وكانت الصباغة وصناعة الزجاج أخص ما يصطنعه الفينيقيون، ولكنهم لم يكونوا يجدون في مصنوعاتهم هذه ما يكفي لوسق سفائنهم وتسفيرها؛ فكانوا يزيدون عليها المحصولات الطبيعية أو المصنوعات التي كانوا يذهبون لاجتلابها من أقاصي الأرض، أو التي كانت تأتي بها قوافل آسيا وأفريقيا إلى ثغورهم. ومضت عليهم الأعصار الطوال وهم الذين يتعاطون نقل البضائع والمتاجر في البحر الأبيض المتوسط؛ بحيث كانت وساطتهم لازمة بين المغرب الذي لم يزل ضاربا في فيافي الهمجية والتبربر وبين المشرق الذي علت فيه كلمة التمدن وارتفع شأن الحضارة.
خلاصة ما تقدم (1)
كان لكل مدينة في فينيقية رب خاص بها (بعل) وله عشتاروت (أسطارطوس وهي إلهة أنثى) وكانت البعليم والعشتاروتات تمثل قوى الطبيعة والشمس والكواكب، أو الأغراض التي تتجه إليها نفوس بني آدم مثل العشق والقتال. وكانت هذه الآلهة متوطنة في المرتفعات والمشارف وفي الغابات وفي المياه وفي الأحجار الخام (بيت إيل - بيت الإله). (2)
وكانت هذه الآلهة تؤول إلى زوج واحد أعلى أو إلى سبعة آلهة كبراء تحف باشمون الذي هو الإله الخالق، وكانت عبادة هذه الآلهة غير منتظمة ومحفوفة بأساليب القساوة، فكان القوم يحرقون الأطفال تمجيدا لها، وإذا حل الانقلاب الصيفي أخذوا يندبون موت أدونيس، ثم إذا جاء الخريف احتفلوا ببعثه ونشوره. (3)
ثم دخلت بعض القواعد الدينية المصرية في ديانة الفينيقيين، وكذلك أخذت فينيقية عن مصر حروف الهجاء، ومن الحروف الهجائية الفينيقية اشتقت حروف الهجاء الأوروباوية. (4)
أما فنونهم من صباغة ونقش ونحت وعمارة وعمل زجاج فقد أثرت عليها صنائع مصر تارة وصنائع كلديا أخرى تأثيرا عظيما. (5)
وكانت صناعة الفينيقيين مشهورة عند القدماء؛ فقد أتقنوا طرق اصطناع الزجاج، وحفظوا زمانا طويلا سر تحضير الأرجوان، وكانوا ينقلون إلى الجهات القاصية مشغولات بلادهم ومصنوعات الأمم الأخرى. وكانوا هم الذين يتعاطون مهنة نقل البضائع في البحر المتوسط مدة أجيال طوال.
ويسمونها بيت إيل؛ أي بيت الإله.
أي بلون الحجر المعروف باسم الجمشت
Améthyste
Unknown page