
55
الرحمن
بعد الرعد
56
الواقعة، إلا آيتي 81 و82 فمدنيتان
بعد طه
57
الحديد
بعد الزلزلة
58
المجادلة
بعد المنافقون
59
الحشر
بعد البينة
60
الممتحنة
بعد الأحزاب
61
الصف
بعد التغابن
62
الجمعة
بعد الصف
63
المنافقون
بعد الحج
64
التغابن
بعد التحريم
65
الطلاق
بعد الإنسان
66
التحريم
بعد الحجرات
67
الملك
بعد الطور
68
القلم، إلا من آية 17 إلى غاية 33، ومن آية 48 إلى غاية آية 50 فمدنية
بعد العلق
69
الحاقة
بعد الملك
70
المعارج
بعد الحاقة
71
نوح
بعد النحل
72
الجن
بعد الأعراف
73
المزمل، إلا الآيات 10 و11 و20 فمدنية
بعد القلم
74
المدثر
بعد المزمل
75
القيامة
بعد القارعة
76
الإنسان
بعد الرحمن
77
المرسلات، إلا آية 48 فمدنية
بعد الهمزة
78
النبأ
بعد المعارج
79
النازعات
بعد النبأ
80
عبس
بعد النجم
81
التكوير
بعد المسد
82
الانفطار
بعد النازعات
83
المطففين، وهي آخر سورة نزلت بمكة
بعد العنكبوت
84
الانشقاق
بعد الانفطار
85
البروج
بعد الشمس
86
الطارق
بعد البلد
87
الأعلى
بعد التكوير
88
الغاشية
بعد الذاريات
89
الفجر
بعد الليل
90
البلد
بعد ق
91
الشمس
بعد القدر
92
الليل
بعد الأعلى
93
الضحى
بعد الفجر
94
ألم نشرح ...
بعد الضحى
95
التين
بعد البروج
96
العلق، وهي أول ما نزل من القرآن
97
القدر
بعد عبس
98
البينة
بعد الطلاق
99
الزلزلة
بعد النساء
100
العاديات
بعد العصر
101
القارعة
بعد قريش
102
التكاثر
بعد الكوثر
103
العصر
بعد ألم نشرح ...
104
الهمزة
بعد القيمة
105
الفيل
بعد الكافرون
106
قريش
بعد التين
107
الماعون، الثلاث الآيات الأول والبقية مدنية
بعد التكاثر
108
الكوثر
بعد العاديات
109
الكافرون
بعد الماعون
10
النصر، نزلت بمنى في حجة الوداع، فتعد مدنية
وهي آخر ما نزل من السور
111
المسد
بعد الفاتحة
112
الإخلاص
بعد الناس
113
الفلق
بعد الفيل
114
الناس
بعد الفلق
الفصل العاشر
ترتيب نزول القرآن في مكة والمدينة
على النظم الذي ذكره ابن النديم
1
بإسناده عن محمد بن نعمان بن بشير
2
نذكر قوله؛ لأنه سند قديم يعتمد عليه، ولأن بين ما ذكره من الترتيب والترتيب المذكور في كتاب إبراهيم بن عمر البقاعي وكتاب أبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي كما نقله الأستاذ «نولدكه»
Noldeke
عنه اختلاف يسير، قال: أول ما نزل من القرآن على النبي
صلى الله عليه وسلم
في مكة هو:
1
اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى قوله علم الإنسان ما لم يعلم
2
ثم ن والقلم
3
ثم يا أيها المزمل وآخرها بطريق مكة
4
ثم المدثر
5
وروي عن مجاهد قال: نزلت تبت يدا أبي لهب ...
6
ثم إذا شمس كورت
7
ثم سبح اسم ربك الأعلى
8
ثم ألم نشرح لك صدرك
9
ثم والعصر
10
ثم والفجر
11
ثم والضحى
12
ثم والليل
13
ثم والعاديات ضبحا
14
ثم إنا أعطيناك الكوثر
15
ثم ألهاكم ...
16
ثم أرأيت الذي ...
17
ثم قل يا أيها الكافرون
18
ثم ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل
19
ثم قل هو الله أحد
20
ثم قل أعوذ برب الفلق
21
ثم قل أعوذ برب الناس، ويقال إنها مدنية
22
ثم والنجم
23
ثم عبس وتولى
24
ثم إنا أنزلناه ...
25
ثم والشمس وضحاها
26
ثم والسماء ذات البروج
27
ثم والتين والزيتون
28
ثم لإيلاف قريش
29
ثم القارعة
30
ثم لا أقسم بيوم القيامة
31
ثم ويل لكل همزة لمزة
32
ثم المرسلات
33
ثم ق والقرآن ...
34
ثم لا أقسم بهذا البلد
35
ثم الرحمن
36
ثم قل أوحي
37
ثم يس
38
ثم المص
39
ثم تبارك الذي نزل الفرقان
40
ثم الملائكة
41
ثم الحمد لله فاطر
42
ثم مريم
43
ثم طه
44
ثم إذا وقعت
45
ثم طسم الشعراء
46
ثم طس ...
47
ثم طسم الآخرة
48
ثم بني إسرائيل
49
ثم هود
50
ثم يوسف
51
ثم يونس
52
ثم الحجر
53
ثم الصافات
54
ثم لقمان: آخرها مدني
55
ثم قد أفلح المؤمنون
56
ثم سبأ
57
ثم الأنبياء
58
ثم الزمر
59
ثم حم المؤمن ...
60
ثم حم السجدة
61
ثم حم عسق
62
ثم حم الزخرف
63
ثم حم الدخان
64
ثم حم الشريعة
65
ثم حم الأحقاف، فيها آي مدنية
66
ثم والذاريات
67
ثم هل أتاك حديث الغاشية
68
ثم الكهف: آخرها مدني
69
ثم الأنعام: فيها آي مدنية
70
ثم النحل: آخرها مدني
71
ثم نوح
72
ثم إبراهيم
73
ثم السجدة
74
ثم الطور
75
ثم تبارك الذي بيده الملك
76
ثم الحاقة
77
ثم سأل سائل
78
ثم عم يتساءلون
79
ثم النازعات
80
ثم إذا السماء انفطرت
81
ثم إذا السماء انشقت
82
ثم الروم
83
ثم العنكبوت
84
ثم ويل للمطففين، ويقال إنها مدنية
85
ثم اقتربت الساعة وانشق القمر
86
ثم والسماء والطارق
87
قال: وحدثني الثوري عن فراس عن الشعبي قال: نزلت النحل بمكة إلا هؤلاء الآيات: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به
وقال:
3
وحدث ابن جريح عن عطاء الخراساني عن ابن عباس قال: نزلت بمكة خمس وثمانون سورة، ونزل بالمدينة ثمان وعشرون سورة، نزل بالمدينة:
90
البقرة
91
ثم الأنفال
92
ثم الأعراف
93
ثم آل عمران
94
ثم الممتحنة
95
ثم النساء
96
ثم إذا زلزلت ...
97
ثم الحديد
98
ثم الذين كفروا ...
99
ثم الرعد
100
ثم هل أتى على الإنسان ...
101
ثم يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ...
102
ثم لم يكن الذين كفروا ...
103
ثم الحشر
104
ثم إذا جاء نصر الله والفتح
105
ثم النور
106
ثم الحج
107
ثم المنافقون
108
ثم المجادلة
109
ثم الحجرات
110
ثم يا أيها النبي لم تحرم ...
111
ثم الجمعة
112
ثم التغابن
113
ثم الحواريين
114
ثم الفتح
115
ثم المائدة
116
ثم التوبة
يقال نزلت المعوذتان بالمدينة
قد علم مما سبق أن القرآن كتب في عهد النبي
صلى الله عليه وسلم
بين يديه في جرائد النخل والأكتاف والحرير. خرج الحاكم بسنده على شرط الشيخين عن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم
نؤلف القرآن من الرقاع، وكان هذا التأليف عن ترتيب الآيات حسب إرشاد النبي
صلى الله عليه وسلم
إلى مواضعها، ولكن الصحف المكتوبة كانت متفرقة، ولأجل ذلك أمر النبي
صلى الله عليه وسلم
لعلي - عليه السلام - بجمعه، وحذر عن تضييعه، كما يدل عليه رواية علي بن إبراهيم القمي، وكان القرآن محفوظا في صدور الرجال، وحفظته جماعة من الصحابة كله حسب ما سمعوه من النبي
صلى الله عليه وسلم ، وقتل في وقعة بئر معونة في (سنة 4ه) جماعة تقرب عدتهم من سبعين رجلا يقال لهم القراء.
