حكاية: روى أنه فى أيام الأمير السعيد نصر بن أحمد بن إسماعيل، حين دخل الناس المسجد الجامع فى يوم جمعة من شهر رمضان انهار عليهم المسجد دفعة وهلك فيه خلق كثير وأقيم العزاء فى جميع المدينة وأخرج بعضهم وما يزال فيهم رمق، وكانوا يموتون بعد فترة. وكان بعض آخر مكسور الأطراف، وهلك خلق كثير فى عامة المدينة بحيث بقيت مدينة بخارى بعد ذلك خالية ثم صمد أهل المدينة وعاونهم كل من أتباع السلطان وقام بهذا العمل أبو ... «3» القاضى رحمه الله، حتى تم فى سنة واحدة، ثم تهدم مرة أخرى فى العام التالى وانهار كل من جانبى القبلة ولكن لم يكن أناس هنالك، فأعادوا عمارته. وقد أقام أبو عبيد الله بن الجيهانى «1» المنارة من خالص ماله فى مدة خمس سنوات سنة ست وثلثمائة (918 م) وكان وزير السلطان فى ذلك التاريخ.
وكان هذا المسجد الجامع متصلا بالحصار حتى آخر عهد إبرهيم بن طمغاج خان الذى تولى الملك وكان لطمغاج خان ابن آخر هو شمس الملك نصر بن إبرهيم «2»، فقصد بخارى ثم دعم حصارها. وحارب شمس الملك على باب حصار بخارى، فكانوا يرمون الحصار بالسهام من فوق منارة المسجد الجامع، وقاسى أهل الحصار من ذلك. فأمر شمس الملك بقذف النار من الحصار وكان رأس المنارة من الخشب فاحترق وامتدت الحرائق إلى المسجد الجامع فاحترق أيضا، فلما استولى الملك شمس الملك على الحصار واستتب له ملك بخارى أمر ببناء المسجد الجامع ثانيا وبحفر خندق بين الحصار وبين المسجد، وبنوا رأس المنارة من الآجر، وأمر بإبعاد المقصورة والدار التى بها المقصورة عن الحصار. وقد قدم كل من الأشراف «3» والأثرياء المعونة حتى تمت هذه العمارة، وكان حريق المسجد الجامع فى سنة أربعمائة وستين (1067 م) وتم بناؤه سنة أربعمائة وواحدة وستين (1068 م). ويقول محمد بن أبى بكر سمعت من الثقات أن هذه المقصورة والمنبر والمحراب التى فى بخارى أمر الملك شمس الملك بنحتها فى سمرقند وقد نقشت وأحضرت إلى بخارى. وكان المسجد قائما على هذه الصفة حتى أيام أرسلان خان محمد ابن سليمان فأمر بإبعاد المسجد الجامع عن الحصار حتى لا يحدث خلل كما حدث فى زمان شمس الملك.
Page 80