الأمم لا سبيل إلى اعدامها. وقال تعالى في أنهلا مزيد من الانواع (١) ﴿وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته﴾ (١١٥ الانعام: ٦) وكذلك قوله تعالى: ﴿وعلم آدم الاسماء كلها﴾ (٣١ البقرة: ٢) .
برهان ثان: جميع الانواع محصورة العدد لا زيادة فيها لادخاله تعالى الكلية فيها والكلية لا تدخل الا في ذي نهاية، الا اننا لا نحيط بأعدادها نحن، فلسنا نحصر انواع الطير، ولا انواع الحيوان المائي والبري وسائر الحشرات، وإنما يعلم عددها باريها ﷿، الا انه متناه محصور كما قد منا. وبرهان ذلك ان ما لا نهاية فلا يجوز ان يكون اكثر منه، والاشخاص الواقعة تحت الانواع اكثر من الانواع، فلما كان ذلك وجب الانواع ليست مما لا نهاية له، واذا كان ذلك وجب انها متناهية ضرورة؛ ولما كانت أنواع الانواع لا نحيط بجزئيها اوجب ذلك علينا ان نتوصل إليها بالانواع التي تكون اجناسا لنصل إلى علم اتفاقها واختلا [فها] ولذلك لم ننحدر؟ من الاجناس الأول إلى الانواع المحضة؛ واما الاشخاص فليست محصورة لا عندنا ولا في الطبيعة، لاننا نجد بالحس الضروري أن الاشخاص من الناس إذا كان الطاعون أو قتل ذريع في يوم معركة، أنها قد قلت جدا عما كانت عليه بالامس، ثم إذا اتصل النماء والذرء وتهذنت البلاد، كاد المعمور (٢) يضيق بأهله لكثرتهم، فهم أبدا يزيدون وينقصون. والانواع ليست كذلك. لكنها لا [١٤و] تزيد ولا تنقص أبدا إلا أن يشاء الخالق إفناء ما شاءه منها يوم البعث في عالم الجزاء [فهو] القادر على ما يشاء لا إله إلا هو.
وأما الاشخاص فليس لها عدد تقف عنده، فلا يمكن أن تزيد ولا تنقص، ولكن ما خرج منها إلى الوجود فمحدود العدد، محصور مذ خلق الله العالم إلى كل وقت يقال فيه الآن. وأما ما لم يخرج منها بعد إلا أنه مما علم الله تعالى أنه سيخرج فهو في علم الله تعالى محدود محصور وفي الطبيعة معدود إذا خرج، لا قبل أن يخرج، والزيادة فيه ممكنة في قوته ﷿ بلا نهاية في عدد ولا أمد.
_________
(١) بهامش ص عند قوله " لا مزيد في الانواع " لا يخفى ما فيه لقوله: " ويخلق ما لا تعلمون " ثم اورد المعلق حكاية رواها أبو نعيم في الحلية عن امرأة مزدوجة الخلقة.
(٢) المعمور: العمور.
1 / 30