الباب الثاني
الفصل الأول
القرآن في عهد أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما
ولما توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ورجعت نفسه الزكية إلى ربها راضية مرضية، وتولى الأمر أبو بكر بن أبي قحافة - رضي الله عنه - ظهر مسيلمة باليمامة في السنة الأولى من خلافته، وجهز أبو بكر لقتاله جيشا يتألف من القراء وحفظة القرآن وغيرهم، وفي هذه الحرب التي كان النصر حليف المسلمين، وقتل مسيلمة، واشتد القتل في يومها لقراء القرآن؛ أحس الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بضرورة جمع القرآن. في الإتقان عن ابن أبي داود بطريق الحسن أن عمر - رضي الله عنه - سأل عن آية من كتاب الله، فقيل كانت مع فلان، قتل يوم اليمامة، فقال: إنا لله، فأمر بجمع القرآن، فكان أول من جمعه في مصحف.
1
روى البخاري بإسناده عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل (أي عقيب مقتل) أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر (أي اشتد) يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف تفعل (برواية البخاري) وكيف أفعل (برواية محمد بن إسحاق) ما لم يفعله رسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب
2
واللخاف
3
وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص
حتى خاتمة براءة.
يظهر من الرواية أنا أبا بكر - رضي الله عنه - خشي فأبى من فعل ما لم يفعله رسول الله
صلى الله عليه وسلم
لشدة اتباعهم للنبي
صلى الله عليه وسلم ، ثم اجتهد عمر - رضي الله عنه - وقال: هذا والله خير، أي صلاح للأمة؛ لأن القرآن هو أساس معالم الدين الإسلامي، وكذلك زيد بن ثابت أبى أن يفعل ما لم يفعله
صلى الله عليه وسلم
خشية الابتداع في الدين، كأن ظاهر الرواية أن إنكارهما يرجع إلى جمع القرآن، مع أن القرآن بحسب الروايات والأقوال السابقة كان مجموعا في حضرة النبي
صلى الله عليه وسلم ، ولكن التأمل الصادق والشواهد يعطي أن اقتراح عمر جمع القرآن إنما كان لجمعه في الورق، حتى إن الصحابة لشدة احتياطهم وخضوعهم لرسول الله
صلى الله عليه وسلم
خافوا أن يكون ذلك من البدع وأجاب الخليفة الثاني أن فيه رضى النبي
صلى الله عليه وسلم
وصلاح الأمة. في الإتقان عن مغازي موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: لما أصيب المسلمون باليمامة فزع أبو بكر وخاف أن يذهب من القرآن طائفة، فأقبل الناس بما كان معهم وعندهم حتى جمع على عهد أبي بكر في الورق، فكان أبو بكر أول من جمع القرآن في المصحف، ثم أعلن عمر في المدينة بأن يأتي كل من تلقى شيئا من القرآن من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وقال أبو بكر لعمر ولزيد: اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على كتاب الله فاكتباه.
4
والأقرب إلى الظن أن الشاهدين كانا يشهدان بأن ما أتوا به كان مما عرض على النبي
صلى الله عليه وسلم
عام وفاته في العرضة الأخيرة، وكتب بين يديه صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك قال زيد بن ثابت: وجدت آخر سورة براءة مع أبي خزيمة لم أجدها مع غيره، ولولا ذلك لما صح معنى لعدم وجدانهم لهذه الآية؛ لأن زيدا كان جمع القرآن وحفظه، وأخذه عن النبي
صلى الله عليه وسلم
وقبل قول أبي خزيمة؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم
جعل شهادته شهادة رجلين، وأتى عمر بآية الرجم فلم تكتب؛ لأنه كان أتى بها وحده، وكانت - حسب بعض الروايات - نسخة من القرآن المكتوب في العسب والحرير والأكتاف في بيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم .
وكان هذا الجمع عبارة عن جمع الآيات المكتوبة في الأكتاب والعسب واللخاف، ونسخها في الأديم وهو الجلد المدبوغ. قال ابن حجر في رواية عمادة بن غزية أن زيد بن ثابت قال: فأمرني أبو بكر فكتبته في قطع الأديم، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر في حياته، ثم عند حفصة بنت عمر.
وقال عمر - رضي الله عنه: لا يملين في مصاحفنا إلا غلمان من قريش وثقيف، وقال عثمان - رضي الله عنه: اجعلوا المملي من هذيل والكاتب من ثقيف.
5
الفصل الثاني
القرآن في عهد عثمان - رضي الله عنه
قد سبق أن الصحابة قرءوا بعض كلمات القرآن بألفاظ مختلفة كانت تدل على معنى واحد، كامض وأسر وعجل وأسرع وأخر وأمهل، وأن عمر قرأ: فامضوا إلى ذكر الله، وأنس قرأ: إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا، ولم يكن هذا الاختلاف بنظرهم مغيرا لمعنى القرآن؛ ولذلك أقر النبي
صلى الله عليه وسلم
قراءاتهم على اختلاف ألفاظها.
وبعد عهد النبي
صلى الله عليه وسلم
أخذ يزيد هذا الاختلاف في عهد أبي بكر، واشتد في عهد عثمان حتى اقتتل المعلمون والغلمان، وتفرق القراء والحفاظ في الشام والعراق واليمن وأرمينية وأذربيجان، وزاد على هذا الاختلاف بتأثير عوامل تحول اللغة بمجاورة أمم غير عربية أو عربية غير مضرية، وأصبح بحيث يخشى من تأثيره، فعند ذلك أحس حذيفة بن اليمان
1
الصحابي الجليل بسوء تأثيره إن استمر، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأعلم عثمان سوء عاقبة الاختلاف في القرآن.
وفي البخاري ووافقه صاحب الفهرست
2
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك حدثه، أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان (في الفهرست وكان بالعراق)، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالمصحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم.
3
ويظهر من بعض الأسانيد الموثقة أن عثمان لما أراد نسخ القرآن في المصاحف، جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار. خرج ابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين عن كثير بن أفلح، قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، فبعثوا إلى الربعة
4
التي في بيت عمر فجيء بها، وكان عثمان يتعاهدهم إذا تداوروا
5
في شيء أخروه، قال محمد: فظننت أنما كان يؤخرونه لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الأخيرة فيكتبونه على قوله، وقال ابن حجر: فاتفق رأي الصحابة على أن كتبوا ما تحقق أنه قرآن في العرضة الأخيرة، وتركوا ما سوى ذلك.
6
ويدل على قول ابن حجر ذيل حديث البخاري عن خارجة بن زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع أبي خزيمة بن ثابت الأنصاري:
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
فألحقناها في سورتها في المصحف. يتراءى أن التحقيق أرشدهم إلى أن الآية مما عرضت على النبي
صلى الله عليه وسلم
في العرضة الأخيرة في المصحف، ولما نسخوا الصحف في المصاحف ردها عثمان إلى حفصة ونسخوا أربعة مصاحف، وأبقى عنده واحدا منها، وأرسل عثمان الثلاثة للبصرة والكوفة والشام، وعين زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدني، وبعث عامر بن قيس
7
مع البصري، وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي،
8
والمغيرة بن شهاب مع الشامي، وقرأ كل مصر بما في مصحفه.
فالجمع الأول كان جمع الآيات حين نزولها في الكتب وأمثالها مما كانت العرب تكتب عليه وعرضها على النبي
صلى الله عليه وسلم ، والجمع الثاني في عهد الخليفة أبي بكر كان جمع القرآن بين لوحين ونسخها في قطع الأديم، والجمع الثالث في عهد عثمان - رضي الله عنه - كان جمع المسلمين على قراءة واحدة.
ذكر علي بن محمد الطاوس العلوي الفاطمي في كتابه «سعد السعود» نقلا عن كتاب أبي جعفر محمد بن منصور ورواية محمد بن زيد بن مروان في اختلاف المصاحف أن القرآن جمعه على عهد أبي بكر زيد بن ثابت، وخالفه في ذلك «أبي» و«عبد الله بن مسعود» و«سالم» مولى أبي حذيفة، ثم عاد عثمان فجمع المصحف برأي مولانا علي بن أبي طالب - عليه السلام - وأخذ عثمان مصحف أبي وعبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة فغسلها (كذا)
9
وكتب عثمان مصحفا لنفسه، ومصحفا لأهل المدينة، ومصحفا لأهل مكة، ومصحفا لأهل الكوفة، ومصحفا لأهل البصرة، ومصحفا لأهل الشام، (ومصحف الشام رآه ابن فضل الله العمري في أواسط القرن الثامن الهجري) يقول في وصف مسجد دمشق: «وإلى جانبه الأيسر المصحف العثماني بخط أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه» ا.ه.
10
ويظن قويا أن هذا المصحف هو الذي كان موجودا في دار الكتب في لنين غراد وانتقل الآن إلى إنكلترا.
