============================================================
ذكر موسى عليه الشلام وصهرنا وإن هلك دخل التار فقال موسى: دعه، وإلا أمرت الأرض آن تخسف معه فتركه هارون فخسفت به الأرض وفي رواية أخرى قال: إن قارون لما جاوز البحر وأمرهم بالشرائع وكانت النبوة لموسى (والحبورة)(1) لهارون والحبر هو الرأس الذي يقرب القربان ويكون بيده المذبح، قال قارون لموسى: إن لك الرسالة والنبوة ولهارون القربان والحبورة ولست في شيء لا أصبر على هذا قال موسى والله ما صنعت ذلك إنما جعل الله ذلك لنا قال: لا أصدقك حتى تريني آية حتى أعرف بها فأمر موسى مناديا وأمر رؤساء بني إسرائيل آن يأتي كل واحد بعصاه فأتوه فجمعها وخزنها وألقاها موسى في قبة التي كانت يوحى إليه فيها ودعا ربه آن يريهم آية فبات القوم يحرسون العصي فلما أصبحوا إذا هم بعصاة هارون تهتز خضراء وكانت من شجرة الزيتون، فقال موسى: يا قارون هل ترى صنع الله تعالى بهارون؟ قال قارون: ما هذا بأعجب مما تصنع من سائر أنواع السحر فسمي موسى ساحرا، فذلك قوله تعالى: ولقد أزسلنا موسى بثايلتنا وسلطن مين [هود: الآية 96) إلى فرعون فقالوا: ساحر كذاب واستحكم الحبورة لهارون وكانت بنو إسرائيل يأتون بقربانهم إلى هارون فيضعها في مواضعها وتأتي النار من السماء فتأكلها فقال قارون: والله ما هذه النار إلا كنارنا وإن شئت يا موسى جثتك بنار مثلها تأكل قرباننا وإن لم تفعل ناري ما تفعل نارك فأنا كذاب قال موسى: فآت بها فأمر قارون أتباعه أن يأتوا بالنار فابتدر له مائتان وخمسون رجلا يحملون التار في مجامرهم فأتوا بها إلى قربان قارون فلما دنوا من القربان جاءت نار من السماء فأحرقتهم كلهم واعتزل قارون بمن معه وكان كثير المال فجعل لا يجالس موسى ولا يأتيه فقال موسى: يا رب إن قارون قد أفسد على بني إسرائيل فأمر الأرض أن تطيعني فيه، وفيمن اتبعه فأمر الله الأرض بطاعته فأتى موسى قارون ومن معه فقال: يا بني إسرائيل إن الله تعالى قد بعثني إلى قارون كما كان بعثني إلى فرعون فإن أبى علي مات بغير ما يموت به الناس وإني صادق فمن كان معي فليعتزل ومن كان معه فليلبث مكانه فلما سمعوا عرفوا صدق موسى فاعتزلوا من قارون إلا رجلين منهم فقال موسى للأرض: انهميهم فأخذتهم إلى ركبهم، فقال: يا أرض انهميهم فأخذتهم إلى أوساطهم ثم إلى صدورهم، فقال قارون لموسى: يا موسى أنشدك الله والرحم فقال موسى: يا أرض خذيهم فخسفت بهم، ولما خسف بقارون قال أقوام من بني إسرائيل إنما أخسف موسى بقارون إلا ليبقى له ماله فأمر موسى الأرض حتى خسف بماله وجميع ما يملكه فهو يتجلجل إلى يوم القيامة فقال الله تعالى (1) الحبر: العالم ذمئا كان أو مسلما، وهو جبر بالكسر، ابن منظور - لسان العرب 548/1 (باب بر.
Page 211