84...فلما سمع النبى صلى الله عليه وسلم ضرب الخندق على المدينة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى اغبر بطنه كما ثبت في صحيح البخارى، واشتدت عليهم صخرة في الخندق فشكوها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا باناء من ماء فتفل فيه ثم دعا بما شاء الله تعالى أن يدعو به ثم نضح ذلك الماء على تلك الصخرة فانهالت حتى عادت كالكثيب لا ترد فأسا ولا مسحا، ولم يزل المسلمون يعملون فيه حتى اتموه وحفره رسول الله صلى الله عليه وسلم طولا من أعلى وادى بطحان غربى الوادى مع الحرة الى غربى المصلى، مصلى العيد، ثم الى مسجد الفتح ثم الى الجبلين الصغيرين اللذين في غربى الوادى، يقال لأحدهما رابح وللآخر جبل بنى عبيد.
وأقبلت قريش وكنانة ومن تبعهما من الأحابيش في عشرة آلاف حتى نزلوا بمجتمع السيول من رومة وادى العقيق وقائدهم أبو سفيان، وأقبلت غطفان وبنو أسد ومن تبعها من أهل نجد حتى (ق74) نزلوا بذنب نقمئ الى جانب أحد ما بين طرفى وادى النقمى وقائدهم عيينة بن حصن، وأتى الحارث بن عوف في بنى مرة ومسعود بن رحيلة في أشجع، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في ثلاثة آلاف حتى جعلوا ظهورهم الى جبل سلع، وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبته على القرن الذى في الجبل غربى سلع موضع مسجده اليوم، ثم سعى حيى بن أخطب حتى قطع الحلف الذى كان بين بنى قريظة وبين النبى صلى الله عليه وسلم وأجابوه لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتد الحصار على المسلمين وكان في ذلك ما قص الله تعالى بقوله: (اذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ..... ) (1) الآيات.
فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون بضعا وعشرين ليلة لم يكن لهم حرب الا الرمى بالنبل الا الفوارس من قريش فانهم قاتلوا فقتلوا وقتلوا، وأصاب سعد بن معاذ سهم فحسم رسول الله صلى الله عليه وسلم جرحه فانتفخت يده ونزف الدم، فلما رأى ذلك قال: اللهم ان كنت...
Page 84