ورأيت في شهر ذي الحجة سنة 1353ه في دار الكتب العلوية في النجف مصحفا بالخط الكوفي كتب على آخره: كتبه علي بن أبي طالب في سنة أربعين من الهجرة، لتشابه أبي وأبو في رسم الخط الكوفي قد يظن من لا خبرة له أنه: كتب علي بن أبو طالب بالواو.
وفي كلام ابن طاوس - رحمه الله - في كتاب سعد السعود أن عثمان عاد وجمع المصحف برأي علي - عليه السلام - تأييد لما ذكره الشهرستاني في مقدمة تفسيره براوية سويد بن علقمة قال: سمعت علي بن أبي طالب - عليه السلام - يقول: أيها الناس، الله الله إياكم والغلو في أمر عثمان، وقولكم حراق المصاحف، فوالله ما حرقها إلا من ملأ من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، جمعنا وقال: ما تقولون في هذه القراءة التي اختلف الناس فيها: يلقى الرجل الرجل فيقول قراءتي خير من قراءتك، وهذا يجر إلى الكفر. فقلنا بالرأي. قال: أريد أن أجمع الناس على مصحف واحد، فإنكم إن اختلفتم اليوم كان من بعدكم أشد اختلافا. فقلنا: نعم ما رأيت. فأرسل إلى زيد بن ثابت وسعيد بن العاص قال: يكتب أحدكما ويملي الآخر، فلم يختلفا في شيء إلا في حرف واحد في سورة البقرة، فقال أحدهما: «التابوت» وقال الآخر «التابوه»، واختار قراءة زيد بن ثابت لأنه كتب الوحي.
الفصل الثالث
في ترتيب السور في مصحف علي - عليه السلام
واخترنا ذكر ترتيب السور في مصاحف بعض كبار الصحابة والتابعين عن المدارك المعتبرة القديمة؛ لما له مساس بتاريخ القرآن، وفهم أن ترتيبه كان باجتهاد منهم.
فقد قال ابن النديم في الفهرست: قال ابن المنادى: حدثني الحسن بن العباس قال: أخبرت عن عبد الرحمن بن أبي حماد عن الحكم بن ظهير السدوسي عن عبد خير عن علي - عليه السلام - أنه رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي
صلى الله عليه وسلم
فأقسم أن لا يضع عن ظهره رداءه حتى يجمع القرآن، فجلس في بيته ثلاثة أيام حتى جمع القرآن، فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه، وكان المصحف عند أهل جعفر - رضي الله عنه - ورأيت أنا في زماننا عند أبي يعلي حمزة الحسني - رحمه الله - مصحفا قد سقط منه أوراق بخط علي بن أبي طالب - عليه السلام - يتوارثه بنو حسن على مر الزمان، وهذا ترتيب السور في ذلك المصحف، وسقط ترتيب السور عن أصل النسخة المطبوعة في «ليبسك»
Leipzig
من سنة 1871 إلى سنة 1872، ولكن ذكر اليعقوبي
1
في الجزء الثاني من تاريخه ص152-154 طبع
Brill
سنة 1883.
وقال: وروى بعضهم أن علي بن أبي طالب - عليه السلام - كان جمعه - يعني القرآن - لما قبض رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وأتى به يحمله على جمل فقال: هذا القرآن جمعته، وكان قد جزأه سبعة أجزاء:
الجزء الأول
الجزء الثاني
الجزء الثالث
الجزء الرابع
فذلك جزء البقرة
فذلك جزء آل عمران
فذلك جزء النساء
فذلك جزء المائدة
البقرة
آل عمران
النساء
المائدة
يوسف
هود
النحل
يونس
العنكبوت
الحج
المؤمنون
مريم
الروم
الحجر
يس
طسم
لقمان
الأحزاب
حم عسق
الشعراء
حم السجدة
الدخان
الواقعة
الزخرف
الذاريات
الرحمن
تبارك الملك
الحجرات
هل أتى على الإنسان
الحاقة
يا أيها المدثر
ق والقرآن المجيد
ألم تنزيل
سأل سائل
أرأيت
اقتربت الساعة
السجدة
عبس وتولى
تبت
الممتحنة
النازعات
والشمس وضحاها
قل هو الله أحد
والسماء والطارق
إذا الشمس كورت
إنا أنزلناه
والعصر
لا أقسم بهذا البلد
إذا السماء انفطرت
إذا زلزلت
القارعة
ألم نشرح لك
إذا السماء انشقت
ويل لكل همزة
والسماء ذات البروج
والعاديات
سبح اسم ربك الأعلى
ألم تر كيف
والتين والزيتون
إنا أعطيناك الكوثر
لم يكن
لإيلاف قريش
طس النمل
قل يا أيها الكافرون
الجزء الخامس
الجزء السادس
الجزء السابع
فذلك جزء الأنعام
فذلك جزء الأعراف
فذلك جزء الأنفال
الأنعام
الأعراف
الأنفال
سبحان
إبراهيم
براءة
اقترب
الكهف
طه
الفرقان
النور
الملائكة
موسى
ص
الصافات
فرعون
الزمر
الأحقاف
حم
الشريعة
الفتح
المؤمن
الذين كفروا
الطور
المجادلة
الحديد
النجم
الحشر
المزمل
الصف
الجمعة
لا أقسم بيوم القيامة
التغابن
المنافقون
عم يتساءلون
الطلاق
ن والقلم
الغاشية
المطففين
إن أرسلنا نوحا
والفجر
المعوذتين
قل أوحي إلي
والليل إذا يغشى
المرسلات
إذا جاء نصر الله
والضحى
ألهاكم
الفصل الرابع
ترتيب سور القرآن في مصحف أبي بن كعب - رضي الله عنه
الصحابي الجليل المتوفي سنة 20ه
1
قال ابن النديم:
2
قال الفضل بن شاذان أخبرنا الثقة من أصحابنا قال: كان تأليف السور في قراءة أبي بن كعب بالبصرة في قرية يقال لها قرية الأنصار على رأس فرسخين عند محمد بن عبد الملك الأنصاري أخرج إلينا مصحفا، وقال: هو مصحف أبي رويناه عن آبائنا، فنظرت فيه واستخرجت أوائل السور وخواتيم الرسل وعدد الآي، فأوله:
1
فاتحة الكتاب
2
البقرة
3
النساء
4
آل عمران
5
الأنعام
6
الأعراف
7
المائدة
الذي التبسته يونس *
8
الأنفال
9
التوبة
10
هود
11
مريم
12
الشعراء
13
الحج
14
يوسف
15
الكهف
16
النحل
17
الأحزاب
18
بني إسرائيل
19
الزمر
20
حم تنزيل
21
طه
22
الأنبياء
23
النور
24
المؤمنون
25
حم المؤمن
26
الرعد
27
طسم
28
القصص
29
طس
30
سليمان
31
الصافات
32
داود
33
ص
34
يس
35
أصحاب الحجر
36
حم عسق
37
الروم
38
الزخرف
39
حم السجدة
40
إبراهيم
41
الملائكة
42
الفتح
43
محمد
صلى الله عليه وسلم
44
الحديد
45
الظهار †
46
تبارك
47
الفرقان
48
ألم تنزيل
49
نوح
50
الأحقاف
51
ق
52
الرحمن
53
الواقعة
54
الجن
55
النجم
56
ن
57
الحاقة
58
الحشر
59
الممتحنة
60
المرسلات
61
عم يتساءلون
62
الإنسان
63
لا أقسم
64
كورت
65
النازعات
66
عبس ‡
67
المطففين
68
إذا السماء انشقت
69
التين
70
اقرأ باسم ربك
71
الحجرات
72
المنافقون
73
الجمعة
74
النبي
صلى الله عليه وسلم
75
الفجر
76
الملك
77
والليل إذا يغشى
78
إذا السماء انفطرت
79
والشمس وضحاها
80
والسماء ذات البروج
81
الطارق
82
سبح اسم ربك الأعلى
83
الغاشية
84
عبس
85
الصف
86
الضحى
87
ألم نشرح
88
القارعة
89
التكاثر
90
الخلع
91
الجيد
92
اللهم إياك نعبد، وآخرها بالكفار ملحق اللمز
93
إذا زلزلت
94
العاديات
95
أصحاب الفيل
96
التين
97
الكوثر
98
القدر
99
الكافرون
100
النصر
101
أبي لهب
102
قريش
103
الصمد
104
الفلق
105
الناس *
هكذا في طبعة
Leipzig . †
في طبعة
Leipzig
الطهار بالطاء المهملة. ‡
وهي أهل الكتاب لم يكن أول ما كان الذين كفروا (فهرست طبعة
Leipzig )، ص37.
