وهناك نظريات متباينة حول نشوء الحياة النباتية والحيوانية والإنسانية على الأرض، وحسبنا أن نذكر هنا النظريتين الأساسيتين، فإن أولهما تذهب إلى أن الحياة ظهرت فجأة؛ أي إنه حين استقلت الأرض برقعتها برزت هضابها ووديانها وزرعها وحيوانها وإنسانها؛ إذ إنه ليس ثمة دليل علمي صحيح لا يتداخله شك، يؤكد لنا أن الحياة بدأت دنيئة هينة رقيقة نباتا ثم حيوانا فإنسانا بدائيا فمتحضرا؛ أي تطورت «تطورا عضويا».
أما ثانية النظريتين فتذهب إلى نقيض النظرية الأولى، ذلك أن الحياة مؤلفة من الفرديات الكيانية، التي تتحد بمواد أخرى أو تتخذها غذاء، والتي تتوالد وتنتج ما يخلفها، وقد ثبت أن الخلف يحمل، إلى صفات مشتقة من السلف، أشياء أخرى مختلفة عنها، وأن انتقال النبات والكائنات الحية إلى أماكن أخرى، يغير من طباعها أو من صفاتها. وعند العالم الروسي «سينتسين» أن الحياة ترجع إلى الذرات الترامكروسكوبية التي تملأ فضاء الكون، وأن هناك جراثيم تقاوم الحرارة والسموم، وجراثيم تعيش من غير الأوكسيچين. (4) عصر السمك
هذا وقد بدأت الأسنان والمخالب قليلة في الكائنات البحرية، كالعقارب البحرية، ثم ظهر جيل آخر تخلقت فيه الأعين والأسنان تامة والأعضاء المساعدة على العوم، وهذه هي أنواع الحيوان الفقري، والسمك البدائي، وكان يعرف باسم الفقريات. ثم زادت الأسماك ونمت وانتشرت في الصخور الديفونية، وعرف عصرها «بعصر السمك»، ومنها ما ينتسب إلى المعروف اليوم بالأرش أو القرش وكلب البحر وكانت هذه الأنواع البائدة تجري في الماء وتفقز وتثب في الهواء، وتأكل الغصون والأوراق الخضراء بين الأعشاب، وأحدث نشوؤها حياة جديدة في الماء العالمي بعد هدوئه الطويل، وكان أطولها لا يزيد على عشرين قدما والقليل بين قدمين وثلاثة والأكثر صغير جدا.
وقد استقصى الأرضيون معرفتهم الحالية بها عن طريق فحص الخلف، واستيعاب تدرج نشوء بيضه ونموه، وكان سلف هذه الأنواع البائدة كائنات دنيئة سابحة ناعمة البدن، منشئة شيئا صلبا كالأسنان، كما كانت أسنان الورنك وكلب البحر تغطي فمه متصلة عند الشفة بالقشر المحدب فيما يشبه الأسنان كاسيا أكثر الجسم. (5) على اليابسة
عند الأرضيين أن الحياة بدأت في الماء ثم انتقلت إلى اليابسة خلال الملايين من السنين، فكان هناك رءوس الصخور والمرتفعات العارية تحت الشمس والأمطار، ولم يكن هناك تربة لأن دودة الأرض التي تساعد على وجودها وخصبها لم تنشأ بعد، وليس هناك نبات يفتت الأرض إلى طمي، ولم يكن هناك طحلب ولا حشائش أو شيبة أو أشنة. (6) عصور الجليد
وقد استهدفت الأرض لصنوف من الطقس لأسباب لم تعرف على وجه اليقين بعد، لتغيير في شكل مدارها وأشكال القارة بل قد يكون في حرارة الشمس ذاتها، مما أفضى إلى تعرض المساحات الواسعة إلى عصور من الجليد (الجمد) وبعدئذ ظهر الدفء.
ويبدو أن الأرض قد انشقت وانبعثت منها خطوط بركانية ومرتفعات، وأن البحار قد زادت عمقا، وأنه بعد أن هدأت طويلا نزلت الثلوج وهطلت الأمطار على قمم الجبال والهضاب، مفتتة الرواسب الآجرية «الطينية» وناقلة إياها إلى البحر مخفضة عمقه، وعلى هذا شهدت الكرة الأرضية عصورا بلغت فيها المرتفعات أعاليها والبحار أبعد أغوارها، كما شهدت مرتفعات أقل علوا وبحارا أقل غورا.
على أن سطح الأرض قد احتفظ ببرودته الشديدة طويلا، فكان ثمة عصور ثلجية في العصر الآزويكي «عديم الحياة». (7) عصر البرمائيات
أخذت الحياة تدب على الكرة الأرضية منذ ظهرت البحار القريبة الغور والمستنقعات، فانتقلت الحياة إلى اليابسة. وبعد أن اجتازت هذه الحياة الملايين من السنين في الماء ثم على اليابسة اتخذت لها صورة أوضح، فبدأت الحياة النباتية ثم تبعتها الحياة الحيوانية. كان النبات في بداية ظهوره على شكل نسيج خشبي يكفل له وظيفة السيقان وامتصاص الماء، ويظهر على الصخور نبات السرخس والطحلب والأمسوخ. ثم تبع هذه ألوان من الحيوان الدنيء مثل: أم أربعة وأربعين، والدودة الألفية الأرجل، والحشرات البدائية. وكذلك ما يمت بصلة إلى السرطان (أبو جلمبو) والعقارب التي تطورت إلى العناكب والعقارب البرية ثم الفقاريات. وكان من الحشرات البدائية فراشة يبلغ طولها 29 بوصة. وقد أعدت هذه الدنيئيات نفسها لتتنفس الهواء؛ إذ كانت وهي في الماء تتنفسه من الماء ذاته، وذلك بنشوء غطاء للخيشوم البدائي لوقف التبخر، أو بمد مجار أو أي أعضاء تنفسية داخل الجسم وترطبها إفرازات مائية، وصارت المثانة السابحة للسمكة عضوا تنفسيا مستكنا؛ أي الرئة، مشتقة من الزور. ثم زالت شقوق الخيشوم إلا واحدا أصبح طريقا للأذن وطبلتها. وهنا استطاع الحيوان أن يعيش في الهواء على أن يعود إلى حافة الماء لكي يضع بيضه ويفقسه، ومن ثم كانت البرمائيات التي تعيش في الماء وعلى اليابسة، والورل هي الأولى على اليابسة وكانت تعيش إلى جوار المستنقعات وفي الأماكن الرطبة. وكانت الأشجار ذاتها برمائية؛ أي تعيش على اليابسة وفي الماء، وكانت غير مثمرة واضعة بذرتها في الماء.
هذا هو عصر الكاربون (الفحم)، عصر البرمائيات، موطنه المستنقعات والماء الضحل. أما التلال والمرتفعات فكانت لا تزال عارية لا حياة فيها. (8) المادة في الحياة
Unknown page