211

Tarbiya Fi Islam

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Genres

وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (التوبة: 105). وبينت لك أن تفسير الإسلام، إذا لم يكن من قائله على الحقيقة أنه هو الاستسلام - وذلك بأنه يلقي السلم إظهارا لطاعة من قهره - فيكون من فاعله نفاقا. قال الله عز وجل:

فما لكم في المنافقين فئتين (النساء: 87) إلى قوله:

فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا * ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم ... (النساء: 90-91). فبينت لك وجه ما يكون به الإيمان إسلاما، وما يكون به الإسلام إيمانا، بما فيه الكفاية إن شاء الله تعالى.

وأما قول الرسول عليه السلام في تفسير الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فمعناه: أن هذا هو إحسان عبادة الله في كل ما تعبد، من الشهادة له بالألوهية وحده ، ومن كل ما أمر به من عمل بطاعته، أن يكون العامل بذلك يعمل لله - وهو يعلم أن الله يراه - فيما يؤديه إليه من طاعته، ولا يخفى عنه ما في سره من ذلك. وكذلك فيما تعبده به، من الانتهاء عما نهاه عنه، يكون في ذلك يعلم أن الله جل وعز يراه، ويعلم ما في سره، من الانتهاء عن ذلك مما

6

أراد به، لتخلص عبادة العبد لله [9-أ] على الحقيقة، سالم

7

من كل خلط ينزغ به الشيطان، ويميل إليه سوء الهوى. وقد عرف الناس فيما بينهم، أن عبد الرجل إذا عمل ما أمره به سيده بحضرة سيده - وهو يراه - أن العبد يجهد نفسه في ذلك العمل، ليرضي سيده بحسن طاعته، فإن كان سيده سلطانا كان أشد لاجتهاد العبد في نصيحة سيده، وإذا خلا العبد من معاينة سيده له، أو استغفله، قصر، فهذه صفة العبد مع من يغفل ويشغله شأن عن شأن. فأما عبد الله يؤدي طاعته إليه، فلا يغفل عن مراقبة ربه فيما يطيعه به في السر والعلانية، فإنك أيها العبد، إن لم تكن ترى ربك بعينك في حين عبادتك إياه، فقد أيقنت أنت أنه يراك، ولا يخفى عنه ما تسر وتعلن. فأخلص العمل له والتزم مراقبته، فإنه يقول عز وجل:

وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن [9-ب] ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين (يونس: 61) وقال عز وجل:

واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم (البقرة: 235) وقال:

Unknown page