الفصل الخامس
ترتيب سور القرآن في مصحف عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه
الصحابي الجليل المتوفي سنة 32 أو 33ه
1
روى ابن النديم
2
عن الفضل بن شاذان أنه قال: وجدت في مصحف عبد الله بن مسعود تأليف سور القرآن على هذا الترتيب:
1
البقرة
2
النساء
3
آل عمران
4
المص
5
الأنعام
6
المائدة
7
يونس
8
براءة
9
النحل
10
هود
11
يوسف
12
بني إسرائيل
13
الأنبياء
14
المؤمنون
15
الشعراء
16
الصافات
17
الأحزاب
18
القصص
19
النور
20
الأنفال
21
مريم
22
العنكبوت
23
الروم
24
يس
25
الفرقان
26
الحج
27
الرعد
28
سبأ
29
الملائكة
30
إبراهيم
31
ص
32
الذين كفروا
33
القمر
34
الزمر
35
الحواميم المسبحات *
36
حم المؤمن
37
حم الزخرف
38
السجدة
39
الأحقاف
40
الجاثية
41
الدخان
42
إنا فتحنا
43
الحديد
44
سبح
45
الحشر
46
تنزيل
47
السجدة
48
ق
49
الطلاق
50
الحجرات
51
تبارك الذي بيده الملك
52
التغابن
53
المنافقون
54
الجمعة
55
الحواريون
56
قل أوحي
57
إنا أرسلنا نوحا
58
المجادلة
59
الممتحنة
60
يا أيها النبي لم تحرم
61
الرحمن
62
النجم
63
الذاريات
64
الطور
65
اقتربت الساعة
66
الحاقة
67
إذا وقعت
68
ن والقلم
69
النازعات
70
سأل سائل
71
المدثر
72
المزمل
73
المطففين
74
عبس
75
الدهر
76
القيامة
77
عم يتساءلون
78
التكوير
79
الانفطار
80-81
هل أتاك حديث الغاشية
82
سبح اسم ربك الأعلى
83
والليل إذا يغشى
84
الفجر
85
البروج
86
انشقت
87
اقرأ باسم ربك
88
لا أقسم بهذا البلد
89
والضحى
90
ألم نشرح
91
والسماء والطارق
92
والعاديات
93
أرأيت
94
القارعة
95
لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب
96
الشمس وضحاها
97
التين
98
ويل لكل همزة
99
الفيل
100
لإيلاف قريش
101
التكاثر
102
إنا أنزلناه
103
والعصر
104
إذا جاء نصر الله
105
الكوثر
106
الكافرون
107
المسد
108
قل هو الله أحد *
كذا.
فذلك مائة سورة وعشر سور.
3
وفي رواية أخرى الطور قبل الذاريات. قال الفضل بن شاذان: قال ابن سيرين: وكان عبد الله بن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه، ولا فاتحة الكتاب، وروى الفضل أيضا بإسناده عن الأعمش قال: في قراءة عبد الله (حمسق)
4
قال محمد بن إسحاق: رأيت عدة مصاحف ذكر نساخها أنها مصحف ابن مسعود ليس فيها مصحفان متفقان وأكثرها في رق كثير النسخ، وقد رأيت مصحفا قد كتب منذ نحو مائتي سنة فيه فاتحة الكتاب، والفضل بن شاذان أحد الأئمة في القرآن والروايات، فلذلك ذكرنا ما قاله دون ما شاهدناه. انتهى.
5
الفصل السادس
ترتيب السور في مصحف عبد الله بن عباس - رضي الله عنه
الصحابي الجليل المتوفي سنة 68ه
1
نجد في التاريخ والحديث للصحابي الجليل ابن عباس - رضي الله عنه - الذي تخصص في تفسير القرآن صلة خاصة بعلي - عليه السلام - فما يذكر عنه في القرآن له مزية كبيرة.
ذكر ابن طاوس
2
في كتاب سعد السعود أنه اشتهر بين أهل الإسلام أن ابن عباس كان تلميذ علي - عليه السلام - وذكر محمد بن عمر الرازي في كتاب الأربعين أن ابن عباس رئيس المفسرين كان تلميذ علي بن أبي طالب - عليه السلام - فآثرنا نقل ترتيب مصحفه كما ذكر الشهرستاني في مقدمة تفسيره، وهو سند أمين.
1
اقرأ
2
ن
3
والضحى
4
المزمل
5
المدثر
6
الفاتحة
7
تبت يدا
8
كورت
9
الأعلى
10
والليل
11
والفجر
12
ألم نشرح لك
13
الرحمن
14
والعصر
15
الكوثر
16
التكاثر
17
الدين
18
الفيل
19
الكافرون
20
الإخلاص
21
النجم
22
الأعمى
23
القدر
24
والشمس
25
البروج
26
التين
27
قريش
28
القارعة
29
القيامة
30
الهمزة
31
والمرسلات
32
ق
33
البلد
34
الطارق
35
القمر
36
ص
37
الأعراف
38
الجن
39
يس
40
الفرقان
41
الملائكة
42
مريم
43
طه
44
الشعراء
45
النمل
46
القصص
47
بني إسرائيل
48
يونس
49
هود
50
يوسف
51
الحجر
52
الأنعام
53
الصافات
54
لقمان
55
سبأ
56
الزمر
57
المؤمن
58
حم السجدة
59
حم عسق
60
الزخرف
61
الدخان
62
الجاثية
63
الأحقاف
64
الذاريات
65
الغاشية
66
الكهف
67
النحل
68
نوح
69
إبراهيم
70
الأنبياء
71
المؤمنون
72
الرعد
73
الطور
74
الملك
75
الحاقة
76
المعارج
77
النساء
78
والنازعات
79
انفطرت
80
انشقت
81
الروم
82
العنكبوت
83
المطففون
84
البقرة
85
الأنفال
86
آل عمران
87
الحشر
88
الأحزاب
89
النور
90
الممتحنة
91
الفتح
92
النساء
93
إذا زلزلت
94
الحج
95
الحديد
96
محمد
صلى الله عليه وسلم
97
الإنسان
98
الطلاق
99
لم يكن
100
الجمعة
101
ألم السجدة
102
المنافقون
103
المجادلة
104
الحجرات
105
التحريم
106
التغابن
107
الصف
108
المائدة
109
التوبة
110
النصر
111
الواقعة
112
والعاديات
113
الفلق
114
الناس
الفصل السابع
ترتيب السور في مصحف الإمام أبي عبد الله
جعفر بن محمد الصادق - عليه السلام
كما ذكره الشهرستاني في مقدمة تفسيره.
1
اقرأ
2
ن
3
المزمل
4
المدثر
5
تبت
6
كورت
7
الأعلى
8
والليل
9
والفجر
10
والضحى
11
ألم نشرح
12
والعصر
13
والعاديات
14
الكوثر
15
التكاثر
16
الدين
17
الكافرون
18
الفيل
19
الفلق
20
الناس
21
الإخلاص
22
والنجم
23
الأعمى
24
القدر
25
والشمس
26
البروج
27
والتين
28
قريش
29
القارعة
30
القيامة
31
الهمزة
32
المرسلات
33
ق
34
البلد
35
الطارق
36
القمر
37
ص
38
الأعراف
39
الجن
40
يس
41
الفرقان
42
الملائكة
43
مريم
44
طه
45
الواقعة
46
الشعراء
47
النمل
48
القصص
49
بني إسرائيل
50
يونس
51
هود
52
يوسف
53
الحجر
54
الأنعام
55
الصافات
56
لقمان
57
سبأ
58
الزمر
59
المؤمن
60
حم السجدة
61
حم عسق
62
الزخرف
63
الدخان
64
الجاثية
65
الأحقاف
66
الذاريات
67
الغاشية
68
الكهف
69
النحل
70
نوح
71
إبراهيم
72
الأنبياء
73
المؤمنون
74
الم السجدة
75
الطور
76
الملك
77
الحاقة
78
المعارج
79
النبأ
80
والنازعات
81
انفطرت
82
انشقت
83
الروم
84
العنكبوت
85
المطففون
86
البقرة
87
الأنفال
88
آل عمران
89
الأحزاب
90
الممتحنة
91
النساء
92
إذا زلزلت
93
الحديد
94
محمد
صلى الله عليه وسلم
95
الرعد
96
الرحمن
97
الإنسان
98
الطلاق
99
لم يكن
100
الحشر
101
النصر
102
النور
103
الحج
104
المنافقون
105
المجادلة
106
الحجرات
107
التحريم
108
الصف
109
الجمعة
110
التغابن
111
الفتح
112
التوبة
113
المائدة
اختلاف ترتيب السور في مصاحف هؤلاء الصحابة يشير إلى أن ترتيبها كان باجتهاد الصحابة والجامعين بخلاف وضع الآيات وترتيبها فإنه كان بإشارة النبي
صلى الله عليه وسلم ، ثم قد ظهر من الروايات أن القرآن كتب بين يدي النبي
صلى الله عليه وسلم
بقطع من العسب واللخاف والأكتاف وجرائد النخل، وهذه الأشياء كانت متفرقة منفصلا بعضها عن بعضها، ولم تكن كالورق أو الأديم الذي كتب عليه المصحف في الجمع الثاني والثالث، فلا بد أن الجامعين وضعوا علامة تميز المقدم من المؤخر كما نحن نجعل العلامة الفاصلة بالأعداد أو بالحروف الأبجدية في هذا الزمان.
