Tārīkh dawlat Āl Saljūq
تاريخ دولة آل سلجوق
Genres
فقبل الخليفة رأيه ولم ير خلافه، وجمع حينئذ وجند، وحشر وحشد، واستخدم من البطالين أبطالا من المقاتلة المبطلين. وفرق المال ومال إليه الفريق، وأنفق فنفق في سوق تفويقه التوفيق. وصار من ذلك اليوم للخليفة جند مهيب، ونار لها في أفئدة العدى لهيب. فرد هؤلاء الأردياء بالحد الحديد والجد الجديد. وقال: "إني أرى المشورة الهبيرية أريا مشورا1، وصوب صوابه لري الرأي مشكورا". فجاء به وزر عليه جيب الوزارة، ولم يزل عنده مودود الشارة، مقبول الإشارة. وذلك يوم الأربعاء الرابع أو رابع عشر ربيع الأول سنة 544 ه. فشرع في نصر أمر الشرع. رحيب الصدر والباع والذرع. وأكرم الفضلاء، وفضل الكرماء. وعاش في وزارتي المقتفي والمستنجد ست عشرة سنة وشهرين، قرير العين، أيد اليدين. وكان به عمش، وبوزير السلطان طرش. وأمر الدين والدولة بهما منتظم، وشعب الخلافة والسلطنة بكفايتهما ملتئم.
ذكر وصول السلطان سنجر بن ملكشاه إلى الري في أواخر شعبان سنة 544 ه
قال-رحمه الله-: لما عرف سنجر ما تم بالعراق من اغتيال النفوس، واقتطاف الرؤوس، واستيلاء خاصبك على خواص الأولياء، وإغضاء السلطان في مهد الإغفال، وخدعه بالألطاف خدع الأطفال. قال: "لابد من الإدراك والاستدراك، والإمساك والاستمساك، وتهذيب المستعلي، وتعذيب المستولي، وإخفاء الشر اللائح، وإطفاء الشرر اللافح".
فنهض على كبر سنه، ووصل إلى الري في صميم الشتاء، وقرها في قره، فأجفل مسعود من همذان راحلا على سمت بغداد، فثنى عنانه شرف الدين الموفق كردبازو وقال له: "أنت لسنجر مقام الولد، والأولاد ببر الآباء فازوا، وما أسعدهم إذا حصلوا رضاهم وحازوا". فسار إلى الري معه، وأبى ابن بلنكري أن يتبعه. وأقام هو الوزير الأصم بهمذان. فلما بصر سنجر بمسعود قدمه وأكرمه، وقر عينا به وقربه، وتحدث معه بما أعجبه، ورضي عنه وما عتبه. ونسي كل ما ذكره، وأدبر عن كل ما دفعه.
Page 330