Tarikh Qudat
تاريخ قضاة الأندلس (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا)
Investigator
لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة
Publisher
دار الآفاق الجديدة - بيروت/لبنان
Edition Number
الخامسة، 1403هـ -1983م
Your recent searches will show up here
Tarikh Qudat
Abu Hasan Malaqi d. 793 AHتاريخ قضاة الأندلس (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا)
Investigator
لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة
Publisher
دار الآفاق الجديدة - بيروت/لبنان
Edition Number
الخامسة، 1403هـ -1983م
وحسر عن ساعديه، وأشار بيديه، مادا لهما إلى وجه خصمه، واعيا على الأعوان تقديمه. فتاوله القاضي بنفسه، وأنكر عليه إكثاره، وقال: مهلا {عافاك الله} اخفض صوتك واقبض يدك {فقال له أنس: ومهلا يا قاضي} أمن المحذرات أنا؟ فأخفض صوتي، وأستر يدي، وأغطي معصمي لديك {أم من الأنبياء أنت؟ فلا أجهر بالقول عندك} وذلك شيء لم يجعله الله تعالى إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم {لقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. " ولست به ولا كرامة} وقد ذكر الله تعالى أن النفوس تجادل عنده يوم القيامة في الموقف الذي لا تعدله مقامات الدنيا في الجلالة والهيبة. قال الله تعالى " يوم تأتي نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون {" لقد تعديت، يا قاضي} طورك {وعلوت في منزلتك} وإنما البيان، بعبارة اللسان، وبالمنطق، يستبين الباطل من الحق؛ وإنما البوس، مع النحوس، ولا بد في الخصام، من إفساح كلام {قال: فبهت القاضي بقوله، وأغضى على تقريعه، وجعل يقول: الرفق أولى من الخرق} وانصرف أنس، والناس يعجبون من صبره له. قال: وكان من أرفع خلال القاضي ابن ذكوان، صحة رأيه، وإمحاضه النصيحة لمن شاوره. ولاه القضاء المنصور بن أبي عامر؛ وكان من جلة أصحابه وخواصه؛ ومحله منه فوق محل الوزراء، يفاوضه في تدبير الملك وسائر شأنه. قال عياض في مداركه: لم يتخلف عنه في غزوة من غزواته، ولا فارقه في ظعن ولا إقامة؛ وكذلك كان حاله مع ولديه المظفر والمأمون بعده: وقد تيمنوا برأيه، وعرفوا النجاح في مشورته. وكان له بداخل القصر بيت خاص به، يأتيه آخر النهار؛ فيجلس فيه إلى أن يخرج إليه ابن أبي عامر: فيفاوضه في جميع ما يحتاج إليه. وربما بات عنده بالنزاهة وخفة الوطأة، حتى قيل إنه ما سأله، على مكانته منه، حاجة لنفسه ولا لغيره بتصريح، مع كثرة ما انقضت على يديه من حوائج الناس؛ بل كان يعرض ما يحتاج إليه
Page 85