249

============================================================

ذكر داود عليه الشلام أتولى ذلك بنفسي فيقول العبد في نفسه إن هذا عدوي وإنه إن يتسلط علي لم يكن له شفقة البتة وإن هنا مولاي وهو أحلم وأرحم بي فاختار عقوبة سيده، وقال: إن هذا غلامي ومالي لا ينبغي أن أتلفه فعفي عنه، وإن الله إن سلط عليكم عدوكم فإنه لا ييقي لكم والله أرحم بكم والموت في بيوتكم خير لكم ففوضوا أموركم إلى سيدكم فإن الطاعون أسهل ثم أمرهم أن يلبسوا الأكفان ويخرجوا بنسائهم وأولادهم إلى الموضع الذي بي فيه بيت المقدس وجاء داود فسجد على الصخرة وسجد معه الصبيان والنساء خلفهم يبكون وجعل العلماء ينادون يا رب يا رب يا رب آنت أمرتنا بالصدقة وتحب المتصدقين فتصدق اليوم بأنفسنا اللهم وقد أمرتنا أن نعتق الرقاب فنسألك برحمتك أن تعتقنا اليوم اللهم وأمرتنا أن لا نرد سائلا، اللهم ونحن سائلوك فلا تردنا وخروا سجدا من حين انفجر الصبح إلى أن زالت الشمس فاستجاب الله دعاءهم وأوحى الله إلى داود آن قد شفعتك فيهم فرفع داود رآسه وناداهم حتى رفعوا رؤوسهم واحصى من مات في الطاعون يومثذ مائة ألف وسبعون آلفا ورفع الله عنهم الطاعون ثم إن داود جمعهم وخطبهم وقال: إن الله رحم وعفا عنكم فأحدثوا لله شكرا، فقالوا: مرنا بما ترى؟ فقال: اني لا أغلم شيئا أبلغ في شكركم لله من بناء مسجد على هذا الصعيد الذي رحمكم الله فيه فابنوا هلهنا مسجدا تعبد الله فيه ومن بعدنا فاستأذن داود ريه في ذلك فأذن له وأخذ في بنائه وكان ذلك الصعيد مشتركا بين قوم بني إسرائيل فطابت نفوسهم بيذل نصيبهم فقال لهم رجل: إنكم قد علمتم وقري وضعني وهذا الموضع لي فيه حق وفيه أجمع طعامي فهو بيدري فإن بنيتم أضررتم يي، وكان طيب النفس بتسليم نصيبه لكنه أراد أن يعرف نيتهم وحسنتهم في أمر الله تعالى فقالوا له: ولكل واحد منا فيه حق أفأنت أبخل القوم؟ فقال: لا تطيب نفسي بترك حقي مجازا فأعطوني تمنه، فقالوا: لا نعطيك فأسلمته طوغا وإلا بنينا عليه على كره منك، فانطلق الرجل إلى داود وشكاهم إليه فدعاهم داود فقال الرجل تريدون أن تشكروا لله بالظلم فقال داود: صدق الرجل، ثم قال داود بكم تبيع حقك؟ قال: ما تعطيني به؛ قال داود: ما شثت ملأته غنما وإن شئت ملأته بقورا، وإن شئت ملأته ابلا قال: لا، إلا أن تبني حائطا حول حقي قدر قامتي وتملأه دنانير قال داود: نفعل ذلك، وهو في الله قليل قال: فالتفت الرجل إلى بني إسرائيل فقال: هذا هو التائب الصادق المخلص لا أنتم ثم قال يا نبي الله قد علم الله من نيتي لمغفرة ذنب من تنوبي أحب إلي من ملء الأرض ذهبا فكيف أبخل عليهم بما أرجو به المغفرة ، ولكني جربتهم وقد جعلت حقي منه تعالى قال: فأقيلوا على البناء وجعل داود ينقل الحجائر بنفسه ويؤسسه بيده ومعه آخيار بني إسرائيل حتى ارتفع حائطه قدر قامته، فأوحى الله إليه آني قد قبلت سعيكم وشكركم فارفعوا آيديكم عنه، فإني آريد آن أتم بناءه على يد رجل

Page 249