Tarikh Dawlat Al Saljuq
تاريخ دولة آل سلجوق
Genres
والمفسدة الثالثة أن بلاد فارس كانت على أحسن نظام وأوفق مرام وطاعتها شائعة، وشيعتها طائعة. والبذول فيها حاصلة، والحمول منها متواصلة. واتفق في ذلك الوقت أن عاملها كان حاضرا بأصفهان، فأشار الدركزيني على مخدومه بالقبض على العامل، ومطالبته بالحاصل. فأخذه وعذبه، وما صدقه أن المال بعد معد بفارس بل كذبه. فلما نمي الخبر إلى أمير فارس، طمع في المال، وكان مبلغا وافرا، وضن برده واستوحش، وجاهر بالعصيان وأفحش. وكان للسلطان جشران 1بتلك البلاد فاستاقها. وأذخار فاعتاقها2. فاختل نظام الولايات الفارسية بتلك الآراب السيئة والآراء المسيئة.
والمفسدة الرابعة، أن جماعة كانوا مقيمين في الخدمة من أمراء مازندران وأمراء الشبانكارية، وهم جيل من جنس الأكراد في جانب بلاد فارس، بلادهم ممتنعة، وقلاعهم مرتفعة. وكان السلطان الماضي قد ألف قلوبهم بإحسانه، وقادهم باليد إلى سلطانه. لأنه كانت الطرق منهم مخوفة، والفرقة منهم مألوفة. فأساء الدركزيني وصاحبه ومن وازرهما إليهم، فاشتطوا عليهم، فنفروا وعادوا إلى حصونهم. فأظهروا من الشر ما كان كمن، وحركوا من الفتنة ما كان سكن.
والمفسدة الخامسة، إنه لم يخلف أحد من السلجقية ما خلفه السلطان محمد من العين والأثاث، فتصرفوا فيه وتقاسموا به، وفرغوا الخزانة من العين في أقرب من شهرين. فلما ذهب الذهب فضوا ختم الفضة وفضوها، واستخرجوا وجوه المعاملات الرابحة واستنضوها. ثم تصرفوا في المصوغات من الحلي والأواني والآلات، ثم في الجواهر ثم في الثياب، ثم في الخيل المسمومة العراب، ثم في الجمال ولم يبقوا شيئا حتى تفرقوا بأغنام النتاج، وتقاسموا بالكباش منها والنعاج. فصيروا الملك الآهل قفرا، وأضعفوا بعد الغنى فقاره فقرا.
والمفسدة السادسة، أنهم قالوا: إن هؤلاء مماليك السلطان لا يطيبون بطاعتنا نفسا، ولا يجدو بمتابعتنا أنسا. فاحتالوا في شت شملهم، وراموا كل سهم منهم إلى هدف، وكل شهم منهم إلى طرف.
Page 263