فليعلم أنه ذكر محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في مقدمة تفسيره «مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار» نقلا عن كتاب «الاستغناء» عن سعيد بن جبير، وعن يحيي بن الحرث الديناري في قوله تعالى:
ولقد آتيناك سبعا من المثاني ، قال هي السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، ويسمي السابعة، وفي الآية بضم الرواية إليها دلالة واضحة أن هذه السور السبع كانت منظمة منسقة الآيات بإرشاد النبي
صلى الله عليه وسلم
حتى أشير إليها في الآية.
الفصل الثامن
في ذكر القراء السبعة ورواتهم المشهورين
وأسانيدهم وبلادهم ووفاتهم وميلادهم
أولهم: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي: قرأ على سبعين من التابعين منهم: أبو جعفر وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ومسلم بن جندب، فقرأ الأعرج على عبد الله بن عباس وأبي هريرة، وقرأ ابن عباس وأبو هريرة على أبي بن كعب، وقرأ أبي - رضي الله عنه - على رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وتوفي نافع سنة 169 تسعة وستين ومائة على الصحيح، ومولده في حدود سنة 70 سبعين من الهجرة، وأصله من أصبهان، وكان أسود اللون حالكا، وكان إمام الناس في القراءة بالمدينة، انتهت إليه رياسة الإقراء بها، وأجمع الناس عليه بعد التابعين إقراء أكثر من سبعين سنة. قال سعيد بن منصور: سمعت مالك بن أنس يقول: قراءة أهل المدينة سنة. قيل له : قراءة نافع؟ قال: نعم. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة. قلت: فإن لم يكن. قال: قراءة عاصم.
وراوياه: قالون وورش، فقالون هو أبو موسى عيسى بن مينا، توفي سنة 220 عشرين ومائتين على الصواب، ومولده سنة 120 عشرين ومائة، وقرأ على نافع سنة 50 خمسين، واختص به كثيرا فيقال إنه كان ابن زوجته، وهو الذي لقبه قالون لجودة قراءته - فإن قالون بلغة الروم جيد - وكان قالون قارئ المدينة ونحويها، وكان أصم لا يسمع البوق فإذا قرئ عليه القرآن يسمعه، وقال: قرأت على نافع قراءة غير مرة وكتبتها عنه، وقال: قال لي نافع: كم تقرأ علي، اجلس على أسطوانة أرسل إليك من يقرأ عليك.
وورش: هو عثمان بن سعيد المصري، وكنيته أبو سعيد، وقيل أبو عمرو، وقيل أبو القاسم، وورش لقب له، توفي بمصر سنة 197 سبع وتسعين ومائة، ومولده سنة 110 عشر ومائة، رحل إلى المدينة ليقرأ على نافع فقرأ عليه ختمات في سنة 155 خمسة وخمسين ومائة، ورجع إلى مصر فانتهت إليه رياسة الإقراء بها فلم ينازعه فيها منازع مع براعته في العربية ومعرفته بالتجويد، وكان حسن الصوت. قال يونس بن عبد الأعلى: كان ورش جيد القراءة حسن الصوت يهمز ويمد ويشدد ويبين الإعراب لا يمله سامعه.
وابن كثير: هو أبو معبد عبد الله بن كثير بن عمر بن زادان: قرأ على أبي السايب عبد الله بن السايب بن أبي السايب المخزومي، وقرأ عبد الله بن السايب على أبي بن كعب وعمر بن الخطاب، وقرأ أبي وعمر على رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وتوفي ابن كثير سنة 120 عشرين ومائة بغير شك، ومولده سنة 45 خمس وأربعين، وكان إمام الناس في القراءة بمكة لم ينازعه فيها منازع، وكان فصيحا بليغا أبيض اللحية طويلا أسمر جسيما أشهل عليه السكينة والوقار، لقي من الصحابة عبد الله بن الزبير وأبا أيوب الأنصاري وأنس بن مالك - رضي الله عنهم - وراوياه عن أصحابه هما:
البزي وقنبل، فالبزي: هو أحمد بن عبد الله بن القاسم مؤذن المسجد الحرام وإمامه ومقريه، وكنيته أبو الحسن، قرأ على عكرمة بن سليمان المكي، وقرأ عكرمة على شبل، وقرأ شبل على ابن كثير، وتوفي البزي سنة 250 خمسين ومائتين، ومولده سنة 170 سبعين ومائة، وكان إماما في القراءة محققا ضابطا متقنا لها، ثقة انتهت إليه مشيخة الإقراء بمكة.
وقنبل: هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومي المكي، وكنيته أبو عمرو ، وقنبل لقب له، قرأ على أبي الحسن أحمد القواس، وقرأ القواس على أبي الأخريط، وقرأ أبو الأخريط على القسط، وأخبره أنه قرأ على شبل، وقرأ شبل على ابن كثير، وتوفى قنبل سنة 291 إحدى وتسعين ومائتين، ومولده سنة 195 خمس وتسعين ومائة، وكان إماما في القراءة متقنا ضابطا انتهت إليه مشيخة الإقراء بالحجاز ورحل إليه الناس من الأقطار.
وأبو عمرو: وهو زبان بن العلاء بن عمار، قرأ على جماعة منهم أبو جعفر زيد بن القعقاع والحسن البصري، وقرأ الحسن على حطان، وأبي العالية، وقرأ أبو العالية على عمر بن الخطاب وأبي بن كعب، وكان أبو عمرو أعلم الناس بالقراءة والعربية مع الصدق والثقة والأمانة والدين. مر الحسن به وحلقته متوافرة والناس عكوف عليه، فقال: لا إله إلا الله، لقد كادت العلماء أن يكونوا أربابا، كل عز لم يؤكد بعلم فإلى ذل يئول. روي عن سفيان بن عيينة أنه قال: رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في المنام فقلت: يا رسول الله قد اختلفت علي القراءات، فبقراءة من تأمرني أن أقرأ؟ فقال: بقراءة أبي عمرو بن العلاء. توفي أبو عمرو في قول الأكثرين سنة 154 أربع وخمسين ومائة، وقيل غير ذلك، ومولده سنة 68 ثمان وستين وقيل سنة 70 سبعين، وراوياه: الدوري والسوسي - عن اليزيدي عنه.
والدوري: هو أبو عمرو حفص بن عمر، المقرئ الضري، ونسبته إلى الدور، موضع ببغداد بالجانب الشرقي، وكان إمام القراءة في عصره وشيخ الإقراء في وقته، وكان ثقة ضابطا كبيرا، وهو أول من جمع القراءات، وتوفي في شوال سنة 246 ست وأربعين ومائتين على الصواب.
والسوسي: هو أبو شعيب صالح بن زياد، ونسبته إلى السوس
1
موضع بالأهواز، وكان مقرئا ثقة ضابطا من أجل أصحاب اليزيدي، وتوفي أول سنة 261 إحدى وستين ومائتين، وقد قارب 90 التسعين.
وابن عامر: هو عبد الله بن عامر اليحصبي، ويحصب فخد من حمير، وكنيته أبو نعيم، وقيل أبو عمران، وقيل غير ذلك، إمام مسجد دمشق وقاضيها، تابعي لقي واثلة بن الأسقع والنعمان بن بشير، وقال يحيى بن الحارث الذماري: إنه قرأ على عثمان - رضي الله عنه - وقرأ عثمان على رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وتوفي بدمشق يوم عاشوراء سنة 118 ثمانية عشرة ومائة، ومولده سنة 21 إحدى وعشرين، وقيل غير ذلك، وكان إمام المسلمين بالجامع الأموي في أيام عمر بن عبد العزيز وقبله وبعده، وكان يأتم به وهو أمير المؤمنين، وناهيك بذلك منقبة، وجمع له بين الإمامة والقضاء ومشيخة الإقراء بدمشق، ودمشق إذ ذاك دار الخلافة ومحط رحال العلماء والتابعين، ورواياه عن أصحابه هما:
هشام وابن ذكوان، فهشام: هو أبو عمار بن نصير السلمي القاضي الدمشقي، وكنيته أبو الوليد، أخذ قراءة ابن عامر عرضا عن عراك بن خالد المزي عن يحيى بن الحارث الذماري عن ابن عامر، وكان عالم أهل دمشق وخطيبهم. قال عبدان: سمعته يقول: ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة، وكان مفتيهم ومقريهم ومحدثهم مع الثقة والضبط، وتوفي سنة 245 خمس وأربعين ومائتين، ومولده سنة 153 ثلاثة وخمسين ومائة.
