Tarikh Cilm Adab
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Genres
وامتاز لسان العرب وخصوصا لغة مضر بخاصتين: الأولى تشمل حركات الإعراب في أواخر الكلم، وكيفية تركيب الألفاظ، فالحركات هي التي تدل في لغة مضر على تعيين الفاعل أو المفعول، وأما في غيرها من لغة الحضر وبقية اللغات، فيدل على ذلك التقديم والتأخير، أو القرائن المبنية لخصوصيات المقاصد، وخواص التركيب هي التي تدل في لغة مضر على ما تقتضيه الأحوال من التأكيد، والتعريف، والتنكير مثل تقديم لفظ، أو تأخيره لوصف المعنى وتكييفه، ومثل زيادة حرف أو تنقيصه لزيادة شيء في المعنى الأصلي؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى كقولنا: زيد قائم، وإن زيدا قائم، وإن زيدا لقائم، وفي القرآن الكريم حكاية عن الرسل قولهم في المرة الأولى: «إنا إليكم مرسلون»، وفي المرة الثانية «ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون»، فالألفاظ بأعيانها تدل على المعاني بأعيانها في كل لسان، وخواص التركيب في لغة مضر من تقديم وتأخير، وزيادة حرف تدل على الأحوال المكتنفة بذلك المعنى.
وأما في لغة الحضر وفي الألسن الأعجمية فأكثر ما يدل على هذه الأحوال بألفاظ وكلمات مخصوصة؛ ولذا كان الكلام العربي أوجز، وأقل ألفاظا وعبارة من غيره؛ ولهذا أشار نبينا محمد - عليه السلام - بقوله: «أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا.» على أن بقية الألسن لم تخل بالكلية من هذه الخاصة الأولى للسان مضر، وحركات الإعراب موجود منها في اللسان العثماني تقول: «زيد كلدي» بسكون آخر زيد ومعناه: جاء زيد، و«زيدي جلب ايتدم» بكسر آخر زيد ومعناه جلبت زيدا، وإن لم يكسر آخر زيد لا يستقيم المعنى.
وأما في لغات أوروبا فالإعراب من خصائص اللغتين اليونانية، واللاتينية، واللغة الألمانية، غير أن هذه الخاصة ربما كانت في لسان مضر أكثر وأعرف وأثبت، وإذا لم يراع الإنسان هذه الخاصة في اللسان الذي يتكلمه وقع له ما وقع للوليد مع الأعرابي، وذلك أن الوليد بن عبد الملك بن مروان كان لحانا، وكان أبوه عبد الملك فصيحا فعرف بلحن ابنه، وقال له: إنك يا بني لا تصلح للولاية على العرب وأنت تلحن، وجعله في بيت وجعل معه من يعلمه الإعراب، فمكث كذلك مدة ثم خرج وهو أجهل مما دخل، فلما بويع الوليد وجلس على كرسي الخلافة دخل عليه أعرابي يشكو صهرا له.
فقال الوليد: ما شانك؟ (بفتح النون).
فقال الأعرابي: أعوذ بالله من الشين.
فقال سليمان بن عبد الملك: أمير المؤمنين يقول لك: ما شأنك (بضم النون).
فقال الأعرابي: ختني ظلمني.
فقال الوليد: من ختنك؟ (بفتح النون).
فقال الأعرابي: إنما ختنني الحجام ولست أريد هذا.
فقال سليمان بن عبد الملك: أمير المؤمنين يقول: من ختنك (بالضم).
Unknown page