على رجل يجوز في الأموال، وكان الذي قضى له بالمال قد أكله، واستهلكه، ولم يوجد عنده، كان ما قضى به على الرجل على القاضي في ماله. وإذا لم يجر في قضائه، وهو عدل، رضى، وإنما خطأ أخطأه، أو غلط غلطه، لم يكن عليه شيء من خطئه. وإذا أقر القاضي على نفسه أنه جار في قضائه، إذا كان قاضيا، في قتل نفس، أو قطع يد، أو قصاص، أو جراح، فما أقر به، أو ثبت عليه من غير إقرار، أقيد منه. قال أبو أيوب، في باب خطأ القاضي من الكتاب المسمى: وقد أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم {وأبو بكر، وعمر رضي الله عنهما} من أنفسهم. ومما تقرر في الشريعة أن حكم الحاكم لا يحل الحرام، وأن الفروج والدماء والأموال سواء، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم {: إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض؛ فأقضى له على نحو ما أسمع. فمن قضيت له من حق أخيه شيئا، فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار} فأجرى الله تعالى أحكام رسوله صلى الله عليه وسلم! على الظاهر الذي يستوى فيه هو وغيره من البشر، ليصح اقتداء أمته به في قضاياه، ويأتون ما أتوا من ذلك على علم من سنته، إذ البيان بالفعل أولى من القول وأرفع لاحتمال اللفظ: وقوله: " أقضي له على نحو ما أسمع " احتج به من لا يجيز حكم الحاكم بعلمه لقوله: فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض أي أفطن لها، وقوله: على نحو ما أسمع؛ ولم يقل: أعلم؛ ومن يرى حكم الحاكم بعلمه لا يلتفت إلى ما سمع، خالف أو وافق. قال عياض: وقد اختلف العلماء في حكم الحاكم بعلمه، وما سمعه في مجلس نظره. فمذهب مالك وأكثر أصحابه أن القاضي لا يقضي في شيء من الأشياء بعلمه، إلا فيما أقر به في مجلس قضائه، خاصة في الأموال. وبه قال الأوزاعي، وجماعة من أصحاب ملك المدنيين، وغيرهم، وحكوه عن مالك. وقال الشافعي في مشهور قوليه، وأبو ثور، ومن تبعهما، أنه يقضي بعلمه في كل شيء من الأموال، والحدود، وغير ذلك، مما سمعه أو رآه قبل قضائه وبعده، وبمصره وغيره. وذهب أبو حنيفة إلى أنه يقضى بما سمعه في قضائه وفي مصره، في الأموال، لا في الحدود. انتهى. ووقع كذلك في المسألة، بين الفقهاء بقرطبة، اختلاف؛ فذهب منهم أبو إبراهيم، ومحمد بن العطار، في آخرين، إلى أن القاضي له أن يقضي بعلمه دون شهود. ومال قوم
Page 7