============================================================
ذكر عيسى ابن مريم عليه السلام بمغارف فمن تناول منكم مغرفة فليلعق ذلك النور الذي فيها فيصبح ويتكلم بلغة الأمة التي بعث إليها ثم ليبلغهم عن الله تعالى فلما فرغ عيسى من وصيته أتته اليهود ليأخذوه فلم يعرفوه فضمنوا شيئا لبعض من كان يعرفه ممن آمن به آن يدلهم عليه، واختلف في كيفية رفعه إلى السماء فقال بعضهم: إنهم أخذوه من الغار وذهبوا به وحرسوه ليلتهم حتى أصبحوا، ثم آمر به ذلك الملك فقدم ليصلب فنصبت له خشبة واجتمع اليهود وسائر الناس فلما قدم إلى الخشبة أظلمت الدنيا وكسفت الشمس حتى لم يبصر بعضهم بعضا فأرسل الله تعالى الملائكة حتى حلوا عن وثاقه وقمطوا الرجل الذي دل عليه اليهود واسمه بوذا بوثاق عيسى ورفع الملائكة عيسى إلى السماء وانجلت الشمس فنظر القوم إلى بوذا في صورة عيسى قال الله تعالى: ولتكن شيه } [النساء: الآية 157) .
قال قوم إن الله تعالى ألقى شبه عيسى عليه وقال آخرون: لا، ولم يكن الله تعالى ليكرم اليهود بصورة عيسى بل آراه الله إياهم فظنوه عيسى خيالا ولا يبعد عندنا أن يكون كذلك، فقالت اليهود إته سحر أبصارنا بتلك الظلمة ليحتال في التخلص منا فلم يقدر وعمدوا إلى صاحبهم بوذا فصلبوه على الخشبة وهو يناشدهم ويقول: ألست صاحبكم بوذا الذي دللتكم على عيسى وكان قد رأى الملائكة وما فعلوه بعيسى وبه فأخبر بذلك وبعلامات ما كانوا يأتمرون به في باب عيسى وقتله فلم يقبلوا قوله وقالوا: كذبت وأنت عيسى قد اطلعت بسحرك على أسرارنا وتريد الحيلة في التخلص منا وقتلوا صاحبهم وهم يرون أنه عيسى فلذلك قوله تعالى: وما قتلوه وما صلبوه وللكن ش (النساء: الآية 157]. وقاك آخرون بل اليهود لما طرقوه في الغار حرسوه هنالك تلك الليلة ومعه أمه والحواريون فأوصاهم بوصاياه فنزلت غمامة من السماء وانشق سقف الغار وأعلاه وجاءت سحابة ورفعت عيسى إلى السماء، فلما أصبحت اليهود أرسلوا واحذا منهم ليدخل الغار ويخرج عيسى فدخل فلم يجد عيسى فخرج وقال ليس هلهنا عيسى فقالوا: أنت عيسى خرجت تريد آن تسحر آبصارنا فأخذوه وصلبوه وقتلوه ويظنونه عيسى وهو يصيح، فلم يقبلوا قوله فلما قتلوه قالوا: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا، وإن كان هذا صاحبنا فأين ذهب عيسى، فذلك قوله تعالى وإنهم: لفى شك منه ما للم يهه من علو إلا آنباع الظن [النساء: الآية 157]. وقال آخرون: إن اليهود حصروا عيسى في بيت ومعه تسعة عشر رجلا فقال عيسى: إني مرفوع فمن الذي يقبل صورتي فيلقي الله تعالى شبهي عليه ويقتل فله الجنة فقبلها رجل منهم يقال كان اسمه جرجيس وصعد بعيسى إلى السماء، فلما أصبحوا وخرج الحواريون وعددهم ثمانية عشر فقالوا: آين واحد منكم فقد كنتم تسعة عشر من غير عيسى فقالوا: إن عيسى رفع إلى السماء فلم يصدقوهم لما كانوا يرون الرجل على
Page 333