Tarikh Ghazawat Carab
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
Genres
160
فلم يقم هذا إلا قليلا، وعاد أمير إفريقية فولى على الأندلس عثمان بن أبي نسعة نفسه، ولكن ولاه وكيلا لا أصيلا، إلى أن قدم من دمشق بأمر الخليفة الهيثم بن عبيد الكناني
161
وكان الهيثم شاميا ولكنه كان فظا بخيلا جاسيا، فآسف شيوخ العرب والبربر وساءت ملكته فيهم، فاتحدوا عليه فألقى بهم في السجون وأهلك بعضهم.
وكان من جملة المنكوبين زياد بن زيد فرفع الشكوى إلى الخليفة، هو ومن معه، واتهموا الهيثم بأنه يسير في الأندلس سيرة لا مناص من أن تنتهي ببوار الأمة والخطوب المدلهمة، فأرسل الخليفة هشام محمد بن عبد الله، وفوض إليه أمر التحقيق عن الشكاوى الواقعة بحق الهيثم، وأذن له بأنه إذا ثبت لديه كون الهيثم مجرما يعزله ويقتص منه ويتبدل به الأمير الذي يراه الأصلح، فجاء محمد هذا ومضى بالتحقيق اللازم على أحسن وجه، وعند ما ثبت لديه إجرام الهيثم ألقاه في السجن وأطلق الذين كان نكبهم ورد عليهم أموالهم، ويقال: إنه قبل أن نفى الهيثم من الأندلس إلى إفريقية أمر بتطويفه في شوارع قرطبة راكبا على حمار، تشهيرا له ونكالا وفاقا.
وبعد ذلك فوض محمد بن عبد الله بالإمارة الأمير عبد الرحمن الغافقي فاستحسن الجميع تولية عبد الرحمن الغافقي لما كانوا سبروا من نجابته ومن مزاياه العالية، ولم يشذ عن الجمهور إلا عثمان بن أبي نسعة الذي كان يرى نفسه أولى بالإمارة، فتولى عبد الرحمن سنة 728 وفق 110 (هنا فرق بثلاث سنوات عن رواية نفح الطيب). وكان متوفر العناية بإقامة العدل ورفع المظالم وإيتاء الحقوق أصحابها، ولأجل أن يتمكن من تسكين الدهماء وإرضاء الجمهور بقي سنتين يطوف على بلد بلد ويباشر إماطة المظالم وإزاحة العلل بنفسه غير مميز بين المسلم والمسيحي، وعزل كثيرا من القواد والولاة الذين ثبتت مظالمهم للرعية، وكذلك أعاد إلى المسيحيين الكنائس التي كانوا انتزعوها من أيديهم، والتى كان لهم الحق بها وفقا للعهود، كما أنه هدم الكنائس التي كانوا أخذوا الإذن فيها بالرشوة خلافا للعهود.
ولم يكن يهدأ له بال إلا بغزو فرنسة حتى يدوخها ويضمها إلى إمارته أو يضم منها البلدان التي كانت من قديم الزمان تحت حكم القوط، فحشد جيشا جرارا من نخبة المقاتلة والصابرين في الحروب، واستنجد أمير إفريقية فأرسل إليه بجنود مختارة للجهاد، تتلظى شوقا إلى الجلاد، ولما وصلت نجدة أمير إفريقية سرحها عبد الرحمن إلى الدروب، وبعث إلى عثمان بن أبي نسعة أمير الثغر بأن يشاغل العدو بالغارات إلى أن يكون هو قد أطل بمعظم الجيش، فوقع من عثمان على باقعة شديد البأس كان بدون هذا ينافس عبد الرحمن على الإمارة، ولم يكن مرتاحا إلى عمل يبدأ به عبد الرحمن، وينال به حسن الذكر. وقد انضاف إلى هذا السبب في كراهيته لتلك الحرب أنه في إحدى غاراته على فرنسة وقعت في يده ابنة «أود» دوق أكتيانية، ويقال: إنها كانت تسمى «نوميرانسه»
162
ويقال: إن اسمها «مينين»
163
Unknown page