Tarbiya Fi Islam
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genres
وإنما كانت وظيفة المعلم القيام بتعليم القرآن والكتابة والنحو والعربية والشعر والحساب وأيام العرب. وهذه كلها علوم لفظية، يقرأ التلاميذ ألفاظها ويسمعونها من المعلم، وعليهم استيعابها وحفظها.
فالمنهج بطبيعته يتجه إلى التعليم اللفظي، ويعتمد على الذاكرة، على الأخص إذا عرفنا أن القرآن وهو أهم العلوم يجب حفظه بألفاظه دون تحريف أو تبديل. لهذا السبب كانت الطرق التعليمية التي أوصى بها القابسي لا تخرج عن الطرق الموصلة إلى جودة الحفظ، وعدم النسيان فيما يختص بالقرآن.
وعنده أن طرق الحفظ ثلاث: التكرار والميل والفهم.
وقد جاء ذكر التكرار في حديث عن الرسول يختص بحفظ القرآن. قال: «مثل القرآن كمثل الإبل المعقلة، إذا عاهد صاحبها على عقلها أمسكها، وإذا أطلقها ذهبت. إذا قام صاحب القرآن بالليل والنهار ذكره، وإذا لم يقرأه نسيه.» ويعلق القابسي على هذا الحديث قائلا: «وقد بين في هذا الحديث كيف المعاهدة التي يثبت بها حفظ القرآن ويقوى على الحفظ حتى لا يتلعثم فيه.» 21-ب.
والقابسي يذكر هنا مراحل الذاكرة الثلاث الأساسية وهي: الحفظ والوعي والاسترجاع. وما نصطلح على تسميته الآن الوعي يطلق عليه التثبيت، وسهولة الاسترجاع هي عدم التلعثم.
والميل هو محبة القرآن، فيؤدي إلى الإقبال على تلاوته، وعدم الانصراف عنه إلى شيء آخر، بل يكون القرآن شاغلا للذهن على الدوام. «قال معاذ بن جبل لأبي موسى الأشعري: كيف تقرأ القرآن؟ قال: قائما وقاعدا، وعلى راحلتي، وأتفوقه تفوقا.» 22-ب.
أما الفهم فناشئ عن الترتيل. وقد فسر القابسي معنى قوله تعالى:
أشد وطئا (المزمل: 6) ... أي موطأة للقرآن بسمعك وبصرك أي فهمك. وقال في فائدة الترتيل: «إن الترتيل في القراءة يحيي الفهم للعالم فيستعين به على التدبر الذي له أنزل القرآن.»
ويرى الفقهاء الذين ألفوا في علوم القرآن هذا الرأي من النصح بقراءة التحقيق والترتيل لفائدتهما في التعليم. فالتحقيق في القراءة: «يكون لرياضة الألسن وتقويم الألفاظ ويستحب الأخذ به على المتعلمين.» وذكر بعضهم: «أن التحقيق يكون للرياضة والتعليم والتمرين، والترتيل يكون للتدبر والتفكر والاستنباط».
33
Unknown page