Tarih al-Malik al-Zahir

Ibn Saddad d. 684 AH
217

Tarih al-Malik al-Zahir

تاريخ الملك الظاهر

Genres

ومن ذلك أن كل من كان له في زمن التذبذب مرافقا ، ولمراده موافقا ، صابرا على عسرته ، باذلا له النصح في عشرته ، آواه ، وحباه ، واصطفاه ، واحتباه . منهم الأمير بدر الدين بيسري الشمسي ، فإنه كان ظئرا له في الرضاع حال الطفولة ، ثم افترقا بعد أن ترعرعا ، ثم قدر اجتماعهما في سيواس على أيدي التجار - كما قدمنا في صدر الكتاب - ثم افترقا بالبيع واجتمعا في حلب ، ثم افترقا واجتمعاا في ملك السلطان الملك الصالح نجم الدين آيوب بن الملك الكامل ، صاحب الديار االمصرية ، فرعى كل منهما لصاحبه حق الصحبة ، وتوزعا بينهما سهم المحبة ، وداماعلى ذلك والدهر يضرب ضرباته إلى أن ملك السلطان الملك الظاهر ، فخوله وموله وعظمه وكرمه ، وصرفه في ملكه وحكمه .

و كذلك الأمير شمس الدين سنقر الأشقر العلائي ، فإنه كان قسيما له في التغرب والتخوف ، والتلفت والتسوف ، وكان بينهما عهد أنه متى وقع أحدهما في شدة باعالآخر نفسه في خلاصه ، فاتفق أن الأمير شمس الدين سنقر الأشقر أسرته التتر- كما حكيناه أولا - فلم يزل السلطان الملك الظاهر يعمل الحيلة في خلاصه إلى أن قدر لله تعالى بحصول نقفور صاحب سيس أسيرا في يده وكان معاهدا للتتر ففداه به . فانظر إلى هذه المكرمة التي هي فذة في المكارم ، والهبة التي حصلت فيها الأرباح بالمغارم.

وكذلك الأمير سيف الدين قلاوون الألفي ، فإنه لما كان خدنا له في التعب والنصب ، وقسيمأ له في الألم والوصب ، وفى له حين ملك وصاهره بأن زوج ابنه السلطان الملك السعيد ابنته وسلم له بذلك مهجته ، ونوه بذكره ، ورفع من قدره . والذي يأني على جملة ما لا يحضره التفصيل ، ولا يحيط به إحصاء من دأبه التحصيل ، انه آمر كل من كان معه مشردا عن الأوطان ، مقيدا من سوء الحال في أشطان وعدتهم أكثر من سبعين أميرا .

Page 290