226

Tārīkh Madīnat al-Salām

تاريخ مدينة السلام

Editor

الدكتور بشار عواد معروف

Publisher

دار الغرب الإسلامي

Edition

الأولى

Publication Year

1422 AH

Publisher Location

بيروت

وَلَمْ يَأْكُلْ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ خَلَّةٌ مِمَّا وَصَفَ لِي صَاحِبِي.
ثُمَّ رَجَعْتُ وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَمَعْتُ شَيْئًا كَانَ عِنْدِي ثُمَّ جِئْتُهُ بِهِ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ وَكَرَامَةٌ لَيْسَتْ بِالصَّدَقَةِ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَكَلَ أَصْحَابُهُ.
فَقُلْتُ: هَذِهِ خَلَّتَانِ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَتْبَعُ جِنَازَةً وَعَلَيَّ شَمْلَتَانِ لِي، وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، فَاسْتَدَرْتُ بِهِ لأَنْظُرَ إِلَى الْخَاتَمِ فِي ظَهْرِهِ.
فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ اسْتَدْبَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثَبْتُ شَيْئًا قَدْ وُصِفَ لِي، فَرَفَعَ رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ كَمَا وَصَفَ لِي صَاحِبِي، فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي.
فَقَالَ: تَحَوَّلْ يَا سَلْمَانَ هَكَذَا.
فَتَحَوَّلْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَحَبَّ أَنْ يُسْمِعَ أَصْحَابُهُ حَدِيثِ عَنْهُ.
فَحَدَّثْتُهُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا حَدَّثْتُكَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ.
فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَأَعَانَنِي أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالنَّخْلِ ثَلاثِينَ وَدِيَّةً، وَعِشْرِينَ وَدِيَّةً، وَعَشْرًا، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا عِنْدَهُ.
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَآذِنِّي، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي، فَفَقَّرْتُهَا وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي، يَقُولُ: حَفَرْتُ لَهَا حَيْثُ تُوضَعُ، حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهَا، فَخَرَجَ مَعِي حَتَّى جَاءَهَا، فَكُنَّا نَحْمِلُ إِلَيْهِ الْوَدِيَّ فَيَضَعُهُ بِيَدِهِ وَيُسَوِّي عَلَيْهَا، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَبَقِيَتْ عَلِيَّ الدَّرَاهِمُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنَ الذَّهَبِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " أَيْنَ الْفَارِسِيُّ الْمُسْلِمُ الْمُكَاتِبُ؟ " فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ: " خُذْ هَذِهِ يَا سَلْمَانُ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ ".
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِمَّا عَلِيَّ.
قَالَ: فَإِنَّ اللَّهُ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ.
فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ لَقَدْ

1 / 515