وأنت ترى؟ بما بينا - انه كلما ابتدأنا من عند انفسنا، نعنى الاشخاص، صاعدين إلى جنس الاجناس ابتدأنا بالكثرة، فكلما ارتفعنا قل العدد إلى ان نبلغ إلى الرؤوس التي ذكرنا. واذا ابتدأنا من هنالك لم نبتدئ الا بقسمين فقط وهما: جوهر ولا جوهر ثم نتزيد العدد في الكثرة إلى أن نبلغ إلى الانواع التي تلي الاشخاص.
واعلم ان العموم ليس بلا نهاية، لكن بنهاية، فاعم الاشياء قولك شيء وموجود، وهذا الذي يسميه النحويون أنكر النكرات، وكذلك الخصوص ليس أيضًا بلا نهاية، ولكن اخص الاسماء كلها فيما دون الله، ﵎، انا وانت، وهذا اعرف المعارف.
واعلم أن جنس الاجناس مبدأ لما تحته، كآدم للناس، والانواع كالامم، وانواع الأنواع كالقبائل، نريد أنها مثلها في التفرع عنها فقط.
واعلم أنهم قالوا: ان الجنس الذي هو جنس الاجناس مرسوم لا محدود لأنه ليس فوقه جنس يؤخذ حد منه وأما الانواع فمحدودة.
واما الاقسام التي تنقسم عليها انواع الانواع فانها تسمى أقساما وأصنافا؛ وذلك ذكور كل نوع وإناثه، أو سودانه أو بيضانه، أو ما اختلفت ألوانه من سائر الانواع، أو ما اختلفت طعومه مما استوى تحت نوع واحد من الثمار والنبات وسائر ما يختلف في صفة ما هو يجمعه كله نوع واحد؛ لأنك تجد الأسود والأبيض من الناس، والذكر والأنثى من كل نوع من الناس والحيوان غير الناطق وكثير من النوامي غير الحية، وذوات الألوان المختلفة من الخيل والدجاج وغير ذلك، فكل ذلك محدود بحد واحد، ومجتمع في طبيعته واحدة. وكثير من ذلك يعم أبعاضا من أنواع كثيرة، كالذكر والأنثى والأسود والأبيض، ومن المحال أن يكون نوع واحد تقع تحته طبائع مختلفة متضادة الصفات، لا تحد كلها بحد جامع لها؛ فلذلك لم نجعل هذه أنواعا جامعة لما تحتها، وإنما نبهنا على هذا لئلا يقول جاهل: إن هذه الأقسام مختلفة، فهلا جعلتموها أنواعا مختلفة فأريناه أن حدها واحد، وطبيعتها واحدة، وخواصها واحدة، وفصولها واحدة، وإنما [١٤ظ] اختلفت في الأعراض
1 / 31