ملك السلام.
وفي عام 1719 عندما أجري إصلاح الولايات، لم يكن في البلاد موجودة محاكم، فأصدر أمره في 8 يناير من ذلك العام بإنشاء إحدى عشرة محكمة، وأمر في الحال بإقامة الأبنية لها، وكانت هذه المحاكم تخضع في أحكامها لمحكمة عليا، مؤلفة من نظارة حقانية المملكة، وأنشأ بعد ذلك محاكم استئناف ومحاكم في المدن، وبعض القرى الكبيرة، ولكن هذا الإصلاح القضائي لم يأت بالفائدة المطلوبة، فإن الولاة ورجال الإدارة لبثوا يتدخلون في شئون القضاء، فحدث بسبب ذلك تناقض في الآراء ووجهة الأحكام، الأمر الذي زاد القضاء اختلالا واعتلالا. وفي 1720 اشتكت لجنة الحقانية القضائية مر الشكوى من هذه الحالة السيئة، فلجأت الحكومة إلى الطريقة المستعملة في البلاد الأجنبية، وهي نقل الموظف من جهة إلى جهة أخرى.
ومما يجب ملاحظته، أنه في ذلك العهد لم يكن لدى روسيا لا رجل ولا مال للقيام بإصلاح القضاء وتنفيذ نوايا بطرس الأكبر. وقال أحد المؤرخين: إن الأمة كانت في ذلك العهد على جانب عظيم من الجهل المطبق، فلم يكن الواحد يميز القاضي من الحاكم، وقد انتهز الحكام هذه الفرصة لإملاء جيوبهم، ونهب أموال المتقاضين بلا حق، وحاول بطرس الأكبر إجراء طرق عديدة لإصلاح القضاء، فلم يفلح بها، وبناء على ذلك فقد بقي القضاء مختلا مدة طويلة في جميع أنحاء روسيا، ومع ذلك فإن ذلك المصلح العظيم أدخل على البلاد إصلاحات عديدة في الأحكام القضائية والإدارية والتجارية، وهو أول من عين رجال النيابة (المدعي العمومي) وألف مجلس السنات (الشيوخ) ليكون مرجعا للقضاء.
القيصر إسكندر الثاني
محرر الفلاحين.
وقد ألف بطرس الأكبر عدة لجان لإصلاح القضاء، فلم تعمل شيئا مفيدا، وأخيرا ترك هذه المسألة لأسلافه. ولما جلست الإمبراطورة كاترينا الثانية على عرش الملك أرادت تحقيق هذه الأمنية، فجمعت لهذا الغرض عام 1767 في مدينة موسكو 564 نائبا، عهدت إليهم وضع قوانين جديدة على أساس أمر أصدرته بذلك، ثم إنها رأت أنه ليس من مصلحة المملكة أن تبقى قوانينها على ما هي، فقامت بمشروع إصلاح الولايات عام 1776، وأدخلت فيه بعض الإصلاحات على القضاء، وكان أهم شيء ترمي إليه هو تقريب القضاء إلى أفهام الرعية. ومن الإصلاحات التي أجرتها ما يأتي: فصل الإدارة عن القضاء، فصل الأحكام الإدارية عن الأحكام المدنية والجنائية، إنشاء دور خاصة للمحاكم. ومن هذا العهد أصبحنا نرى المحاكم تسير سيرا منظما، وقد قسمتها الإمبراطورة إلى ثلاثة أقسام - لا محل لذكرها في هذه العجالة - وبقي القضاء في روسيا سائرا على النظام الذي وضعته له إلى السنة الستين من الجيل التاسع عشر.
ولكن القياصرة بولس الأول، وإسكندر الأول، وبولس الثاني (عام 1796) أجروا بعض الإصلاحات في القضاء، ولكن القضاء الروسي أدخل عليه إصلاح حقيقي على عهد القيصر نقولا الأول، فإنه أمر بجمع القوانين الروسية الموضوعة في أزمان مختلفة، وكان ملغى منها مواد كثيرة، وعهد إصلاحها وإكمالها إلى النابغة المشهور سبيرانسكي، الذي بعد تعب 7 سنين وضع 45 مجلدا جمعها من القوانين الموضوعة في أزمان مختلفة.
ولكن على عهد القيصر إسكندر الثاني، دخل القضاء الروسي في عهد جديد سعيد، فوضع في عام 1860 قوانين جديدة، ونزع من يد رجال البوليس أشياء كثيرة، وسارت في قضائها على الطريقة السائرة عليها الأمم المتمدنة.
وفي 20 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1864 صودق على القوانين التي وضعها القيصر إسكندر الثاني، وبعد عامين دخلت في الاستعمال. ثم إن القيصر إسكندر الثالث وجلالة القيصر نقولا الثاني أجريا بعض إصلاحات ثانوية في القضاء الروسي، وبناء على ما تقدم فإن روسيا انتقلت على عهد آل رومانوف، من عهد مظلم إلى عهد منير عادل لا يضيع فيه حق ولا يغبن إنسان.
القيصر نقولا الأول.
Unknown page