فقط، وبهذا لم ننكر صبغ النحاس حتى يعود في مثل لون الفضة، وأنكرنا ومنعنا من أن نحيل طبع النحاس أصلا إلى طبع الفضة، كما لا سبيل إلى إحالة طبع الحمار إلى الإنسان ألبتة أصلا.
٨ - باب الفصل
ذكرت الأوائل في الفصل قسمين سموهما: عاميا وخاصيا، وليس وضعهما عندنا في باب الكلام في الفصل الذي نقصده في الفلسفة صوابا، لأنهما واقعان في باب الكلام في الفصل الذي لا يفصل الأنواع بعضها عن بعض تحت جنس واحد. مثل أن تقول: حي، ونفس الحمار حي، فأي الحيين تعني؟ فتقول: الحي الناطق الميت، فالناطق الميت فصلان، فصلا نوع الإنسان من نوع الحمار تحت جنس الحي، فهذا الفصل نريد، لا ما سواه. وهذا الذي يسميه الاوائل " خاص الخاص ": وبالله نستعين وبه التوفيق:
إن الفصل هو ما فصل طبيعة من طبيعة، فبان لنا به أن هذه غير هذه البتة مما إذا توهمنا أن ذلك الفصل معدوم مما هو فيه، مرتفع عنه، فقد فسد الذي هو فيه وبطل ألبتة، فانك متى رفعت النطق والموت عن الإنسان لم يكن إنسانا أصلا، بوجه من الوجوه، وهذا فرق ما بين الفصل والخاصة على ما يقع بعد هذا إن شاء الله تعالى. ولذلك سمي هذا الفصل ذاتيا فيما خلا قبل هذا. وبهذا الفصل تقوم الأنواع تحت الجنس وينفصل بعضها من بعض، ويتميز بعضها من بعض. ومنفعته عظيمة في كل علم، إذ قد يلزم بعض النامي ما لا يلزم بعضه، ويلزم بعض الحي ما لا يلزم سائره، فلولا الفصول المميزة لكل نوع على حدة، لاختلطت الأحكام والصناعات وجميع فوائد العالم، فلم تستبن.
واعلم أن هذه الفصول تسميها الاوائل " الجوهرية " للزومها ما هي فيه، فكأنها الجواهر لثباتها.
واعلم ان الفصول والاجناس والانواع لا تقبل الاشد ولا الاضعف، ولا
1 / 32