Hommel » إلى أن السبئيين كانوا في الجوف في شمالي بلاد العرب (التابعة لابن سعود اليوم) وأنهم تقدموا منها إلى الجنوب، وقد جاء ذكر سبأ في التوراة مرارا، ولكن بأقوال يناقض بعضها بعضا، وإنما يمكن الاتفاق على أن السبئيين كانوا تجارا في تلك الأعصر يبيعون عود الطيب في مصر والشام ويتجرون بالحجارة الكريمة والتوراة تشير إلى ثروة السبئيين، ويؤيد ذلك مؤرخو اليونان والرومان.
وقد ذكر «سترابون» المؤرخ الجغرافي اليوناني أن الرومانيين في زمن أغسطس غزو سبأ وذلك سنة 24 - أملا بالاستيلاء على أموال هذه الأمة - ففشلت هذه الغزوة الرومانية فشلا تاما، ولكنها عرفت الرومانيين ببلاد العرب، فقد جاء في كتب مؤرخي الرومان واليونان مثل «ديودور» و«هيرودوت» وغيرهما، كلام كثير عن حضرموت واليمن، ووجد مطابقا للكتابات التي عثروا عليها في جنوبي الجزيرة العربية، ومن ذلك كله يظهر أن أهالي اليمن كانوا أشداء في الحروب، أصحاب إقدام ونشاط في الأعمال، وكانت لهم زرعة راقية جدا وتجارة ممتدة إلى سائر الأقطار وعلاقات اقتصادية مع مصر وفينيقية، وكان لهم قيام على الملاحة، وركوب البحر يعجب به المؤرخون.
وكان السبئيون سباقين في هذه المزايا كلها، وكانوا أصحاب يسار وترف، ولكن يظهر أنه لما غزا الرومان تلك البلاد بقيادة «جالوس
Gallus » كان قد بدأ ظهور دولة الحميريين وكان قد تقهقر السبئيون فالقائد جالوس يذكر أنهم - أي الحميريين - أصحاب الكلمة العليا في اليمن.
وقد كان هذا في القرنين الأول والثاني قبل المسيح، ولكن السبئيين بحسب ما جاء في تاريخ «بلين الروماني» كانوا لا يزالون ذوي سيادة ومكانة، وكانت بقيت لهم بعض المدن، وهذا مؤيد بالكتابات المنقوشة على الصخور، وبآثار العمران، من أقنية وسدود وصهاريج، وبأقوال الهمداني صاحب كتاب «الإكليل» و«صفة جزيرة العرب».
وقد ذكر بلين الروماني معادن جزيرة العرب، واستخراج هذه الأمة للذهب الذي زاد في ثروتها، وسهل طرق مدنيتها، وأما محصول الطيب فقد كان خاصا بالسبئيين والمعينيين.
وفي أوائل القرن الثاني قبل المسيح تقدم الأحباش إلى بلاد سبأ، وصار إيزاناس يلقب بملك حمير وسبأ، ويستدل من الكتابات المنقورة في الصخور أنه من نهاية القرن الثالث إلى الربع الأخير من القرن الرابع للمسيح لم يكن في اليمن ملوك من أهل اليمن أنفسهم، وأن الحكم كان قد صار للحبشة، ولذلك منذ أواخر القرن الرابع لا تكاد تجد ذكرا لسبأ في كتابات اليونان والرومان.
وقد كان «سبرنجر» منذ نصف قرن لا غير يقول: «إن مؤرخي اليونان وبلين الروماني هم الذين نستقي منهم جميع المعلومات عن السبئيين، وكذلك قبل هذا التاريخ كانت جميع المعلومات التي لدينا عن جنوبي بلاد العرب هي ما جاء في العهد العتيق، وما يتناقله العرب من القصص التي فيها من النخيل أكثر مما فيها من الحقيقة، فلما عثر المنقبون على ما عثروا عليه من الكتابات هناك انكشف لديهم ما يجدر بأن يسمى تاريخا والفضل أكثر في كشف هذه الكتابات راجع إلى غلازر.
وقبل غلارز كان «كارستن نيبور
Caresten Nie buhr » ذهب إلى جزيرة العرب في بعثة علمية أنفذتها الحكومة الدانماركية سنة 1763 وكان فيها «راتكن الألماني» حدثني بذلك حفيده الأستاذ رانكن في هامبورغ.
Unknown page