Tareekh Nuzool Al-Quran

Muhammad Ra'fat Said d. 1425 AH
96

Tareekh Nuzool Al-Quran

تاريخ نزول القرآن

Publisher

دار الوفاء - المنصورة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

مصر

Genres

ومنها اليقين فى وعد الله ووعيده فيما يراه المؤمنون من أحوال المسلمين وغيرهم فى القبض والبسط فى الرزق فإنما هو بتقدير الله وتيسيره فكثرة النعم مع الكفر لا تعنى الإهمال، وقلة النعم مع الإيمان لا تعنى الغضب من الله: ذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (١١) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعامًا ذا غُصَّةٍ وَعَذابًا أَلِيمًا (١٣). وعلى ذلك فإن الجزاء ليس فى الدنيا وحدها بل الآخرة هى دار الجزاء وتكرار ذكرها حتى لا تنسى يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (١٤). وهذا الأمر من الجزاء الدنيوى والجزاء الأخروى ينبغى أن يكون واضحا لدى الناس جميعا والصورة التاريخية ينبغى أن يقرأها المعاندون؛ لأن التجارب التاريخية مكررة، وما حدث للأولين يحدث للآخرين، فالله أرسل إليكم رسولا يشهد عليكم فاقرءوا ما حدث للرسل وأقوامهم، فقد أرسل الله رسوله إلى فرعون فعصى فرعون الرسول فأخذ فى الدنيا مع عذاب الآخرة: إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِدًا عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذًا وَبِيلًا (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيبًا (١٧) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (١٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (١٩). ومنها: تقدير مسئولية الإنسان عن اختياره ومشيئته فإن الله تعالى أقدر العباد على أفعالهم ومكنهم منها «١» فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (١٩). ومنها: اليقين فى وعد الله لعباده المؤمنين من البشرى على أعمالهم الطيبة، فقد شهد الله لرسوله وللمؤمنين معه بامتثال ما أمروا به من قيام الليل على مشقته، ووجود الأعذار معهم وخفف عنهم، وفى هذا توجيه بتقدير العاملين ومكافأتهم حتى يزدادوا نشاطا: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ. وفى هذا تبشير للمؤمنين فى تلك الفترة أن العاقبة لهم، وأن النصر حليفهم، وأنهم سيمنحون الحياة المستقرة، منهم من يضرب فى الأرض يبتغى من فضل الله، ومنهم من يخرج مقاتلا فى سبيل الله، فمع وجود هذه الأعذار خذوا من الأعمال ما

(١) تفسير الكريم الرحمن ٧/ ٥٠٣.

1 / 100