Tarikh Ghazawat Carab
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
Genres
ثم دار الكلام على موضوع الرسالة التي جاء بها الراهب سفيرا؛ فمؤرخو العرب أو بالأقل المؤرخون الذين عرفناهم، لم يكونوا يذكرون شيئا عن قضية احتلال العرب لسواحل بروفنس وبثهم الغارات إلى الداخل، مما يدل على أنهم لم يكونوا يأبهون لهذه الحادثة
12
على أن المؤرخ ليوتبرند الذي عاش في ذلك العصر يؤكد أن تلك المستعمرة العربية في جبال الألب كانت تحت حماية الخليفة نفسه، وصاحب الرسالة التي نحن بصددها عن رحلة الراهب سفيرا من قبل الملك أوتون إلى الخليفة عبد الرحمن هو نفسه يقول: إن موضوع تلك السفارة لم يكن سوى التوسط لدى الخليفة لوضع حد لغارات العرب في فرنسة وإيطالية. ومن المؤسف أن الرسالة ناقصة والكلام منقطع في أهم نقطة من الموضوع ولم يعثر إلى الآن على نسخة تامة لتلك الرسالة.
هذا وفي سنة 960 تم طرد العرب من جبل سانبرنار وليس عندنا معلومات عن تفاصيل الوقعة، ويظهر أن القديس برنار دومنتون
Dementhone
الذي بنى ملجأ في أعلى هذا الجبل، حتى نسبت إلى اسمه سلسلة تلك الجبال كلها، كان هو نفسه في هذه المعركة.
ومات عبد الرحمن الثالث (أي الناصر) سنة 961 فخلفه ابنه الحكم الثاني، وكان ملكا محبا للعلوم والمعارف جانحا إلى السلم، ففي أيامه ازداد عكوف الناس في الأندلس على العلوم والصناعات وبلغوا منها شأوا مدهشا وغلبت الكياسة والرقة ودماثة المدنية على أولئك الأقوام الذين كانوا في مبدأ أمرهم على جانب عظيم من الخشونة والجفاء، فأما في زمن الحكم فقد صارت الدولة للعلم وترقى به حتى النساء، اللائي كان منهن العالمات والفاضلات وصاحبات المكانة في دار الخلافة، وكان الحكم في أوائل أيامه، استجلابا لثقة المسلمين به، قد غزا جليقية وأشتورية وكتلونية ودوخها ولكن المسيحيين طلبوا منه الصلح فأجابهم إليه، ولما أخذ وزراؤه وقواده يحثونه على نقض هذا الصلح لما عند المسلمين من حب الجهاد، أجابهم بهذه الآية البديعة من القرآن:
وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا
نعم إنه اشترط على كنت برشلونة وسائر أمراء الكتلان دك حصونهم القريبة من ثغوره وأخذ منهم موثقا بأنهم لن يمالئوا أحدا من ملوك المسيحيين الذين يدخلون معه في حرب.
13
Unknown page