وفي سنة ثلاث وستين وثلاثمائة تقوى القرامطة، وعزموا أن يعودوا لمحاربة المعز الفاطمي العلوي صاحب مصر وافريقية، فتجمعت جموعهم وساروا من الإحساء، وفي مقدمتهم زعيمهم الحسن بن أحمد قاصدين ديار مصر فنزلوا
بها وحصروها، فلما سمع المعز لدين الله قصد القرامطة قبل وصولهم الى مصر، كتب اليهم كتابا (١)، يذكر فيه فضل نفسه وأهل بيته، وأن دعوة القرامطة كانت له وآبائه من قبله، وتوعدهم وهددهم وسير الكتاب اليهم، فكتبوا اليه "جوابك: وصل الذي قل تحصيله، وكثر تفصيله، ونحن حاضرون اليك على إثره والسلام". وساروا حتى وصلوا عين شمس فخيموا بها، وأنشب القتال، وحصروا مصر حصرًا شديدًا، وأفسدوا ونهبوا القرى وقطعوا السبيل، وكثرت جموعهم، والتف حولهم من العرب وقطاع الطريق جمع كبير، وكان ممن حضر معهم وانضم اليهم الأمير حسان بن الجراح الطائي أمير العرب ببادية
_________
= ورد الخبر بقدوم الحسن بن أحمد الأعصم القرمطي الى دمشق، وقتل جعفر، بن فلاح، واستيلاء القرامطة على دمشق، وقصدهم مصر، فتأهب جوهر لقتالهم، وحفر جوهر خندقًا، وعمل عليه بابين من حديد، وبنى المقنطرة على
الخليج ظاهر القاهرة، وحفر خندق السري بن الحكم، وفرق السلاح على العساكر، فوجد رقاعا في الجامع العتيق فيها التحذير منه فجمع الناس ووبخهم فاعتذروا له فقبل عذرهم، ونزل القرامطة عين شمس في المحرم سنة احدى
وستين، فاستعد جوهر وضبط الداخل والخارج.
وفي مستهل ربيع الأول التحم القتال بين القرامطة وبينه على باب القاهرة، فقتل من الفريقين جماعة وأسر كثير، ثم استراحوا في ثانيه، والتقوا في ثالثه، فاقتتلوا قتالًا كثيرًا قتل فيه ما شاءا الله من الخلق، وانهزم القرمطي يوم الأحد
ثالث ربيع الأول، ونهب سواده، ومر على طريق القلزم - السويس حاليا - ونودي في مدينة مصر: من جاء بالقرمطي أو برأسه فله ثلاثمائة ألف درهم وخمسون خلعة وخمسون سرج محلى على دوابها،، وثلاث جوائز ...
(١) أنظره في نص المقريزي في اتعاظ الحنفا بين نصوص كتابي أخبار القرامطة.
1 / 5