Tarikh Ghazawat Carab
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
Genres
Montferrat
وبلاد «تارنتيزة»
Tarentaise
كانت كل سنة عرضة للدمار والنار، وقد حدث مدونو الوقائع اليومية في ذلك العصر عن حوادث ترعد لها الفرائص، مما فعله هؤلاء العرب ورووا كيف كانوا يهجمون على التجار والزوار عابري السبيل، ويسلبونهم ما معهم وإذا حاولوا الدفاع عن أنفسهم يقتلونهم.
5
وكان أكابر القوم لا سيما الرؤساء الروحيون الذين يؤمون رومة واقعين تحت الخطر الشديد من غارات العرب، بسبب ما يحملون من الذخائر وما يستصحبون من الأعلاق النفيسة، وأما في القرى فلم يكونوا يقتصرون في النهب على الخيل والمواشي، بل كانوا ينهبون كل ما له قيمة، ويقبضون على الرجال والنساء والأطفال ويبيعونهم في سوق الرقيق، وكانوا إذا رأوا مقاومة من بعض البلاد وطاح منهم أناس في المعركة، انتقموا لأنفسهم بإحراق هاتيك المدن حتى يصيروها رمادا، وكانت تنقطع العلاقات والمواصلات أحيانا بين البلاد بسبب غارات العرب وكان أهالي الأماكن التي يهاجمها المسلمون يفرون ويلجأون إلى الجبال والغابات، وربما قاوموا العرب وربما كانت لهم الغلبة عليهم، إلا أنهم لم يكونوا يقومون عليهم بصورة نفير عام ولا كان ينتدب لهم يومئذ أدلاء مستبسلون، وأشنع شيء كان هو عدم الوئام بين أهالي البلاد، بسبب عداوة الأمراء بعضهم لبعض، واستنجادهم في حروبهم الداخلية بهؤلاء الأعداء، وكان من الطبيعي أن يوجه العرب كل همتهم إلى الاستيلاء إلى الطرق العامة، وبنوع خاص على معابر جبال الألب، لأنهم كانوا يرون في ذلك أحسن طريقة للكسب والسلب، فكانت المتاجر والبضائع تقع هناك تحت أيديهم على طرف الثمام وكان المسافرون الأغنياء يأخذون معهم في أسفارهم كل ما يلزم لهم، فكان في ذلك مطمع عظيم للمسلمين، وكانوا في تلك الطرق الجبلية يتمكنون من استقبال السابلين بالسهام والحجارة، ومن إلقائهم في الأودية والمهاوي بحيث إنهم بعدد غير كبير كانوا يقدرون على ما لا تقدر عليه الجيوش الكبيرة.
وروى «فلودوارد»
Flodoard
في تعليقاته السنوية أن المسلمين سنة 921 أتوا على قافلة من حجاج الإنكليز كانت ذاهبة إلى رومة، فلقوها في بعض أودية الألب، واستأصلوها، وبعد ذلك بسنتين لقوا قافلة إنجليزية أخرى وفتكوا بها، ثم إنهم في سنة 929 لقوا قافلة حجاج أخرى أيضا، فاضطر هؤلاء إلى الرجوع قبل أن يقعوا في أيديهم، ولما كان غير ممكن تعيين أماكن هذه الوقائع فلا نقدر أن نحكم في أي محل حصلت، أفي ضمن حدود إيطالية إلى جهة سويسرة، أما في حدود فرنسة؟ وإذا فكرنا أنه كان من عادة المسافرين الإنكليز الذين يقصدون رومة أن يجتازوا من معبر سان برنار،
6
Unknown page