- والثالث: إن الحسن ما مدحه اللَّه، والقبيح ما ذمه اللَّه وعاقب عليه، وفي هذا وقع الخلاف، فقال الأشعري: إنه لا يعلم ولا يثبت إلا بالشرع، وقالت المعتزلة: بل العقل اقتضى ثبوته قبل الرسل صلوات اللَّه عليهم، ولا يفتقر في معرفته إلى شرع، إلا أنهم جعلوه ثلاثة أقسام:
- قسم علمه العقل ضرورة، كحسن الصدق النافع، وقبح الكذب الضار.
- وقسم علمه العقل نظرًا، كحسن الصدق الضار والكذب النافع.
- وقسم لم يصل إليه العقل، كوجوب صيام آخر يوم من رمضان وتحريم أول يوم من شوال.
فالأولان ورد الشرع مؤكدًا لما علمه العقل فيهما، والثالث ورد الشرع فيه مظهرًا لما لم يصل العقل إليه مع أن حسن جميعها وقبحه كان ثابتًا لها قبل الشرع (١)، وعند الأشعري أن الشرع هو الذي أنشأ الحسن أو القبح في الجميع، فإنه لا يثبت حكم قبل ورود الشرائع. وقال الأبهري: الأشياء قبل ورود الشرع على المنع وقال أبو الفرج على الإباحة (٢) وتوقف غيرهما (٣).
الباب السابع: فيما تتوقف عليه الأحكام
وهي ثلاثة: وجود السبب، ووجود الشرط، وانتفاء المانع (٤).
- أما السبب: فهو ما يلزم من وجوده وجود الحكم، ومن عدمه عدمه لذاته كدخول رمضان سبب في وجوب الصوم.
- وأما الشرط: فهو ما يلزم من عدمه عدم الحكم، ولا يلزم من وجوده وجود الحكم ولا عدمه لذاته كالصحة والإقامة في وجوب الصيام، فإن الإنسان قد يكون صحيحًا مقيمًا ولا يجب عليه الصيام في غير رمضان.
- وأما المانع: فهو ما يلزم من وجوده عدم الحكم، ولا يلزم من عدمه وجود الحكم ولا عدمه لذاته كالحيض مع الصيام.
_________
(١) انظر المستصفى ١/ ٥٥.
(٢) انظر شرح الكوكب المنير ص ١٠٣.
(٣) انظر البرهان ١/ ٩٩ - ١٠١، المستصفى ١/ ٦٣ - ٦٥، والأحكام للآمدي ١/ ٦٩ - ٧٢.
(٤) انظر الأحكام للآمدي ١/ ٩٠ - ١٠٠؛ شرح الكوكب المنير ص ١٣٤.
1 / 173