122

Tareekh Nuzool Al-Quran

تاريخ نزول القرآن

Publisher

دار الوفاء - المنصورة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

مصر

Genres

فهى إذن رعاية من الله ﵎ لهؤلاء المؤمنين فى مسيرتهم، وهذه الأصول الجامعة فيما يلى: أولا: توجيه المؤمنين إلى الحمد أى إلى الثناء الكامل على الله وحده، فله الثناء الحسن الجميل، وهو سبحانه يستحق الحمد بأجمعه، إذ له الأسماء الحسنى والصفات العلى، ومع بذل غاية الجهد البشرى فى الثناء على الله لا يصلون إلى ما يستحق الخالق البارئ المصور المنعم- ﷻ ولذلك جاء فى دعوات النبى ﷺ: «لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» فلله الحمد وله الشكر كذلك على ما أولى من الإحسان؛ ولذلك روى عن ابن عباس ﵄ أنه قال: الحمد لله كلمة كل شاكر، وإن آدم ﵇ قال حين عطس: الحمد لله، وقال الله لنوح ﵇: فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) [المؤمنون]، وقال إبراهيم ﵇: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ [إبراهيم: ٣٩]، وقال فى قصة داود وسليمان وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) [النمل] وقال لنبيه ﷺ: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا [الإسراء: ١١١] وقال أهل الجنة: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [فاطر: ٣٤]، وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [يونس: ١٠] فهى كلمة كل شاكر. فتوجيه المؤمنين إلى الحمد توجيه إلى ما يرضى الرب سبحانه، ويربى فى المؤمنين الحسن المرهف الذى يقدر النعمة ويقدم الشكر لمسديها، وأعظم هذه النعم نعمة الإسلام والإيمان والهداية، فعن أبى هريرة ﵁ وكذلك عن أبى سعيد الخدرى ﵁ عن النبى ﷺ قال: «إذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ قال: صدق عبدى، الحمد لى» وروى مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها». فالحمد لله. ثانيا: التوجيه الثانى يتضمن الإقرار بالربوبية، فالله سبحانه الذى يستحق الحمد وحده هو رب العالمين مالكهم ومربيهم. والعالمون جمع عالم وهو كما يقول قتادة: كل موجود سوى الله تعالى «١» فيشمل كل مخلوق وموجود، وهذا ما ذكر من قوله

(١) القرطبى ١/ ١٣٩.

1 / 126