الباب الأول: بين القديم والجديد القرن الخامس عشر والسادس عشر
الفصل الأول: أفلاطونيون
...
الباب الأول: بين القديم والجديد القرنان الخامس عشر والسادس عشر
الفصل الأول: أفلاطونيون
٣ - نقولا دي كوسا " ١٤٠١ - ١٤٦٤ ":
أ- أديب كما يهواه الإنسانيون، ورياضي وفيلسوف وصوفي. ولد بمدينة كوسا من أعمال ألمانيا، ونشأ عند "إخوان العيشة المشتركة" وكانوا متأثرين للغاية بالتصوف الألماني في العصر الوسيط، فانطبع هو بهذا الطابع. وفي الخامسة عشرة أخذ يدرس الفلسفة بجامعة هيدلبرج، وكان أساتذتها أوكاميين، فحفظ شيئًا من تعليمهم. وفي السنة التالية انتقل إلى جامعة بادوفا بإيطاليا، وكانت معقل الرشديين، فدرس فيها القانون والرياضيات والفلسفة، دون أن يأخذ بشيء من الرشدية. ثم اشتغل بالمحاماة، ولكنه عدل عنها إلى الكهنوت، فترقى في مراتبه، فصار أسقفا فكردينالا، وكان موضع إعجاب وإجلال في مختلف المناصب التي تولاها؛ لما كان متحليًا به من التقوى والعلم وحسن تصريف الأمور، حتى مع البروتستانت، إذ أظهر نحوهم الشيء الكثير من التؤدة والتسامح.
ب- كان "موسوعة" حية، له رسائل فلكية ورياضية يبدو فيها ممهدًا لكوبرنك ولإصلاح التقويم. وله كتاب فلسفي اسمه "الجهل الحكيم" " ١٤٤٠ " وهذا لفظ وارد عن القديس بونا فنتورا، وسنوضح المقصود منه فيما بعد. والكتاب مقسم إلى ثلاث مقالات: في الله، في العالم والإنسان، في العودة إلى الله بالفداء؛ ومذهبه فيه يرجع إلى ديونيسيوس وأبروقلوس وجون سكوت أريجنا ومن لفّ لفهم من فلاسفة العصر الوسيط. ذلك أن الأفلاطونية بانت له الوسيلة الوحيدة لتخليص الميتافيزيقا من الدمار الذي انتهت إليه على أيدي الاسميين، ولم تكن الأرسطوطالية في عهده توفر له هذا الغرض، ولكنها كانت رشدية ملحدة، فعارضها وبعث
1 / 10