150

Tarikh Ibn Khaldun

تاريخ ابن خلدون

Genres

وبمساعدة المركيز «فيلنوف» “Villeneuve”

انعقد الصلح بين الدولتين الروسيا والنمسا وبين الدولة العثمانية وذلك بكفالة فرنسا، وبموجب هذه المعاهدة رجعت بلغراد وشابانز وجميع بلاد الصرب والفلاخ أورزوفة إلى تركيا، وجعلت هذه المعاهدة لمدة سبع وعشرين سنة، وقد محت معاهدة كارلوفيتس السابقة التي كانت وصمة عار على العثمانيين.

فأما الروسيا فقد رضيت بالصلح على شرط أن تهدم قلعة آزوف، ولا يكون لها سفن حربية لا في قلعة آزوف ولا في البحر الأسود، وأعاد الروس جميع البلاد التي كانوا احتلوها من تركيا، وقال المؤرخ الألماني «هامر» “Hammar”

إنه في ذلك الوقت ساد النفوذ الفرنسي في الأستانة إلى أن صار كل شيء بيد فرنسا تقريبا، وطلبت فرنسا تعديلات في الامتيازات الأجنبية المعروفة بامتيازات سنة 1673 فأجيبت إليها، وذهب السفير العثماني محمد سعيد ليقدم ذلك إلى لويس الخامس عشر في فرساي، فقوبل باحتفال عظيم ورجع ومعه مدربون فرنسيس للجيش العثماني بحسب طلب «بونفال» “Bonval”

الفرنسي، الذي كان أسلم وتسمى بأحمد باشا، وهو الذي مات سنة 1160 هجرية ودفن في بيره من بلاد اليونان، ثم إن تركيا عقدت محالفة عسكرية هجومية دفاعية مع السويد في وجه الروسيا.

وفي ذلك الوقت توفي الإمبراطور كارلس السادس صاحب النمسا وترك الملك لابنته ماري تيريز، فتحركت أطماع الدول الأوروبية وأردن اقتسام النمسا، وكانت هذه أحسن فرصة للدولة العثمانية حتى تسترجع بلاد المجر، وكانت فرنسا على رأس الدول التي تريد تمزيق النمسا، فدعت تركيا إلى الاشتراك معهن فأبى السلطان نقض العهد، وشرع يرسل المواعظ إلى تلك الدول حتى تمتنع عن إثارة الحرب، وأصدر الصدر الأعظم منشورا طويلا يصف فيه أهوال الحرب بأبلغ العبارات ويختمه بدعوة الدول المسيحية إلى السلام. وعبثا حاول بونفال المسمى أحمد باشا وسفير فرنسا وغيرهما تحريك السلطان ورجاله لانتهاز هذه الفرصة وساعدهم في ذلك أرسلان غرائي خان القريم الذي كان يعرف مقاصد الروسيا، فالدولة العثمانية حينئذ أصرت على التزام السكوت، وتوسطت إنجلترا بينها وبين الروسيا وأوستريا حتى عقدت بين الدول الثلاث معاهدة سلم دائمة، ثم إن الدولة وحدت بين إمارة الفلاخ وملدافيا، وصارت ترسل إلى هناك أميرا تنتخبه من أروام استانبول، فكان رجال الدولة يضعون هذه الإمارة بالمزاد، فيذهب الأمير الرومي من الأستانة فيجمع ما يقدر عليه من الأموال بالطرق الدنيئة وغير المشروعة، ويرشون بها رجال الديوان لأجل إطالة إمارته، حتى إذا جاء من زاد عليه صرفوه عن الإمارة وولوا الذي زاد، وهكذا ساءت إدارة الفلاخ والبغدان، وكان هذا النسق في الحكم يزيد بغضاء أهالي رومانيا للأتراك ويحملهم على محبة الروس، وقد جنت الدولة العثمانية في تحكيم هؤلاء الأروام في بلاد رومانيا اتحاد الرومانيين مع الروس في وجهها وكان ذلك وبالا عليها.

السلطان عثمان الثالث

وفي 13 ديسمبر سنة 1754 توفي السلطان محمود الأول بعد أن ملك أربعا وعشرين سنة، وكان حليما رءوفا محبوبا فأسف عليه الناس أجمع وخلفه السلطان عثمان الثالث، وكان الصدر الأعظم هو علي باشا، فاستخف بأمر السلطان وأكثر الغلول من مال الدولة، فأمر السلطان بقتله ووضع رأسه في صحن من فضة على باب القصر السلطاني، وولى الصدارة وزيرا اسمه محمد راغب باشا، وكان في غاية الدهاء والحكمة مع الحزم والعزم، وكانت له خبرة بالسياسة الخارجية ولم يطل أمر عثمان الثالث، ولم يحصل شيء في زمانه سوى حريق لم يسبق له مثيل في الأستانة التهم نصف هذه العاصمة ومات عثمان الثالث في 29 أكتوبر سنة 1757.

السلطان مصطفى الثالث

وخلقه ابن أخيه وهو السلطان مصطفى الثالث ابن أحمد الثالث.

Unknown page