"لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك عقلك، ومثل الإسلام جهله أحد؟ وقد سألني رسول الله ﷺ عنك فقال: أين خالد، فقلت: يأتي الله به، فقال: ما مثل خالد جهل الإسلام، استدرك يا أخي ما فاتك".
فما أتاني كتابه نشطت للخروج، وزادني رغبة في الإسلام، وسرتني مقاله النبي ﷺ، فأرى في المنام كأني في بلاد ضيقة جدبة، فخرجت إلى بلد أخضر واسع، فقلت: إن هذه لرؤيا، فذكرتها بعد لأبي بكر فقال: هو مخرجك الذي هداك الله فيه للإسلام، والضيق: الشرك، فأجمعت الخروج إلى رسول الله ﷺ، وطلبت من أصاحب، فلقيت عثمان بن طلحة، فذكرت له الذي أريد، فأسرع الإجابة، وخرجنا جميعًا، فأدلجنا سحرًا، فلما كنا بالهدّة إذا عمرو بن العاص فقال: مرحبًا بالقوم. فقلنا: وبك. فقال: أين مسيركم؟ فأخبرناه وأخبرنا أنه يريد أيضًا النبي ﷺ، فاصطحبنا، حتى قدمنا المدينة على رسول الله ﷺ أول يوم من صفر سنة ثمان، فلما طلعت على رسول الله ﷺ سلمت عليه بالنبوة، فردّ عليّ السلام بوجه طلق فأسلمت، فقال رسول الله ﷺ: «قد كنت أرى لك عقلًا، رجوت أن لا يسلمك إلا إلى الخير» وبايعت رسول الله ﷺ، وقلت: استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صدٍّ عن سبيل الله، فقال: «إن الإسلام يجبّ ما قبله»، ثم استغفر لي، وتقدَّم عمرو وعثمان بن طلحة فأسلما، فو الله ما كان رسول الله ﷺ من يوم أسلمت يعدل بي أحدًا من أصحابه فيما يجزبه.
٣ - تولي خالد الإمارة بعد استشهاد الأمراء في مؤتة: وعن إبراهيم بن يحيى بن زيد بن ثابت قال: لما كان يوم مؤتة، وقتل الأمراء، أخذ اللواء ثابت ابن أقرم، وجعل يصيح يا للأنصار، فجعل الناس يثوبون إليه، فنظر إلى خالد ابن الوليد فقال: خد اللواء يا أبا سليمان، فقال: لا آخذه، أنت أحقُّ به، لك