Taqwim
تقويم الأدلة في أصول الفقه
Investigator
خليل محيي الدين الميس، مفتي زحلة والبقاع ومدير أزهر لبنان
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
البيان لا يكون حجة وفي مسألة الأولاد سكت المولى عن البيان في وقت الحاجة إليه لأن دعوة الأولاد فريضة عليه متى علم أنهم منه نصًا، لا بناءً على أنهم ولدوا على فراشه لأن في ذلك إثبات النسب على طريق استصحاب الحال.
ألا ترى أنه ينتفي بالنفي والواجب علة إذا علم أنهم منه بيان نصًا حتى يصير بحيث لا يحتمل النفي بعده.
ولأنه حين الدعوة لم يكن لواحد منهم فراش يغنيه عن النص فلما خص الأكبر بالبيان وسكت عن الأصغرين مع الحاجة لو كانوا منه علم أنهم لم يكونوا منه، ولم يحتج إلى بيان النسب في حقهم ليكون حملًا لحاله على ما يحل له، ألا ترى أنه لو قال: هذا ابني، وأشار إلى الأكبر كان الجواب هكذا وما هنا هنا تخصيص بوصف بل بالإشارة وإنها تجري مجرى اسم العلم ولا إشكال أنه لا يتضمن نفيًا.
فإن قيل: قد قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله في شاهدين شهدا أن هذا الرجل وارث فلان لا نعلم له وارثًا آخر بأرض كذا: إن هذه الشهادة لا تقبل لأن تخصيص بعض الأماكن بالنفي دليل على الإثبات من غيره.
قلنا: إنهما قالا إن الشهادة تتم بقولهما إنه وارث فلما زاد لا نعلم له وارثًا آخر وخصا موضعًا اتهما بعلم الوارث في مكان آخر، والشهادات ترد بالتهم. فأما الأحكام فلا تثبت بالتهم، وأبو حنيفة ﵁ يقول: هذه الشهادة مقبولة لأنهما سكتا عن النفي فيما عدا المخصوص من غير حاجة إلى البيان، لأنهما لو سكتا أصلًا عن النفي كانت الشهادة تامة والسكوت في غير موضع الحاجة أن البيان لا يكون حجة فأما التهمة فليست تثبت بالتخصيص لاحتمال أنهما خصا احترازًا عن الكذب بعلمهما بوارث في مكان آخر ويحتمل أنهما خصا احترازًا عن الخبر بغير دليل كأنهما تفحصا عن الوارث في المكان المذكور فلم يقفا عليه ولم يتفحصا عن الوارث في سائر الأمكنة، والنفي لا يعلم علم مثله إلا بدليل التفحص، فإذا احتمل الأمرين جميعًا لم تثبت التهمة بالاحتمال إلا أنهما احتاطا لأمر الشهادة.
فصل
ومن ذلك الكلام المقرون به الاستثناء، فإن قدر المستثنى من الجملة لا يثبت فيه حكم الجملة بالإجماع، وإنما لا يثبت عندنا لعدم النص الموجب في حقه، والذي يدل عليه مذهب الشافعي- ﵀ أنه لا يثبت بمعارضة نص الاستثناء النص المستثنى منه كما قالوا جميعًا في العام إذا خص منه شيء لم يثبت حكم العام في قدر ما تناوله الخاص لا بعدم العام فيه، ولكن بالنص الخاص الذي ورد مبينًا فالاستثناء عنده بمنزلة
1 / 149