============================================================
ووقف كل قم منهم عن الحرب تاحية. ثم عبأ عساكره وجميع قواته، وجاز على مضيق جبال ثرموبيليه ولم يعرض له فيها احد. فلما غلب على ذلك المدخل وتمكن منه، حضن تلك المضايق، وجعل عليها آحرازا (= حراسأ)، ورتب فيها مقاتلة. فعند ذلك غلب على جميع بلد الرم الغريقيين وبدا بالفجنسيين فنقض هوده معهم آمانه لم، فاتتهبهم من عن اخرهم انتهابا عجيبا وغلب جميع مدائنهم فهدمها وانتهب مافيها وقتل سكانها، وعم جميع البلد قتلا وسبيا، وإحراقا ونهبا وهدما، حتى صار يخاف غائبا ويرهب نائما.
فلما صاروا جميعهم في مملكته وانقادوا لطاعته، صار يفعل ما يفعله الراعي بالغنم التي ينتاب بها في الصيف بأحقال (= بحقول) الزرع ، وفي الشتاء الجبال والشعراء فكان يدخل الناس من موضع الى موضع ، ومن كورة الى كورة، ويقفر المدائن تارة ويعمرها تارة، على ما كان يوافقه وبهواه.
فعظم ذلك البلاء بينهم ، وبلغوا معه من الذل والصغار مبلغا لا يقدمون فيه على اظهار حزنهم خوفا من ان ينزل ذلك منهم عصيانا. فأرحل منهم أكواما عن بلدانهم واسكنهم آفنية آعدائهم . وأخرج غيرهم الى أطراف ثغوره، وفرق كل من خاف منهم ان يتوروا عليه، آو الهمة ببقية قوة أو حركة.
فاذ ذلك بدد شمل الغريقيين ، واذل عزهم القديم ، الذي كان قبل ذلك زاهر المنظر جميل المنصب، ففرقه وقسمه على آجناس كثيرة ومقاسم جمة. فلما نم فعله ذلك في اكثر مدائن الغريقيين ، رأى ان يتخذ مدينة بزنطة (7] - وهي التي قيل لها بعد ذلك : القسطنطينية مسكنا، لقربها من البحر، ليقوى بذلك على البر والبحر، وليكون مجمع عساكره وموضع مراكبه. فمنعه اهلها، وحاصرهم زمانا طويلا، وهي التي بناها بوشان [ 25555155 ] أمير الاسبرتانيين [5r] وهم من الرم اللجدمونيين، وبعد ذلك شيدها قسطنطين قيصر، الملك المسيحي، فسميت باسمه، وصارت رأس سلطان الرم وملك الشرق .
ثم إن فلبش لما طالت محاصرته لها، ونفدماكان معه [113] من المال، عبأ
Page 225