244

Tarikh Misr Hadith

تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم

Genres

1-20

صور نقود السلطان محمود بن مصطفى مضروبة في القاهرة بتاريخ سنة 1143ه؛ فالأولى منها ذهبية وهي صورة القطعة المعروفة باسم زر محبوب أو سكوين. والثانية ذهبية أيضا وهي نصف سكوين أو نصفية. والثالثة صورة القطعة النحاسية المعروفة بالجديد.

شكل 1-20: نقود السلطان محمود بن مصطفى. (15) سلطنة عثمان بن مصطفى (من سنة 1168-1171ه/1754-1757م)

فبويع أخوه السلطان عثمان بن مصطفى، ويدعونه أيضا عثمان الثالث، وبقي على كرسي الخلافة ثلاث سنوات فقط. فشفى إبراهيم بك الشركسي غليله بقتل إبراهيم كخيا، لكنه لم يرو مطامعه؛ لأن مشيخة البلد انتقلت إلى رضوان بك صديق إبراهيم كخيا، ثم ظهر لرضوان منافس آخر من زعماء حزب إبراهيم يقال له حسين بك، أصبح بعد قتل الكخيا أكبر رجال ذلك الحرب ، فادعى لنفسه الأولوية بمشيخة البلد فلم تقبل دعواه، فجمع إليه بعض دعاته المماليك، وصعد إلى قلعة القاهرة واستولى على بطارية من المدافع تشرف على بركة الفيل حيث يقيم رضوان بك، فأطلق بعض القنابل على المنازل فخرقت جدرانها، فتداعت أركانها ورضوان بك مشغول بحلاقة لحيته. فلما أحس بالأمر طلب جواده ولم يعل ظهره حتى أصيب برصاصة كسرت فخذه. وتمكن من الفرار ومعه بعض المماليك إلى قرية الشيخ عثمان، وهناك توقف عن المسير لزيادة الألم ومعه رئيس الضابطة وكان مجروحا، ثم توفي الاثنان ودفنا معا.

فسمي حسين بك من ذلك الحين شيخ البلد، وأخذ يتقرب من أترابه البكوات وهم لا يزيدون منه إلا نفورا. ولم تمض بضعة أشهر من توليته حتى كمنوا له في مكان مصاطب النشاب في السهل الواقع بين القاهرة وأرض إبراهيم بك. وكان مشتغلا بعرض جنوده المماليك فهموا به وذبحوه ثم قطعوه إربا إربا. وصار يعرف من ذلك الحين بحسين بك المقتول. فتولى مكانه خليل بك واشتهر بحب القتل، وكان متظاهرا بالعداوة والحسد لعلي بك على الخصوص؛ لاعتقاده أنه أشد أعدائه وطأة وأقواهم عزيمة. (16) سلطنة مصطفى بن أحمد (من سنة 1171-1178ه/1757-1774م)

وفي سنة 1171ه تولى الخلافة العثمانية مصطفى بن أحمد وهو مصطفى الثالث. وبالحقيقة أن علي بك كان كثير الإخلاص لإبراهيم كخيا لا ينفك ساعيا في الانتقام له، ولكنه كان يرى السبيل الأقرب والأسهل لبلوغ مرامه إنما هو القوة. فأخفى ما في ضميره 8 سنوات اشتغل في أثنائها بجمع القوة. فابتاع عددا وافرا من المماليك، ووطد علائقه مع البكوات الآخرين، واكتسب ثقتهم بما كان يظهره من الغيرة عليهم والإخلاص لهم، وما كان يكرمهم به من الهدايا. وما زال يخطو خطوة بعد أخرى حتى اقترب من النقطة المطلوبة، فأوجس خليل بك خيفة منه، وجعل يتجسس حركاته بالأرصاد والعيون، ويعد المكائد في شوارع القاهرة. ففي ذات يوم هجم عليه حسين كشكش بأمر خليل بك، وبعد موقعة هائلة اضطر علي بك أن يفر إلى الصعيد في طائفة من أصدقائه البكوات يستعد للانتقام مضاعفا.

