111

Taqwim

تقويم الأدلة في أصول الفقه

Investigator

خليل محيي الدين الميس، مفتي زحلة والبقاع ومدير أزهر لبنان

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

باب القول في أقسام أنواع استعمال الكلام أنواع الاستعمال أربعة: حقيقة، ومجاز، وصريح، وكناية. أما الحقيقة: فتفسيرها ما أريد من التكلم ما وضع واضع اللغة الكلام له، لأنه هو الحق منه على ما عليه الوضع. وأما المجاز: فتفسيره ما أريد به غير ذلك المعنى، لأنه ليس بحق منه على اعتبار الوضع، ولكن تجوز به على طريق الاستعارة عن المعنى الأصلي لهذا المعنى، وكان هذا المعنى على اعتبار الأصل غير حق من قولك: حبك لي مجازًا، أي: باللسان دون القلب الذي هو معدنه، وهذا الوعد منك مجازًا أي لم ترد التحقيق بل الترويج لأنه باطل على ما عليه أصل العدات في الحكمة، ولهذا سمي المجاز مستعارًا كأن القائل استعاره للمعنى الذي قصده فكساه به، وقد ظهر ظهورًا بينًا من كلام الناس وكتاب الله تعالى، ورسائل الكتبة، وأشعار العرب حتى كاد المجاز يغلب الحقيقة وجودًا أو استحسانًا، وبه توسعة اللسان وملحته. فإذا عرفت حديهما علمت أن الحقيقة لا تنال إلا بالسماع، وطريقها الوضع ولا يوقف عليه إلا بالنقل عن واضع اللغة كالنصوص في باب الشرع فإنها لا تثبت حججًا إلا بعد النقل عمن لا يجوز عليه الكذب. وأما المجاز فلا حاجة بنا إلى السماع ليثبت لغة يجوز استعمالها بل يثبت من قبل المتكلم، لأن العرب إنما استعارت اللفظ لغير ما وضع له لاتصال بينهما بوجه ما. إما من حيث معنى اللفظ كالشجاع يسمى: أسدًا لوجود المعنى المطلوب من الشجاع في الأسد، وكالبليد يسمى حمارًا لهذا المعنى. وأما من حيث الذات كالمطر يسمى سماء لاتصال بينهما ذاتًا لأنه من السماء ينزل على ما تراه العيون ظاهرًا، وقال الله تعالى: ﴿إني أراني أعصر خمرًا﴾ أي ماء العنب، وماؤه ليس بخمر حال العصر ولكن قد يتصل هذا العين بذلك الوصف، وقال: ﴿أو لامستم النساء﴾ أي جامعتم لاتصال فعل اللمس بفعل الجماع، وقال ﷺ: "كل مسكر خمر"، لاتصال بينهما في معنى المخامرة والإنشاط.

1 / 119