السخف والسفطة وقال: أنا أريد أن أسمي جنسا كل اسم عبر به عن كثير وجماعة، ولا أبالي باتفاق طبائعها تحت ذلك الاسم أو باختلافها، قلنا له: لسنا ننازعك ولا ننفق معك الساعات في ما لا فائدة فيه، إلا أننا نقول لك قولين كافيين لمن عقل ولم يرد الشغب، فنقول: إن عزمت على ما ذكرت وكنت موحدا، فاعلم أنك قد أوقعت الله ﷿ تحت الأجناس، لأنه تعالى موجود وحق ومثبت. فإذا أوقعته تحت جنس فقد جعلته محدودا ضرورة، إذ كل ما وقع تحت جنس فمحدود، تعالى الله عن ذلك. والقول الثاني نقول: لسنا ننازعك في الجيم والنون والسين فان بدا لك أن تسمى يدك أو رجلك أو ضرسك جنسا فلا مانع لك من ذلك إلا أنك تحتاج إلى من يوافقك على التخاطب بهذه اللغة التي أحدثتها، وحسبنا أنك تقف عند طاعتك في اسم توافقنا عليه، نتفق على إيقاعه على كل جماعة تجمعها طبيعة واحدة تقوم منه فصولها، فتوجد منه حدودها، ويوجد أيضًا تحته كثيرون مختلفون بأنواعهم، لنتفاهم به مرادنا، فان أبيت من ذلك ولم توقع ما دون الخالق تعالى تحت حدود، فانك واقع تحت المجاهرة بمكابرة العقل والحواس، لأنك ترى ضرورة أشياء تتفق في صفة واحدة، وأشياء أخر تخافها في تلك الصفة وتتفق في صفة أخرى، وهذا هو معنى الحد لأن كل صفة تحد ما هي فيه دون ما ليست فيه، لا يدفع ذلك إلا مجنون أو من هو في أسوأ من حال المجنون لقصده إبطال الحقائق وتلبيس المعارف وإثبات الاشكال. ومن يبغ [هذا] ها هنا ترك الكلام معه، إذ غايتنا ممن نكلم أن ينصرف إلى الحق أو للحق لا الذين (١) لا تجري أحكامهم العقل عليهم، مع أن هذا كفر من معتقده، أن كان ممن يسم نفسه بالايمان؛ وبالله نعوذ من الضلال وما دعا إليه.
وبهذا نكلم أيضا من قال لنا: هلا سميتم نوعا ما سميتم جنسا وسميتم جنسا ما سميتم نوعا، فاني قد يسأل هذا السؤال الاحمق. واعلم أن الجوهر وحده دون سائر الاشياء التي ذكرنا موجود بنفسه وسائرها متداول عليه، وكلها موجود به لا سبيل إلى أن توجد دونه البتة،
_________
(١) لا الذين: بالذين.
1 / 25