Tarikh Najd Hadith

Amin Rihani d. 1359 AH
151

Tarikh Najd Hadith

تاريخ نجد الحديث وملحقاته

Genres

يرجوه أن يوافيه إلى القطيف للمفاوضة في أمور هامة، فتوجه عبد العزيز إلى تلك الناحية واجتمع بالسر برسي في جزيرة دارين هناك.

وكان هم بريطانية يومئذ أن تخرج الترك من العراق وسورية بل من البلاد العربية وتؤمن لبواخرها وجنودها الخليج والبحر الأحمر. فاتخذت لتحقيق هذا الغرض طرائق شتى، منها محالفة أمراء العرب وإمدادهم بالمال والسلاح على العدو.

سأل السر برسي كوكس ابن سعود عما يستطيع أن يؤديه من المساعدة للأحلاف، فأجابه: «إني أساعدهم بأمرين، أعاهدهم أولا ألا يجيئهم ضرر مني ما دامت المعاهدة بيني وبينهم مرعية الجانب، وأعاهدهم ثانيا ألا أنضم إلى حلف عربي ضدهم. وإني أؤكد لكم أن العرب لا يجتمعون عليكم إذا لم أكن أنا معهم. إني أحب أن يجتمع أمرنا على مساعدة الأحلاف، نعم وسأكتب إلى الشريف حسين بهذا الخصوص إذا أحببتم.» ولكن ذاك الأمر لم يتم كما سنرى، فظل لذلك موقف ابن سعود موقفا سلبيا.

ومن المسائل التي كانت حكومة بريطانية العظمى تريد أن تستطلع رأي أمراء العرب فيها مسألة الخلافة، فتكلم السر برسي عن انتقال الخلافة إلى العرب، واتخذ المجاملة سبيلا إلى غرضه، فعرض المنصب على ابن سعود قائلا: «إن حكومة جلالة الملك تستحسن ذلك وتساعد في تحقيقه.»

لم يخف على عبد العزيز قصد المعتمد، فقال: «لا ذوق لي بالخلافة، وإني لا أرى من هو أجدر بها من الشريف حسين.»

اطمأن بال الوكيل المحترم، وارتاحت الوزارة الخارجية إلى الخبر الذي مكنها من إطلاق يد المعتمد في مصر. فكانت الخلافة الطعم الألذ في الصنارة التي رماها على شاطئ جدة، فالتقفها الشريف حسين وكان عظيما في الأرض؛ مليكا في مكة، خليفة في عمان، أسيرا في قبرص! وكان ابن سعود في الأرض حكيما.

أما وقد وثبنا وثبة في هذا الفصل لا تجوز في اصطلاح المؤرخين، فلا بأس بوثبة أخرى ما زلنا في أمر الحسين. كلنا نذكر أنه شرع يتكلم باسم العرب، بعد أن أبرم ذاك الاتفاق والمعتمد البريطاني في القاهرة، ويدعي أنه زعيمهم الأكبر، ثم جاء يوم التتويج أو بالحري المبايعة فهللت جريدة القبلة وازدهت أعمدتها باللقب الجديد: صاحب الجلالة العظمى ملك العرب.

ليأذن القارئ أن نقف مرة أخرى مستطردين. ليس الذنب في تفريق كلمة العرب ذنب الإنكليز وحدهم كما يظن الناس، وهاكم الحقيقة كلها.

يجيئهم أحد الأمراء مدعيا أنه سيد العرب أجمعين، وأنهم كلهم أطوع له من بنانه، فيسبرون الإنكليز غوره ويتحققون صدق كلامه أو كذبه؛ ولكنهم يوالونه لأنه على شيء من القوة.

ثم يجيئهم الآخر ودعواه أكبر من دعوى من تقدمه أو مثلها، وكذلك الآخرون، فيضطر الإنكليز أن يحددوا قوة الواحد إكراما للآخر، فتكون النتيجة التقسيم والتفريق.

Unknown page