============================================================
ذكر ذي القرنين أيها القاضي فيقبضه ويريحني منه، فقال الآخر: أتفر من الشر وتوقعني فيه لا آخذه أبدا، فقال القاضي للمدعي هل لك ابن؟ قال: نعم، وقال للآخر: هل لك بنث؟ قال: نعم، قال: اذهب فزوج ابنتك من ابن هذا الرجل وجهزهما بهذا المال فادفعاه إليهما يعيشان به، قال: فتعجب ذو القرنين من ذلك فقال للقاضي: ما ظننت أن في الأرض أحذا يفر من المار فرار هذين ولا قاضيا بمثل ما قضيت. قال له القاضي وهو لا يعرفه وهل أحد يفعل خلاف هذا؟ قال: نعم، فقال: عجبا لهم يفعلون ذلك ويبطرون قال الشيخ فهذه رواية أهل الأخبار والتفسير في قصته وأما رواية أصحاب التواريخ فيقولون إن الإسكندر كان ابن ملك يونان وكان أبوه يملك الروم مع بلاد يونان وكانت ملوك فارس قد غلبت وجعلت على ملك الروم ضريبة وخراجا يؤديه إليهم كل سنة فلما مات أبو الإسكندر وجلس الإسكندر مكانه أرسل ملك فارس إليه لطلب الخراج، وذلك أنهم كانوا يؤدون كل سنة ألف بيضة من ذهب، فقال الإسكندر قولوا للملك: إن الدجاجة التي كانت تبيض الذهب قد ماتت فلسنا نجد شيئا من ذلك نرسله إليك ورد الرسل فكتب ملك فارس وهو دارا بن دارا إليه يهدده فيوعده أن يأتيه بالجنود، فكتب إليه الإسكندر لا تتعب أنت بالشخوص نحوي، فإني شاخص إليك، ثم إنه جمع العساكر وسار إليه حتى غلب على بلاد الشام والجزيرة وتوجه نحو العراق وكان دارا سكن ناحية الأهواز (1) فلما سمع بمسير الإسكندر إليه غاظه ذلك وكتب إليه بلغني آيها الصبي المتلصص أنك جمعت قوما من اللصوص فأقدمت على مملكتي واجترأت علي واني أحذرك ومن معك من سطوتي فارجع إلى أرضك بمن معك قبل أن تحل بك نقمتي وبعث إليه رسلا، فلما قرأ الكتاب أمر برسله فعروا من ثيابهم وكتفوا فقالت الرسل: لا يفعل مثل هذا بالرسل، فقال: لا تلوموني ولوموا صاحبكم إذ سماني لضا فعاملتكم معاملة اللصوص مع التاس، ثم إن الرسل تضرعوا إليه فخلا سبيلهم وأطلق عنهم ودعا بالغداء وتغذى معهم ثم خلع عليهم وصرفهم، وقال لهم: آخبروا صاحبكم بحالي وكتب جواب كتاب دارا، أما بعد فقد بلغني كتابك تهددني وتوعدني واعلم أني لا أخاف إلا الله تعالى واعلم أن الله قال: تزت الملك من تشاء وتنزه الملك ممن كثلة وتعد من تشاه وثذل من تشله بيدلك الغير إيك على كل شتو قديد [آل عمران: الآية 26] ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فكان دارا قد بعث إليه بدرة وياقوتة وكرة وجراب سمسم وكتب إليه، فأما ما بعثت به إلي فقد (1) الأهواز: آخره زاي، وهي جمع هوز، وأصله حوز، مدينة عربية وأصل الحوز في الأرض أن يتخذها رجل ويبين حدودها فلا يكون لأحد فيها حق فذلك الحوز، وسماها الفرس أهواز لأنهم يقلبون الحاء هاء، ياقوت الحموي، معجم البلدان 284/1.
Page 362