============================================================
ذكر موسى عليه الشلام ما قدرت عليه ثم إنه خرج من عنده ولجأ إلى بعض الجبال قال الله تعالى: فوقده الله سيعات ما مكروا [غافر: الآية 45] وذلك أن فرعون بعث في أثره رجلين من أعواته ليأتيا به فرأوه في الجبل قائما يصلي وعلى يمينه أسد وعلى يساره نمر فلم يجسروا الاقدام عليه فرجعا فقال أحدهما لصاحبه: ماذا تقول لفرعون إذا أتيناه فقال الأول: بل رأيناه ولكن من حاله كذا وكذا، وقال الآخر نقول: لم نجده لأنا إن أخبرناه بحاله غاظه ذلك فيقتلنا فلما دخلا على فرعون قالا له: إنا لما رأيناه والسبع والنمر يحرسانه فلم يمكثنا القرب منه فأمر فرعون بهذا الرجل الصادق حتى قتل ونهى عن حبريل وذلك قوله تعالى: فوقه الله سيعات ما مكروا(1)} [غافر: الآية 45]، ثم إن فرعون أخذ بتدبير من أشار بإرجائه حيث قالوا: أرجة وأخاه وأبعث فى الداين حشين يأتوك يكل سمار عليو فجيع الشكرە ليقت بور تعلور [الشعراء: الآيات 36 - 38]. وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحر، وقال لموسى: فأجعل بيننا وينك موعدا لا تخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى} [طله : الآية 58](2) هذا المكان لتجتمع فيه وتناظر السحرة قال موسى: موعذكم يوم الزينة} [طله: الآية 59] يعني يوم العيد الذي كان لهم، ويقال: لا بل عيد بني إسرائيل ويقال: كان يوم النيروز، وأن يحشر الناش ضحى} [طله: الآية 59] في ضحوة ذلك اليوم فتوكن فرعون فجمع كيدو [طه: الآية 60] يعني سحرته قال ابن عباس كانوا خمسة عشر ألفا، وقال الحسن: كانوا خمسة وعشرين آلفا وقال محمد بن إسحلق ثمانية عشر ألفا، وقال الكلبي كانوا اثنين وسبعين نفسا وقال وهب: كانوا سبعين الفا فاختار منهم سبعة آلاف ثم اختار منهم سبعمائة ساحر ثم اختار سبعين ساحرا أحدقهم وأعلمهم بالسحر وضمنوا آن يعملوا بالحبال والعصي كما يعمله موسى ففعلوا شيئا من ذلك بين يدي فرعون فاستبشروا رجاة أن يغلبوا موسى فذلك قوله: فلنأتينك بسخر مثله [طه: الآية 58] ثم إن السحرة قالوا لفرعون إ لنا لأجرا إن كنا تحن الغللبين قال نعم وإيكم لمن المقربين [الأعراف الآيتان: 113، 114) فتكونون أول داخل علي وآخر خارج ويقال أقرب الناس مني منزلا ومجلسا ويقال لكل واحد منكم كل يوم حاجة مقضية فلما كان يوم الوعد خرج فرعون بجموعه كلهم وضربت لهم قبة ارتفاعها ثمانون ذراغا ووضع فيها سريره وجلس عن يمينه هامان وعن يساره قارون وحوله عظماء قومه، فاجتمع الناس للنظارة وجاءت السحرة على الاختلاف الذي ذكرناه في عددهم وخرج موسى ومعه آخوه هارون وبيده عصاه وعليه عباءة ثم إن (1) في الأصل (مكرهم)، والصواب ما ثبتتاه. (2) في الأصل (اجعل) والصواب ما ثبتناه.
Page 177