وابن ذكوان: هو عبد الله أحمد بن بشير بن ذكوان القرشي الدمشقي، وكنيته أبو عمر، وأخذ قراءة ابن عامر عن أيوب بن تميم التميمي عن يحيى بن الحارث الذماري عن ابن عامر، انتهت إليه مشيخة الإقراء بعد أيوب بن تميم. قال أبو زرعة الحافظ الدمشقي: لم يكن بالعراق ولا بالحجاز ولا بالشام ولا بمصر ولا بخراسان في زمان ابن ذكوان أقرأ عندي منه، وتوفي في شوال سنة 202 اثنتين ومائتين على الصواب، ومولده يوم عاشوراء سنة 173 ثلاث وسبعين ومائة.
وعاصم: هو أبو بكر عاصم بن أبي النجود بن بهدلة مولى بني خزيمة بن مالك بن النضر، والنجود بفتح النون وضم الجيم وهو مأخوذ من نجدت الثياب أي سويت بعضها فوق بعض. أخذ القراءة عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي، وقرأ أبو عبد الرحمن على عثمان ومنه تعلم القرآن، وعلي بن أبي طالب - عليه السلام - وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم - وكان عاصم قد جمع بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد، وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن عاصم، فقال: رجل صالح ثقة، وقال ابن عياش: دخلت على عاصم وقد احتضر فجعل يردد هذه الآية:
ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق . توفي آخر سنة 127 سبع وعشرين ومائة، وقيل سنة 128 ثمان وعشرين ومائة، ولا اعتبار بقول من قال غير ذلك، وراوياه:
أبو بكر شعبة وحفص، فشعبة: هو أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي، واسمه شعبة، وقيل محمد، وقيل مطرق. توفي في جمادى الأولى سنة 193 ثلاث وتسعين ومائة، ومولده سنة 95 خمس وتسعين، وكان إماما عالما كبيرا، ولما حضرته الوفاة بكت أخته، فقال لها ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة.
وحفص: هو أبو عمر حفص بن سليمان بن المغيرة البزاز، وكان يعرف بحفص، وتعلم القرآن من عاصم خمسا خمسا كما يتعلمه الصبي من المعلم، وكان عالما عاملا أعلم أصحاب عاصم بقراءة عاصم، وكان ربيب عاصم - ابن زوجته - قال يحيى بن معين: الرواية الصحيحة التي رويت من قراءة عاصم رواية حفص، توفي سنة 180 ثمانين ومائة على الصحيح، ومولده سنة 90 تسعين.
وحمزة: هو حبيب بن عمارة الزيات التميمي مولى عكرمة بن ربعي التيمي، وكنيته أبو عمارة، قرأ على أبي محمد سليمان بن مهران الأعمش، وقرأ الأعمش على أبي محمد يحيي بن وثاب الأسدي، وقرأ يحيي على أبي شبل علقمة بن قيس، وقرأ علقمة على عبد الله بن مسعود، وقرأ عبد الله بن مسعود على رسول الله
صلى الله عليه وسلم . توفى حمزة سنة 156 ست وخمسين ومائة على الصواب، ومولده سنة 80 ثمانين، وكان إمام الناس في القراءة بالكوفة بعد عاصم والأعمش، وكان ثقة كبيرا حجة قيما بكتاب الله، مجودا له، عارفا بالفرائض والعربية، حافظا للحديث، ورعا عابدا خاشعا ناسكا زاهدا، قانتا لله، لم يكن له نظير. كان يجلب الزيت من العراق إلى حلوان، ويجلب الجبن والجوز منها إلى الكوفة. قال أبو حنيفة: شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك عليهما: القرآن والفرائض، وكان شيخه الأعمش إذا رآه يقول: هذا حبر القرآن، وقال حمزة: ما قرأت حرفا من كتاب الله إلا بأثر، وراوياه:
خلف وخلاد، عن سليم عنه، فخلف: هو أبو محمد بن خلف بن هشام بن طالب البزاز، توفي في جمادى الآخرة سنة 229 تسع وعشرين ومائتين، ومولده سنة 150 خمسين ومائة، وحفظ القرآن وهو ابن عشرين سنة، وابتدأ في طلب العلم وهو ابن ثلاثة عشر سنة، وكان إماما كبيرا عالما ثقة زاهدا عابدا.
وخلاد: هو أبو عيسى خلاد بن خالد الصيرفي، توفى سنة 220 عشرين ومائتين، وكان إماما في القراءة ثقة عارفا محققا مجودا. قال الداني: هو أضبط أصحاب سليم وأجلهم.
والكسائي: هو أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي من أولاد الفرس، من سواد العراق. روي عنه أن قيل له: لم سميت الكسائي؟ فقال: لأني أحرمت في كساء. قرأ على حمزة وعليه اعتماده، قرأ عليه القرآن العظيم أربع مرات، وأخذ أيضا عن محمد بن أبي ليلى وعيسى بن عمر، وقرأ عيسى بن عمر على عاصم، وتوفي الكسائي سنة 189 تسع وثمانين ومائة على أشهر الأقوال عن 70 سبعين سنة، وكان إمام الناس في القراءة في زمانه وأعلمهم بالقرآن. قال أبو بكر بن الأنباري: اجتمعت في الكسائي أمور: كان أعلم الناس بالنحو، وأوحدهم بالغريب، وكان أوحد الناس بالقرآن، فكانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط الأخذ عليهم فيجمع في مجلس ويجلس على الكرسي ويتلو القرآن من أوله إلى آخره، يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادئ، وقال ابن معين: ما رأيت بعيني هاتين أصدق لهجة من الكسائي، وراوياه:
أبو الحارث والدوري، فأبو الحارث هو الليث بن خالد المروزي المقرئ، قرأ على الكسائي. توفى سنة 240 أربعين ومائتين، وكان ثقة قيما في القراءة ضابطا لها. قال الحافظ أبو عمر: وكان من أجلة أصحاب الكسائي، وتقدم سند الدوري ووفاته في سند أبي عمرو بن العلاء.
اعتمدنا في تراجم القراء على كتاب المكرر فيما تواتر من القراءات السبع، وتحرر لمصنفه سراج الدين أبي حفص عمر بن زين الدين قاسم بن شمس الدين محمد الأنصاري المصري الشهير بالنشار المقرئ بالجامع الأتابكي.
2
الفصل التاسع
وضع الإعراب في القرآن
يقول التاريخ: إن الصحابة - رضي الله عنهم - جردوا المصاحف من كل شيء حتى من النقط والشكل.
ولم يكن الخط الذي وصل إلى العرب مضبوطا بالحركات والسكنات كما هو اليوم، بل كان خلوا مما يدل على أشكال الحروف المكتوبة، ولكن ملكة الإعراب الموجودة في نفوسهم قبل اختلاطهم بأمم أعجمية صانت لسانهم عن اللحن، وكان العربي في البادية ينطق بكلام فصيح، وينشد أشعارا بليغة، وهو يفقه فصاحة القرآن وبلاغة الخطب، وتؤثر في نفسه أي تأثير.
ولما انتشر الإسلام واختلط العرب بأمم أعجمية ظهرت عوامل الفساد في اللغة العربية، فحدث اللحن في لسان الفصحاء من العرب، وحدثت عدة حوادث نبهتهم إلى النهوض إلى صيانة القرآن الذي هو أساس الدين وحفاظ الإسلام من تطرق اللحن عليه، وكان أبو الأسود الدؤلي قد تعلم أصول النحو من علي أمير المؤمنين - عليه السلام -
1
واشتهر هو بعد ذلك بعلم العربية، وتعلم منه النحو جماعة منهم يحيى بن يعمر العدواني قاضي خراسان، ونصر بن عاصم الليثي، وبرعوا في النحو وقراءة القرآن وفنون الأدب، غير أن اشتغال جماعة بالنحو لم يسد ذلك التيار الجارف من فساد اللسان بالاختلاط.