فصرح خليل بك أن علي بك وأتباعه البكوات مجردون من رتبهم وحقوقهم، وولى مكانهم بكوات من ذويه، وقتل من ظفر به في القاهرة من أصدقاء علي بك أو المنتمين إليه. أما علي بك فالتقى في الصعيد بواحد من مماليك مصطفى القرد يدعى صالح بك، كان منفيا هناك، وفي قلبه من خليل بك حزازات، فاتحد الاثنان ورجالهما وزحفا على القاهرة. فخرج خليل بك وحسين بك كشكش، فدارت رحى الحرب فكان الفوز لعلي ورفيقه، فطاردا خليل بك ورجاله حتى قطعوا مديرية القليوبية، وأوصلوهم إلى المسجد الأخضر على ضفاف النيل. واشتد الكفاح هناك فالتجأ خليل بك ورجاله إلى طنطا، فبعث علي بك كاشفه محمد الملقب بأبي الذهب ليهاجمهم، فهاجمهم واستلم طنطا بعد أن قتل حسين كشكش. أما خليل بك فاختبأ بالمسجد وبقي فيه وقد غلبه الجوع، ثم قبض عليه ونفي إلى الإسكندرية وخنق هناك. ونقلوا رءوس القتلى إلى القاهرة وطافوا بها في أسواقها. (17) علي بك الكبير (من سنة 1177-1187ه/1763-1774م)

فتمكن علي بك بهذا الانتصار من استلام مشيخة البلد في القاهرة سنة 1177ه، وأول أمر باشره قتل إبراهيم الشركسي الذي قتل سيده، فثارت عليه أحزابه يطلبون الانتقام، وهم عديدون فخاف علي بك على حياته، ففر إلى سوريا فالتجأ إلى متسلم (حاكم) بيت المقدس، وكانت بينهما صداقة قديمة، إلا أن هذا الملجأ لم يحمه إلا شهرين؛ لأن أعداءه البكوات لما علموا بمقره شكوه للسلطان مصطفى وأخبروه بمقره، فأنفذ إلى متسلم القدس فرمانا يأمره به أن يرسل علي بك مخفورا إلى الباب العالي. فعلم علي بك بذلك ففر إلى عكا وهناك اكتسب صداقة الشيخ ضاهر العمر أمير تلك المدينة الحصينة، فأكرم وفادته، وسعى في تبرئته أمام الباب العالي. وبمساعدة نصرائه من أصدقاء إبراهيم كخيا اكتسب له العفو من الحضرة الشاهانية، فألغيت الأوامر بالقبض عليه، وأعيد إلى القاهرة في منصبه الأول.

وفي سنة 1179ه - أي بعد ذلك بسنتين - هدد علي بك بالإقالة من ذلك المنصب؛ وذلك أن محمد راغب باشا - الذي كان على مصر وعزل منها على ما مر بك - كان يتذكر كرم أخلاق علي بك مذ كان كاشفا. فبعد استقالته من مصر ولي بر الأناضول، وبعد تسع سنوات صار صدرا أعظم، وما انفك متذكرا صداقة علي بك لا يفتر عن معاضدته وتسهيل مطالبه سرا وجهرا. ففي سنة 1179ه توفي الوزير محمد راغب باشا، فأصبح علي بك في حاجة لمن يعضده. فاغتنم أعداؤه هذه الفرصة ووشوا به إلى الأستانة، فاضطر أن يفر إلى اليمن، ولم تأت سنة 1180ه حتى عاد إلى القاهرة واسترجع منصبه بمساعدة أحزابه وموت أربعة من دعاة إبراهيم الشركسي. ثم تراءى له أن صديقه صالح بك تحدثه نفسه بخرق حرمة الصداقة، واتباع داعي المطامع الشخصية، فوكل أمر قتله إلى إبراهيم كاشف أحد أتباعه، فقتله طعنا، وسترى أن إبراهيم هذا سيرتقي حتى يتولى مشيخة البلد.

شكل 1-21: صورة ختم سليمان كخيا.

Unknown page