وأظلم الجو من ذلك الإسراج، وسقط السور ومعه ثلاثه من الأبراج (1)، وزحف الروم إلى القتال، وماج عسكرهم بالأهوال، ووقف المسلمون على بنيتهم، بصدق من نيتهم، فأغنوا غناء الكرام، واستسهلوا صعب ذلك المقام.
ولم تزل الكرات تتمادى، والجراح تتهادى، والحديد للحديد قارع، والسيف بين الفريقين واصل وفيهما قاطع، حتى حجز بينهما المساء (2)، وقد أغامت بمثار النقع السماء، وباكروهم القتال، وخلطوا بالرجال الرجال، واستمر ذلك يوما بعد يوم، وأفنت الحرب/ 40/ قوما إثر قوم، وخبايا البلايا تبدو، والمعاول في المشيد تشدو، ونعرات المجانيق بركائب الجلاميد تحدو.
هذا ونوء الشتاء قد أمطر، والخصر (3) بالبرد الذي أفرط صائم ما أفطر، حتى ضنيت (4) الجسوم، وكثرت الكلوم، وكل المسلمون وتكالت الروم، ووصلوا إلى نقب السور الجديد، وصالوا عليه ببأس الحديد الشديد،
Page 123