Tarikh Ifriqiya
تاريخ أفريقية والمغرب
Genres
عمرو بن معاوية فقال: «أصلح الله الأمير، ما نشك فى طاعتك وخلافه، ولا فى حقك وباطله، وإنك إذا نهضت فى قلة من المال والفرسان بنفسك وأهل بيتك، لواثق بأن ينصرك الله نصرا يكون مثلا فى الناس، لأنك أهل لذلك بحسن نيتك وخلوص سريرتك، وإنك بقية أبرار وخلف أخيار، ونحن نبلغ مبلغ الجهد فى مناصحتك وإيثار هواك فى الحق على هوانا، ولك الإجابة منا إلى الدعوة إليه إن شاء الله. فقام عمران بن مخالد، فقال: «أصلح الله الأمير، فو الله ما أحصى ما شهدت من العساكر ما منها عسكر، إلا وطلائعه أكثر من عسكره والله لا يأتيك أمر من الموت بين تلك الجماعة، ولكأنى بك غدا على منبر القيروان، وإن نفسى لتحدثنى من نصر الله عز وجل ما لو أرسلت رجلا واحدا لأخذها لك إن شاء الله».
وأقبل إبراهيم يريد القيروان وعلى مقدمته عمران بن مخالد، فلما علم بذلك تمام خرج هاربا إلى تونس، ولما وصل إبراهيم دخل المسجد، فصعد المنبر واجتمع إليه الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس، اذكروا ما كنتم فيه من الضر، وتتابع عفوان البلايا إذا الدولة عليكم لا لكم، واستقر قلوبكم خشية الاتباع لا تطمعون فى إنصاف ولا يتجاوز همتكم الكفاف لا تنتصرون من عدوكم إلا بالدعاء، فى كل يوم دولة وسراد وعصبية وتحرق ولا يغير صاحب ذى خلاف ولا يرعوى ذو خلاف إلى طاعة، فقد عادت عليكم ... يأمن بها خوفكم ويعز بها ذلكم، ولست أميركم ولكنى أخذت ثغر أمير المؤمنين ممن أخذه بالخلاف، وأميرهم محمد بن مقاتل، وأنا مكاتبه ثم مسلمه إليه إن شاء الله. ثم أنشد يقول:
لو كنت لاقى تمام لسار به
ضرب يفرق بين الروح والجسد
ولكنه حين سام الموت يقدمنى
ولى فرارا وخلى لى عن البلد
إن يستقم نعف عما كان قدمه
وإن يعد بعدها فى غيه نعد
Page 131