فطلب زياد بن سمية - وكان واليا على البصرة - من أبي الأسود أن يضع طريقة لإصلاح الألسنة وقال له: إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسنة العرب، فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم ويعربون به كتاب الله، فأبى أبو الأسود أولا لبعض أسباب كان يراها، فأمر زياد رجلا أن يقعد في طريق أبي الأسود، فلما قاربه رفع صوته بالقراءة كأنه لا يقصد إسماع أبي الأسود وقرأ (أن الله بريء من المشركين ورسوله) بكسر اللام، فأعظم ذلك أبو الأسود وقال: عز وجه الله أن يبرأ من رسوله، ثم رجع من حينه إلى زياد وقال له: قد أجبتك إلى ما سألت، ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن فابعث لي كاتبا، فبعث زياد إليه ثلاثين كاتبا، فاختار منهم واحدا من عبد القيس وقال له : خذ المصحف وصبغا يخالف لون المداد، فإذا رأيتني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه، وإذا كسرتهما فانقط واحدة أسفله، وإذا ضممتهما فاجعل النقطة بين الحرف، فإن تبعت شيئا من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين، وأخذ يقرأ القرآن بالتأني والكاتب يضع النقط، وكلما أتم الكاتب صحيفة أعاد أبو الأسود نظره عليها، واستمر على ذلك حتى أعرب المصحف كله، وجرى الناس على طريقته، وكانوا إذا رأوا حرفا بعد التنوين من أحرف الحلق وضعوا إحدى النقطتين فوق الأخرى علامة على أن النون مظهرة، وإلا وضعوها بجانب الأخرى علامة على أن النون مدغمة أو خفية. ثم اخترع أهل المدينة للحرف المشدد علامة على شكل قوس طرفاه للأعلى هكذا ( )، ثم زاد أتباع أبي الأسود علامات أخرى في الشكل فوضعوا للسكون جرة أفقية فوق الحرف منفصلة عنه - سواء كان همزة أم غير همزة - ولألف الوصل جرة في أعلاها متصلة به إن كان قبلها فتحة، وفي أسفلها إن كان قبلها كسرة، وفي وسطها إن كان قبلها ضمة هكذا: .
الفصل العاشر
الإعجام في القرآن
المراد بالإعجام تمييز الحروف المتشابهة بوضع نقط لمنع اللبس، فالهمزة في الإعجام للسلب أي إزالة العجمة كما في قولك: شكوت إليه فأشكاني، أي أزال شكواي. المشهور أن اختراع الإعجام كان في عصر عبد الملك بن مروان، والتحقيق يفيد أنه كان قبل الإسلام؛ لأنه عثر على كتابات قديمة محررة قبل خلافة عبد الملك بن مروان فيها إعجام بعض الحروف كالباء والياء وشبههما، على أنه مع تشابه صور حروف كثيرة كالباء والتاء والثاء بعيد جدا عدم الإعجام وعدم مميز يميزها. فالحق أن الإعجام موضوع قبل الإسلام، ولكن تساهلوا في شأنه شيئا فشيئا حتى تنوسي ولم يبق منه إلا النادر، إلى أن جاء زمن عبد الملك فحتم على كتاب دولته رعايته، وبيان ذلك: أن الناس مكثوا يقرءون في مصاحف عثمان نيفا وأربعين سنة، وقلنا إن مصاحف عثمان - رضي الله عنه - كانت مجردة عن النقط والشكل.
1
ومكث القارئ يقرأ ولا يعلم هل القراءة الصحيحة والقرآن المنزل هو قوله (ننشزها) بالراء المعجمة أو (ننشرها) بالراء المهملة، أو (لتكون آية لمن خلفك) بالفاء أو (لمن خلقك) بالقاف؛ ولذلك كثر التصحيف في العراق، ففزع الحجاج أمير العراق إلى كتابه في زمن عبد الملك، وسألهم أن يضعوا علامات لتمييز الحروف المتشابهة، ودعا نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني تلميذي أبي الأسود الدؤلي لهذا الأمر، وكانت عامة المسلمين تكره أن يزيد أحد شيئا على ما في مصحف عثمان ولو للإصلاح خشية الابتداع، وتردد كثير منهم في قبول الإصلاح الذي أدخله أبو الأسود، فبعد البحث والتروي قرر نصر ويحيي - وكان من التقوى بحيث لا يتهمان في دينهما - إدخال الإصلاح الثاني، وهو أن توضع النقط أفرادا وأزواجا لتمييز الأحرف المتشابهة بالأسلوب الموجود الآن بيدنا، ولكن سبق القول أن الحركات والسكنات كانت بطريق النقط، وكذلك الإعجام أيضا كان بطريق النقط، فمنعا للبس بعض الحركات والسكنات والإعجام كان رسم كتابة المصحف مثلا يكتب الحركة بلون أحمر والإعجام بلون يخالف الأحمر. قال أبو عمرو: ولا أستجيز النقط بالسواد لما فيه من التغيير لصور الرسم - يعني رسم مصاحف عثمان - وأرى أن يكتب الهمزات بالصفرة، وعلى ذلك مصاحف أهل المدينة.
وقال عثمان بن سعيد الداني في كتابه المقنع: «وإذا استعملت الخضرة لألفات الوصل على ما أحدثه أهل بلدنا قديما فلا أرى بذلك بأسا»، وبلده «دانية» بالأندلس، وجرى أهل الأندلس على استعمال أربعة ألوان في المصاحف: السواد للحروف، والحمرة للشكل بطريقة النقط، والصفرة للهمزات، والخضرة لألفات الوصل، ولم تشتهر طريقة أبي الأسود إلا في المصاحف حفظا لقواعد القرآن.
الباب الثالث
الإفرنج والقرآن
الفصل الأول
ترجمة القرآن إلى اللغات الغربية
لم يقدم أحد على ترجمة القرآن إلا بعد أن توفرت كتب اللغة والمعجمات، وربما كانت أول ترجمة إلى اللغة اللاتينية لغة العلم في أوروبا، وذلك سنة 1143 بقلم كنت
Robert Kennett
الذي استعان في عمله ببطرس الطليطلي
، وعالم ثان عربي، فيكون القرآن قد دخل أوروبا عن طريق الأندلس، وكان الغرض من ترجمته عرضه على دي كلوني
Di Clunij
بقصد الرد عليه، ونجد فيما بعد أن القرآن ترجم ونشر باللاتينية (1509) ولكن لم يسمح للقراء أن يقتنوه ويتداولوه؛ لأن طبعته لم تكن مصحوبة بالردود
refutation .
وفي عام (1594) أصدر هنكلمان
Hinckelmann
ترجمته، وجاءت على الأثر (1598) طبعة مراتشي
Marracci
مصحوبة بالردود، ولقد عثر بعض الباحثين في مكتبة المرسلين الأمريكان في بيروت على نسخة من طبعة مراتشي، وبعد هذا أخذ القرآن في الظهور مترجما إلى اللغات الأوروبية الحديثة من إنكليزية وفرنسية وألمانية وإيطالية وروسية، حتى لا تخلو الآن لغة من ترجمة له أو ترجمات، ومن أقدم هذه الترجمات ترجمة سايل
Ceo-salee
إلى الإنكليزية (1734)، ومع أن سايل توسع في الترجمة ولم يتقيد بحرف الأصل، فقد تعد ترجمته من أنفس الترجمات وأنفعها في حينها.
الفصل الثاني
رأي بعض علماء الإفرنج في تاريخ سور القرآن
أهم ما ألفه الإفرنج في تاريخ القرآن هو الكتاب الذي ألفه الأستاذ «نولدكه»
Theodor-Noldeke
باللغة الألمانية.
فيه أبحاث تحليلية قيمة، كما أن فيه ما يؤاخذ عليه عالم محقق كنولدكه
1
Noldeke
حيث لم يستوف البحث والفكر فيه حقه.
بحث في كتابه عن تاريخ القرآن من نواح شتى بما يشهد بتضلعه واطلاعه الواسع، كما بحث عن حقيقة الوحي والنبوة، وشخصية النبي
صلى الله عليه وسلم ، ونزول القرآن، وتاريخ نزول السور، مكيها ومدنيها.
فآثرنا إيراد خلاصة بحثه في تاريخ السور، وإن كان قد أخذ عن نفس المصادر العربية التي أخذنا نحن عنها، لما فيه من فائدة.
سلك في كشف تاريخ السور مسلكا قويما يهدي إلى الحق أحيانا، فإنه جعل الحروب والغزوات الحادثة في زمن النبي
صلى الله عليه وسلم ، وعلم تاريخها بالتحقيق كحرب «بدر» و«الخندق» وصلح «الحديبية» وأشباهها من المدارك لفهم تاريخ ما نزل من القرآن فيها، وجعل أيضا اختلاف لهجة القرآن وأسلوبه الخطابي دليلا آخر لتاريخ آياته.
فيقول إن الغالب في الخطابات الواردة في الآيات بلفظ: (يا أيها الناس) والشدة في الإنذار نزلت في أول النبوة وقلة عدد المسلمين، والخطابات بلفظ: (يا أيها الذين آمنوا)، وآيات الرحمة نزلت بعد ازدياد عدد المسلمين والمؤمنين.
وهو يرتاب في بحثه التحليلي في الروايات والأحاديث وأقوال المفسرين في تاريخ القرآن.
