375

============================================================

ذكر ذي القرنين شوكتنا أشد من شوكة الرجال وليس عندنا رجل ورجالنا في جزيرة أخرى، وأنا نعبر إليهم في السنة شهرا واحذا فنكون عندهم ثم نرجع فإن حملت منا امرأة أقامت عند زوجها حتى تلد وترضع ولدها فإن كان غلاما فطمته وتركته عند آبيه وإن كانت جارية حملتها مع نفسها إلينا وكتبت إن كنت تريد المال متا بعثنا إليك بالهدايا، وإن أردت الغلبة علينا فلسنا نخافك ولا وجه لك في أن تقاتلنا فتعجز عن النساء فلما ورد الكتاب على ذي القرنين عجب من عقل النساء وكتب إليها إني لست أطمع في المال ولكن الله تعالى مكنني من الأرض كلها فانقاد لي أهلها وأدوا الخراج فلست بتارككن حتى تنقدن لي وتؤدين الخراج إلي وإلا في ذلك هلاككن وخراب أرضكن، فأجابته المرأة لما ورد عليها كتابه بالسمع والطاعة وأداء الخراج ثم سار مما هنالك حتى انتهى إلى البحر المحيط ورأى قوما فسألوهم هل وراءكم أرض أو قوم؟ قالوا: لا شيء خلفنا إلا الجبل المحيط فرجع ذو القرنين من وجهه حتى وصل إلى الشام وانتهى إلى بيت المقدس قاصذا إلى البلد الذي خرج منه عند أمه والله أعلم.

(1 باب في ذكر وفاة ذي القرنين11 اختلفت الرواة في ذلك فمنهم من زعم أنه مات ببيت المقدس، وقال آخرون: بل مات بدومة الجندل(2) وهي مدينة من مدائن الشام وإن قبره هنالك، وقال آخرون: توفي ببابل قال وملك ذو القرنين أربعين سنة وطاف الدنيا في ثمان وعشرين سنة، وروي أنه لما ملك ملك إيران(4) شهر وهو ملك من ملوك فارس مفرقا وجعلهم طوائف وذلك الملوك الكبار في قديم الذهر أربعة ملك(2) فارس وملك الروم وملك الهند وملك الترك وكانت ملوك الروم لا ضرر عليهم من الهند والترك وكانت المضرة عليهم من ملوك فارس الملاصقة أرضهم، فلذلك جعل ذو القرنين عليهم ملوك الطوائف وولى في كل ناحية منها ملكا لئلا تجتمع كلمتهم فيقصدوا الروم فبقي ذلك الأمر على ما دبر أربعمائة (1) من أراد زيادة في التفاصيل فعليه الرجوع إلى: الثعلبي، العرائس ص 257.

(2) دومة الجندل: بضم أوله وفتحه، سمبت بدوم بن إسماعيل بن ابراهيم وهي قريبة من دمشق بين الشام والمدينة قرب جبلي طي وسميت دومة الجندل لأنها بنيت من الجندل أي الحجارة، ياقوت الحموي، معجم البلدان 487/2.

) إيران: بالكسر، وراء، وألف ونون ساكتتين. هي بلاد العراق وفارس والجبال وخراسان يجمعها كلها هذا الاسم ويقال إيران اسم أرفخشد بن سام بن نوح (عليه السلام)، ياقوت الحموي: معجم البلدان 289/1.

(3) كذا هذه العبارة في الأصل، وهي مضطرية.

Page 375