Tarikh Ghazawat Carab
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
Genres
196
وقيل: إن الإفرنج عندما انكفأ العرب أعملوا في أقفيتهم السلاح إلى أن بلغوا أربونة، ولا يظهر أن هذه الرواية متينة
197
وقد كان تأثير هذه الهزيمة مختلفا جدا بين المسلمين والمسيحيين، فالمسيحيون استجدوا عزائمهم واستأنفوا صرائم، وهبوا في جبال البيرانه للأخذ بالثأر، واعتقدوا أن الله عاد معهم يؤيدهم على أعدائهم، والمسلمون استولى عليهم الوهل ونزل الوهن بعزائمهم، وأخذ الأتقياء منهم يقولون: إن ما حل بهم من الأدبار بعد الإقبال إنما كان جزاء وفاقا من الله تعالى على استرسالهم في معاصيهم وإمعانهم في ركوب أهوائهم.
وكان النائب في الإمارة الذي تركه عبد الرحمن الغافقي في قرطبة قد طير الخبر بهزيمة المسلمين في بلاط الشهداء إلى القيروان وإلى دمشق، فارتمض الخليفة لهذا الخطب وأرسل أميرا على الأندلس اسمه عبد الملك
198
وجهز معه جيشا وأمره بالأخذ بثأر المسلمين وشفاء صدور المؤمنين واستنفاد الوسع في هذا الأمر، فأقبل هذا الأمير على الأندلس، يحاول رتق الفتق ورفو الخرق، وأغذ بجيشه إلى البيرانه، وأخذ يخطب في الغزاة والمرابطة، ويشدد من عزائمهم، ويجدل سواعد المسلمين، ويحبك من مرائرهم ويبين فضائل الجهاد وعلو رتبة الاستشهاد، إلا أن كل هذه الخطب في المجاهدين لم تفعل فيهم الفعل الكفيل برأب ذلك الصدع، وكان نصارى شمالي إسبانية وجنوبي فرنسة قد رفعوا رؤوسهم بعد هذه الوقعة ونبذوا إلى المسلمين على سواء، وروى مؤرخ من مؤرخي العرب أن جيشا من الفرنسيس قطع وقتئذ البيرانه واستولى على بانبلونه وجيرونه.
أما الأمير عبد الملك فأعمل الحركة أولا إلى كتالونيا وأراغون ونافار
199
ثم تقدم إلى بلاد اللنغدوق
Unknown page