Tarikh Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Genres
كان الإمبراطور محاطا بمرشاليته جميعهم ساعة أشرقت الشمس وظهر الأفق جليا، فأعطى أمره إلى كل من المرشالية بأن يتجه إلى فرقته، ثم عبر بين الجنود وقال لهم: «أيها الجنود، يجب أن ننهي هذه المعركة بصاعقة تقضي على كبرياء العدو.» وما كاد يتلفظ بهذه العبارة حتى رفعت القبعات على رءوس الحراب، وهتف الجميع «ليحي الإمبراطور.» وبعد فترة قصيرة سمع دوي المدافع من أطراف الميمنة واشتبك القتال.
في تلك الساعة اهتز المرشال سول، كمن أصيب بسكرة شديدة، ووثب إلى مرتفعات قرية برنجن بفرقتي القائدين فاندام وسنت هيلير، وبتر ميمنة العدو، ووثب مورات بخيالته، ومشت الميسرة التي يقودها المرشال لان. عند هذا دوت المدافع على طول الصف، فإذا هي مائتا مدفع تتخلل مائتي ألف جندي؛ موقعة هائلة من مواقع الجبابرة! لم يمر ساعة على القتال حتى انشقت ميسرة العدو، وأما الميمنة فوصلت إلى أوسترلتز معسكر الإمبراطورين العام اللذين أشارا إلى حرس إمبراطور روسيا بالزحف ليتفق لهما اجتماع الوسط بالميسرة. وما هي إلا مدة قصيرة حتى هاجم الحرس الإمبراطوري الروسي كتيبة من الفرقة الرابعة وقلبتها بطنا لظهر؛ إلا أن الإمبراطور لم يكن بعيدا، فعندما انتبه إلى هذه الحركة، أمر المرشال باسيير بأن يهجم لنجدة ميمنته بجنوده القاهرين.
أما النجاح فكان مضمونا؛ إذ إن الحرس الروسي تشتت تشتتا فظيعا، واستولي على القائد والمدفعية والأعلام جميعهم، وأما جحفل الغراندوق قسطنطين، فقد سحق سحقا، ولولا سرعة جواده لما استطاع هو نفسه سبيلا إلى النجاة.
أبصر الإمبراطوران هزيمة الحرس الروسي من مرتفعات أوسترلتز. في تلك الساعة تقدم وسط الجيش الذي يقوده المرشال برنادوت، وأتيح لثلاث من كتائبه أن تحمل حملة باهرة، وقيض للميسرة، التي يقودها المرشال لان، أن تحمل ثلاث حملات انتصرت جميعها. أما فرقة القائد كافريللي فقد امتازت أيضا بما قامت به من الجهود، وقدر للكتائب المدرعة أن تستولي على مدافع العدو.
في الساعة الواحدة بعد الظهر كان النصر محتما من غير أن نحتاج إلى رجل واحد من الجيش الاحتياطي، أما الجيش العدو، الذي أحيط به من جميع أطرافه، فقد وجد نفسه محاصرا في بحيرة. عند هذا انقض عليه الإمبراطور بعشرين مدفعا وطارده من مركز إلى آخر؛ في ذلك الحين رأينا مشهدا فظيعا كمشهد أبو قير، حين ترامى عشرون ألفا من الأعداء في المياه وأغرقوا في البحيرات.
ألقت السلاح فرقتان من الروس تعد الواحدة أربعة آلاف وسلمتا أسيرتين. أما نتيجة هذا النهار فهي: أربعون علما روسيا بينهما أعلام الحرس الإمبراطوري، عدد من الأسراء كبير لم تتمكن أركان الجيش بعد من معرفتهم جميعهم، اثنا أو خمسة عشر قائدا، خمسة عشر ألفا من الروسيين بقوا في ساحة القتال وتقدر خسائرنا بثماني مائة قتيل وألف وخمس مائة أو ألف وست مائة جريح. إن هذا لا يدهش العسكريين الذين يعرفون أن الهزيمة إنما هي وحدها التي تسبب خسارة الرجال، ولم ينكسر من فرقنا إلا كتيبة من الفرقة الرابعة لا غير. بين الأسراء: القائد سنت هيلير الذي أصيب في بدء المعركة فبقي طوال النهار في ساحة القتال، لقد أفرغ عليه المجد، والقواد كيلليرمان، والتر، فالهوبر، تييبو، كومبان، سباستياني وراب معاون الإمبراطور. هذا الأخير هو الذي قبض على الأمير ريبنان، قائد خيالة الحرس الإمبراطوري الروسي، في حين كان يهاجم تلك الخيالة وهو على رأس رماحة الحرس. أما الرجال الذين امتازوا، فهم الجيش الذي أفرغ عليه المجد. لقد كانوا يثبون إلى القتال هاتفين: ليحي الإمبراطور! وكانت فكرة الاحتفال بعيد التتويج الإمبراطوري تدب في الجند روح الحماس والاستبسال.
كان الجيش الفرنسي، على ما هو عليه من كثرة العدد، أقل عددا من الجيش العدو، الذي كان يعد خمسة آلاف رجل بعد المائة، بينهم ثمانون ألف روسي وخمسة وعشرون ألف نمسوي. لقد أتلف نصف هذا الجيش وانهزم بعضه انهزاما تاما، وألقى البعض الآخر السلاح.
إن هذه الموقعة لتكلف بطرسبرج دموعا من دم! أتراها تنبذ ذهب إنكلترا بسخط شديد؟ وذلك الأمير الفتى، الذي تؤهله فضائله العديدة لأن يكون أبا لشعبه، أتراه ينفض عنه نفوذ حاشيته المأجورة التي تفقده محبة شعبه له وتوقعه في أشد النكبات؟ إن الطبيعة، التي منحته الخصال الشريفة، أعدته ليكون مؤاسيا لأوروبا، ولكن الآراء الجاحدة، التي جعلته حليفا لإنكلترا، ستفسح له في التاريخ مكان الرجال الذين يعملون على تعاسة هذا الجيل. إن كانت فرنسا لا تستطيع أن تبلغ السلام إلا بالشروط التي عرضها دولكوروكي على الإمبراطور والتي عهد بحملها إلى السيد ده نوفوزيلزوف، فلتثق روسيا بأنها لن تنال ذلك وإن كان جيشها معسكرا على مرتفعات مونمارتر.
في الثاني عشر صباحا قدم الأمير جان ده ليكتنستن، قائد الجيش النمسوي، إلى الإمبراطور في معسكره العام وجرت بينهما مقابلة طويلة. على أننا نتابع نجاحنا. لجأ العدو إلى كودنج على طريق أوسترلتز، فلحق به الجيش الفرنسي وأعمل فيه القتل.
لم يسطر التاريخ بعد موقعة أفظع من هذه؛ لا يزال صراخ الألوف من الرجال صاعدا من وسط البحيرات. إن القلب ليتفطر شفقة وحزنا! ألا إن الدم المهروق والآلام الشديدة لتقع على رءوس الجبناء من الإنكليز.»
Unknown page