152

Tārīkh al-Islām wa-wafayāt al-mashāhīr waʾl-aʿlām

تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

Publisher

المكتبة التوفيقية

الْمَدِينَةَ مِنْ بَابِهَا الْيَمَانِيِّ، فَأَتَى قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ فَرَبَطَ فِيهِ دَابَّتَهُ، وَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ مِنْ بَابٍ فِيهِ تَمِيلُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَصَلَّيْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ وَأَخَذَنِي مِنَ الْعَطَشِ أَشَدُّ مَا أَخَذَنِي، فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ لَبَنٍ وَعَسَلٍ، أَرْسَلَ إِلَيَّ بِهِمَا جَمِيعًا، فَعَدَلْتُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ هَدَانِي الله فأخذت البن، فَشَرِبْتُ حَتَّى قَرَعْتُ بِهِ جَبِينِي، وَبَيْنَ يَدَيَّ شَيْخٌ مُتَّكِئٌ عَلَى مِثْرَاةٍ لَهُ، فَقَالَ: أَخَذَ صَاحِبُكَ الْفِطْرَةَ إِنَّهُ ليُهدى.
ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْنَا الْوَادِيَ الَّذِي فِي الْمَدِينَةِ، فَإِذَا جَهَنَّمُ تَنْكَشِفُ عَنْ مِثْلِ الزَّرَابِيِّ١.
قُلْتُ: يَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَيْفَ وَجَدْتَهَا؟
قَالَ: مِثْلَ الْحَمْأَةِ٢ السُّخْنَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ بِي، فَمَرَرْنَا بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ، بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، قَدْ ضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ، قَدْ جَمَعَهُ فُلَانٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا صَوْتُ مُحَمَّدٍ.
ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ، فَأَتَانِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ اللَّيْلَةَ فَقَدِ الْتَمَسْتُكَ فِي مَظَانِّكَ؟ قُلْتُ: عَلِمْتَ أَنِّي أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِنَّهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، فَصِفْهُ لِي، قَالَ: فَفُتِحَ لِي صِرَاطٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، لَا يَسْأَلْنِي عن شيء إلا أبنته عنه، قال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: انْظُرُوا إِلَى ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لَكُمْ، بِمَكَانِ كَذَا، وَقَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ، فَجَمَعَهُ فُلَانٌ، وَإِنَّ مَسِيرَهُمْ يَنْزِلُونَ بِكَذَا، ثُمَّ كَذَا، وَيَأْتُونَكُمْ يَوْمَ كَذَا، يَقْدَمُهُمْ جَمَلٌ آدَمٌ، عَلَيْهِ مِسْحٌ أَسْوَدُ، وَغَرَارَتَانِ سَوْدَاوَانِ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ، أَشْرَفَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ حَتَّى كَانَ قَرِيبٌ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، حين أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل"٣.

١ الزرابي: جمع الزربية، وهي البساط.
٢الحمأة: الطين الأسود المنتن.
٣ إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "٢/ ٣٥٥-٣٥٧" وإسحاق بن إبراهيم ضعيف كما في "الميزان" "٧٣٠" وفي سنده من لم أجد لهم ترجمة، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "٣/ ١٤" بعد أن ساق الحديث: ولا شك أن هذا الحديث مشتمل على أشياء منها ما هو صحيح كما ذكره البيهقي، ومنها ما هو منكر كالصلاة في بيت لحم، وسؤال الصديق عن نعت المقدس وغير ذلك، والله أعلم.

1 / 155