افتتاحية
الحمد لله الذي تقدست عن الشبيه ذاته، وتنزهت عن سمات الحدوث صفاته، وشهدت بربوبيته وألوهيته مخلوقاته، وأذعنت الجبابرة لعزته وعظيم سلطانه. سبحان من إله اتصف بصفات الكمال ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾، ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ﴾ يعطى ويمنع، ويخفض ويرفع، ويوصل ويقطع، ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ كما نطق بذلك صريح آياته.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا ضد ولا ظهير، تنزه عن الولد والوزير، الكل خلقه وإليه المصير، وهو الهادي من يشاء إلى سواء السبيل.
وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، وحبيبه وخليله، وأمينه على وحيه، والمبلغ عنه أمره ونهيه. صلوات ربي وسلامه عليه - أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك - وعلى الآل والصحب من الأنصار والمهاجرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، من العلماء العاملين والأئمة المجتهدين، وعباد الله الصالحين، الذين قارعوا أهل الكفر بالسنان، وأهل الزيغ والضلال باللسان، والحجة والبرهان وبعد:
فإن كثيرًا من تراث الأمة الإسلامية الضخم الذي خطته أيدي علمائها الأماجد عبر القرون الغابرة قد عدت عليه العوادي، فذهب أدراج الرياح،
1 / 5