وفي عين الحال يأخذ من مجموعها ما يضيء فكره ويرشده إلى كشف تاريخ السور والآيات ونظمها أحيانا.
أخذ ترتيب السور عن كتاب «أبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي» من رجال القرن الخامس الذي ذكرنا ترتيبه وكلامه، ولكنه قسمه إلى قسمين: القسم المكي والقسم المدني، وهو يضع سورة العلق مثلا - وهي أول ما نزل على ما رواه المحدثون - في أول القرآن، وسورة القلم - وهي التي تليها في النزول - بعدها ... وهكذا.
ترتيب القسم المكي على رأي نولدكه
96 ر68 ر73 ر74 ر111 ر81 ر87 ر92 ر89 ر93 ر94 ر103 ر100 ر108 ر102 ر107 ر109 ر105 ر113 ر114 ر112 ر53 ر80 ر97 ر91 ر85 ر95 ر106 ر101 ر75 ر104 ر77 ر50 ر90 ر86 ر54 ر38 ر7 ر72 ر36 ر25 ر35 ر19 ر20 ر56 ر26 ر27 ر28 ر17 ر10 ر11 ر12 ر15 ر6 ر37 ر31 ر34 ر39 ر40 ر41 ر42 ر43 ر44 ر45 ر46 ر51 ر88 ر18 ر16 ر71 ر14 ر21 ر23 ر32 ر52 ر67 ر69 ر70 ر78 ر79 ر82 ر84 ر30 ر29 ر83.
ترتيب القسم المدني على رأي نولدكه
2 ر8 ر3 ر33 ر60 ر4 ر99 ر57 ر47 ر13 ر55 ر76 ر65 ر98 ر59 ر110 ر24 ر22 ر63 ر58 ر49 ر66 ر62 ر64 ر61 ر48 ر5 ر9.
2
الفصل الثالث
البحث في فواتح سور القرآن
من أعوص المسائل التي يصادفها الباحث في القرآن من الناحية العلمية والتاريخية فهم معاني الحروف الواردة في فواتح السور، مع ما لها من العلاقة الخاصة بتاريخ القرآن.
ذهب المفسرون من الصحابة ومن بعدهم إلى اليوم مذاهب مختلفة في تفسيرها، وهي لا تزال مجهولة غامضة، وكثرة الأقوال وتشتت المذاهب فيها دليل على الغموض والإبهام، ونحن نذكر أهم الآراء والتفاسير المذكورة في عامة تلك الحروف أو في بعضها، ثم نقول بالراجح منها: (1)
عن مجاهد أن (ق، ص، حم، طسم) هي فواتح السور. (2)
عن ابن عباس - رضي الله عنه: «الم، حم، ن اسم مقطع
1 «الم، أي: أنا الله أعلم»» (3)
عن عكرمة: الم، حم،
2
إشارة إلى أن السورة السابقة انتهت،
3
ويذكر النووي
4
في كتابه «تهذيب الأسماء واللغات» في (مادة حمم) في حم خمس تأويلات: (أ)
أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به كما عن «ابن عباس». (ب)
أنه اسم من أسماء القرآن كما عن «قتادة». (ج)
حروف مقطعة من أسماء الله تعالى الذي هو الرحمن الرحيم. (د)
هو محمد، قاله جعفر بن محمد -عليه السلام. (ه)
هو من فواتح السور «كما عن مجاهد».
وفي الحديث: «شعاركم حم لا ينصرون.» قال الأزهري: سئل أبو العباس عن قوله صلى الله عليه وسلم حم لا ينصرون، فقال: معناه: والله لا ينصرون، الكلام خبر.
وفي لسان العرب
5
في حديث الجهاد: «إذا بيتم فقولوا حا ميم لا ينصرون». قال ابن الأثير: معناه اللهم لا ينصرون.
ويقول الطبري:
6
قال جماعة: بل ابتدئت بذلك السور ليفتح لاستماعه أسماع المشركين، إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن، حتى إذا استمعوا له تلى عليهم المؤلف.
ويذكر النووي أيضا عن قتادة قال: «ق» اسم من أسماء القرآن، وقال: قال أبو عبيدة والزجاج: افتتحت السور به كما افتتح غيرها بحروف الهجاء نحو (ن، الم، المر)، وحكى الفراء والزجاج أن قوما من أهل المدينة قالوا: معنى قاف قضى الله ما هو كائن، واحتجوا بقول الشاعر:
قلت لها قفي فقالت قاف
معناه «قالت قف» هذا كلام الواحدي، ويقول ابن طاوس في كتاب «سعد السعود» نقلا عن الجزء الأول من شرح تأويل القرآن وتفسير معانيه،
7
تصنيف أبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني من تفسير الحروف المقطعة (الم وباقي الحروف المقطعة) قال: قال أبو مسلم : إن الذي عندنا أنه لما كانت حروف المعجم أصل كلام العرب وتحداهم بالقرآن وبسورة من مثله، أراد أن هذا القرآن من جنس هذه الحروف المقطعة تعرفونها وتقتدرون على أمثالها، فكان عجزكم عن الإتيان بمثل القرآن وسورة من مثله دليلا على أن المنع والتعجيز لكم من الله، وأنه حجة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال: ومما يدل على تأويله أن كل سورة افتتحت بالحروف التي أنتم تعرفونها بعدها إشارة إلى القرآن، يعني أنه مؤلف من هذه الحروف التي أنتم تعرفونها وتقدرون عليها، ثم سأل نفسه وقال: إن قيل لو كان المراد هذا لكان قد اقتصر الله تعالى على ذكر الحروف في سورة واحدة، فقال: عادة العرب التكرار عن إيثار إفهام الذين يخاطبونه.
فأهم الآراء في نظر العقل هما الرأيان الأخيران اللذان روى أولهما الطبري عن جماعة، وهو أن السور ابتدئت بهذه الحروف للفت نظر المشركين إلى استماع القرآن المؤلف منها، وروى ثانيهما ابن طاوس العلوي عن أبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني، وهو لفت النظر إلى أن القرآن مؤلف من هذه الحروف التي تعجزون عن الإتيان بمثل قرآن مؤلف منها وأنتم تنطقون بهذه الحروف .
وطرق الإفرنج هذا الباب وبحثوا في فواتح السور، وأنا اطلعت على أبحاثهم فرأيتهم لم يأتوا برأي يكون له قيمة في نظر العلم والتاريخ.
في دائرة المعارف الإسلامية
Enzyclopaedie der Islam
بقلم
T. Buhl
في فقرة (15) من مادة قرآن وردت آراء «باور»
Bawer
و«نولدكه»
Noldeke
الشخصية بعد سرد آراء علماء المسلمين التي ذكرنا خلاصتها عن أوثق المصادر، وقد تركنا ذكر آراء هؤلاء الإفرنج الشخصية؛ لضعفها وعدم ركونها إلى الدليل العلمي.
والله يهدي إلى الحق.
مصادر الكتاب
حياة اللغة العربية: لأمين واصف (طبع مصر).
تفسير الطبري.
صحيح البخاري.
صحيح مسلم.
تفسير الصافي: للمحسن الكاشاني المشهور بالفيض.
تاريخ التشريع الإسلامي: للخضري.
كتاب الناسخ والمنسوخ: لأبي الحسن بن حصار.
الفهرست: لابن النديم.
تاريخ اليعقوبي، (طبع
brill ).
الأفكار الأبكار: للآمدي.
أمالي محمد بن الحسن الطوسي.
مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار للشهرستاني.
تذكرة الحفاظ: للحافظ الذهبي.
الإتقان في علوم القرآن : للسيوطي.
قاموس الأعلام: لشمس الدين سامي.
تفسير العياشي.
تفسير علي بن إبراهيم القمي.
كتاب سليم بن قيس الهلالي.
لسان العرب.
الصحاح.
كتاب سعد السعود: لابن طاوس.
كتاب مسالك الأبصار.
الإصابة: لابن حجر.
أساس البلاغة: للزمخشري.
تهذيب الأسماء واللغات: للنووي.
كتاب المكرر فيما تواتر من القراءات السبع وتحرر.
كتاب بحار الأنوار: للمجلسي.
كتاب حدائق الرياض: للشيخ المفيد.
أصول الكافي.
وفيات الأعيان.
أسد الغابة: لابن الأثير.
تهذيب التهذيب: لابن حجر.
المزهر: للسيوطي.
دائرة معارف القرن العشرين.
علم الفلك وتاريخه في القرون الوسطى: «لنلينو» الإيطالي.
تاريخ القرآن: لنولدكه
Noldeke (بالألمانية).
دائرة المعارف الإسلامية
Enzyclopaedie der Islam .
مقدمة الترجمة الإيطالية للقرآن للويجي بونيللي
Lwgi Bonelli .
Unknown page